9 دول عربية تنسق تحركا لوضع حد للتدخلات غير العربية ودعم السلطة الفلسطينية

وزير الخارجية التونسي لـ«الشرق الأوسط»: تونس مع دعوة خادم الحرمين إلى المصالحة وجهود مصر

TT

في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية التونسي عبد الله عبد الوهاب الذي شارك في الاجتماع الوزاري العربي في أبوظبي، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن اجتماع أبوظبي ركز على تبادل وجهات النظر التي تتعلق بتنقية الأجواء العربية وكل الملفات المطروحة في المنطقة والسبل الكفيلة بمعالجتها، وأفاد بأن الاجتماع اتفق على تشجيع المصالحة العربية - العربية والفلسطينية الفلسطينية، وبما ينهي حالة الانقسام التي تعاني منها الساحة الفلسطينية. وحول رؤية تونس حيال هذه القضايا وعما إذا كانت قد اقترحت مواقف محددة خلال اجتماع أبوظبي، أكد الوزير عبد الله عبد الوهاب أن تونس مع الطرح العربي الخاص بإنهاء الانقسام والمصالحة المستندة إلى دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، التي طرحها في قمة الكويت عندما أعلن عن تجاوز الخلافات العربية، وأن باب الأخوة العربية والوحدة مفتوح لكل العرب دون استثناء أو تحفظ، وأضاف أن «دعوة خادم الحرمين الشريفين واضحة تماما، ونحن معها لإنهاء كل الحالات القاسية التي تعاني منها المنطقة بسبب الانقسام العربي»، وشدد الوزير التونسي كذلك على تأييد بلاده للجهود المصرية ولكل الجهود التي تؤدي إلى المصالحة العربية ولمّ الشمل العربي ووحدة الفلسطينيين وكل ما يؤدي إلى التقارب العربي.

وأوضح أن اجتماع أبوظبي مفتوح للتشاور المستمر بين الدول العربية التي شاركت فيه والتي لم تشارك، وأكد أن الوضع الفلسطيني الراهن لا يخدم القضية، ويضر بمصالح الشعب الفلسطيني، وأكد حقه في بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس. وقال إن الرئيس زين العابدين بن على يولي اهتمام كبيرا بضرورة وحدة الصف الفلسطيني التي تضمن وحدة الأرض والشعب في مواجهة العدوان الإسرائيلي. الى ذلك, وبعد اجتماع استمر 4 ساعات أحيط بتكتم شديد، دشنت 9 دول عربية تحركا مشتركا من أجل تشكيل توافق عربي يضع حدا للتدخلات غير العربية، ويدعم السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير، ويحشد الدعم لمبادرة السلام مع إسرائيل.

وشارك في الاجتماع وزراء السعودية ومصر والأردن وتونس والمغرب واليمن والبحرين والإمارات، إضافة إلى وزير الخارجية الفلسطيني. وقالت مصادر مطلعة على أجواء الاجتماع لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماع الذي عقدته الدول المشاركة هذه ليس الأول من نوعه، و كانت قد عقدت قبله اجتماعا تنسيقيا آخر أثناء قمة الكويت الاقتصادية، كان الهدف منه «تنسيق المواقف» بين هذه الدول لمواجهة مواقف ما يعرف بـ«دول الممانعة». وتقول المصادر إن أحد الأهداف لهذا الاجتماع هو أن يكون هناك موقف موحد للقضايا العربية الرئيسية، بدلا من أن تقتصر هذه المواقف على الرد على ما تتخذه ما تعرف بدول الممانعة في القرارات العربية الرئيسية. وبحسب المصادر فإن غالبية مواقف الدول العربية هذه كانت ترد فيها على ما تثيره الدول الممانعة، غير أن هذا الاجتماع يبحث في تحديد أطر للقضايا الرئيسية، بأن يكون هناك موقف موحد منها. ونفت المصادر أن يكون هذا الاجتماع هو بداية لتكتلات عربية، مؤكدة أن من حق أي مجموعة من الدول العربية أن تلتقي فيما بينها «في أي وقت».

