إلغاء زيارة رئيس طاجيكستان لموسكو في ظروف ملتبسة

بعد نجاح واشنطن في تطبيع علاقاتها مع بلدان في الكومنولث

TT

أعلن دولت نصري، المتحدث الرسمي باسم الخارجية الطاجيكية، إلغاء الرئيس إمام على رحمنوف زيارته لموسكو، واعتذاره عن لقائه مع نظيره الروسي دميتري ميدفيديف، وعن المشاركة في قمة رؤساء بلدان معاهدة الأمن الجماعي المقرر عقدها في موسكو غدا. وقد جاءت هذه التصريحات التي نقلتها وكالة أنباء «إنترفاكس» الروسية في أعقاب توجهات مماثلة كشفت عنها أوزبكستان التي سبق أن أعلنت قرارها حول تجميد عضويتها في منظمة «أوروآسيا» بعد أن سبق وغابت عن اجتماعات معاهدة الأمن الجماعي، فيما رفضت مع بقية بلدان الكومنولث الاستجابة لطلب موسكو حول الاعتراف بأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، ما يشكل ضربة موجعة لسياسات موسكو في الفضاء السوفياتي السابق. وكان الرئيس ميدفيديف قد سارع بزيارة أوزبكستان في محاولة لاحتواء الموقف واسترضاء طشقند، التي كانت قد أعلنت عن مفاوضاتها مع واشنطن حول القواعد العسكرية الأميركية، في إطار استجابتها لبوادر غزل من جانب الولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي، بعد الإعلان عن رفع العقوبات المفروضة على طشقند منذ أحداث إنديجان عام 2005. وأشارت صحيفة «كوميرسانت» الروسية إلى أن طاجيكستان اتخذت قرار الاعتذار عن لقاء ميدفيديف ردا على تصريحاته في طشقند، التي كشف فيها عن أن موسكو سوف تراعي مصالح «أطراف ثالثة»، في إشارة إلى أوزبكستان، لدى مباحثاتها مع طاجيكستان حول بناء محطة روغونسكايا الكهرمائية. وأشارت الصحيفة إلى أن أوزبكستان أعربت عن اعتراضها على بناء محطة راغونسكايا خشية أن يؤدي إلى شح المياة اللازمة لري أراضيها، في نفس الوقت الذي ترغب فيه طاجيكستان في بناء المحطة بسبب حاجتها الماسة إلى الطاقة واستمرارها في تقييد إمداد مواطنيها بالكهرباء وقصرها على بضع ساعات في اليوم. وكانت طاجيكستان قد أعربت عن تذمرها من عدم استجابة موسكو لمبادراتها، التي تناشدها فيها تقديم المساعدة في بناء هذه المحطة، وكذلك إعادة النظر في شروط وجود القاعدة العسكرية الروسية في أراضيها، في الوقت الذي «تمنح فيه المساعدات لقيرغيزيا، وتحاول استرضاء أوزبكستان».

وفي الوقت الذي أعلنت فيه الخارجية الطاجيكية خبر إلغاء زيارة رحمنوف لموسكو بحجة ضرورة بقائه في البلاد لمواصلة علاج أزمة الطاقة، عادت وأشارت إلى أنه سيقوم بزيارة بروكسل، حيث يلتقي قيادات الاتحاد الأوروبي وبلدان البلطيق وكرواتيا. فقد نقلت «الصحيفة المستقلة» عن عبد الفتاح شريبوف المتحدث الرسمي باسم الرئيس رحمنوف قوله «إن زيارة الرئيس رحمنوف لموسكو مقررة في الثالث من فبراير (شباط) وأنه سوف يشارك في قمة رؤساء بلدان معاهدة الأمن الجماعي ومنظمة «أوروآسيا» الاقتصادية. أما عن اللقاء المقرر مع الرئيس ميدفيديف، فقد أشارت الصحيفة إلى أن أحدا في دوشنبه لم يستطع الجزم بشيء عنه، إلا أنها نقلت عن سيف الله صفروف، مدير مركز الأبحاث الاستراتيجية التابع لمؤسسة الرئاسة قوله «إن الرئيس، وبوصفه سياسيا يتسم بالمرونة، سيزور موسكو، وسوف يتعامل مع الموقف الناجم عن مذكرة الخارجية الطاجيكية التي قدمتها للاستفسار عن حقيقة تصريحات الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف في أوزبكستان «في إشارة إلى موقف موسكو من بناء محطة راغونسكايا في طاجيكستان. وبغض النظر عن صحة الأنباء حول اعتذار رحمنوف عن اللقاء مع ميدفيديف أو حول مشاركته أو عدم مشاركته في قمة موسكو، فإن كثيرا من الدلائل تشير إلى تعثر سياسات موسكو في الفضاء السوفياتي السابق، وضرورة إعادة النظر في هذه السياسات، على ضوء ما تحققه واشنطن والدوائر الغربية من نجاحات في تطوير علاقاتها مع الكثير من بلدان الاتحاد السوفياتي السابق، واستمالة بعضها إلى فلكي الناتو والاتحاد الأوروبي.