وبحسب المعلومات التي ترشحت من داخل الاجتماع، الذي حضره وزراء الخارجية فقط دون الوفود المرافقة لهم، فقد كان الهدف هو الخروج بموقف واحد لهذه الدول قبيل الاجتماع الدوري لوزراء الخارجية العرب الذي سيعقد في القاهرة في مارس (آذار) المقبل، وكذلك تنسيق المواقف قبيل قمة الدوحة العربية الدورية، التي ستعقد في الشهر ذاته. ونفت المصادر أن يكون الاجتماع قد تم الترتيب له بشكل مفاجئ، مؤكدة أنه تم الاتفاق عليه مسبقا بين الدول ذاتها، وهو ما كشفت عنه الجولات المكوكية التي قام بها وزير الخارجية الأردني الأسبوع الماضي بين عدد من الدول العربية. وقال وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، بعد انتهاء الاجتماع، إن الاجتماع «جزء من المجهود العربي للتشاور ولدعم الوحدة العربية وتنسيق المواقف، بناء على النداء الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز خلال قمة الكويت» والمتعلق بالمصالحة العربية والفلسطينية. وأضاف «نعمل لنتغلب على هذه الظروف الصعبة، ولدعم توافق عربي من شأنه أن يوقف التدخلات غير المرحب بها وغير البناءة في شؤوننا من قبل أطراف غير عربية». ويشير الشيخ عبد الله بذلك على ما يبدو إلى إيران، التي تدعم حماس التي تسيطر على قطاع غزة وهي على خلاف حاد مع حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وأكد الشيخ عبد الله أن الاجتماع «ستتبعه اجتماعات أخرى خلال الأسابيع المقبلة» و«سينضم إليه مزيد من وزراء خارجية الدول العربية».

وأتى الاجتماع في ظل انقسام حاد على الساحة الفلسطينية، وفي خضم المشاورات الدبلوماسية المكثفة حول الوضع في غزة، حيث يسود وقف إطلاق نار هش منذ 18 يناير (كانون الثاني). وفي هذا السياق، قال الشيخ عبد الله «نجتمع لأننا نريد أن ندعم الوحدة العربية، وحشد التأييد لمبادرة السلام العربية، ولإعطاء مزيد من الدعم للسلطة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس».

وأضاف «اجتمعنا أيضا لنقدم الدعم لمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني». وكان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل قال إن «منظمة التحرير الفلسطينية في حالتها الراهنة لم تعد تمثل مرجعية الفلسطينيين، وتحولت إلى إدارة لانقسام البيت الفلسطيني»، الأمر الذي أثار جدلا واسعا على الساحة الفلسطينية، ورد عليه محمود عباس برفض الحوار مع كل من يرفض مرجعية منظمة التحرير. إلى ذلك، أكد الوزراء، بحسب وزير الخارجية الإماراتي، «تأييد المبادرة والجهود المصرية للوصول لتهدئة» في غزة وللتوصل «إلى صيغة وفاق» بين الفلسطينيين. كما عمل الوزراء على «تجهيز الأرضية لعقد مؤتمر المانحين في مصر» الذي سيعقد في الثاني من مارس (آذار) «بالمشاركة الكاملة للسلطة الفلسطينية». ودعا الوزراء إلى «وقف جميع عمليات الاستيطان الإسرائيلية» خاصة في منطقة القدس، وأكدوا، بحسب الشيخ عبد الله، أنهم سيبقون «على الاتصال والتشاور مع عدد من الدول العربية الأخرى». وكان وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أكد لوكالة الصحافة الفرنسية في وقت سابق أن الاجتماع الوزاري العربي يهدف إلى «تنقية الأجواء» استعدادا للقمة العربية المقبلة في الدوحة، ودعما لجهود المصالحة الفلسطينية. وأكد المالكي أن «الهدف الأساسي من الاجتماع هو تعزيز الجهد العربي المشترك وتنقية الأجواء العربية – العربية، خاصة بعد ما حدث في قمة الكويت، ونريد أن نذهب إلى قمة الدوحة في أجواء إيجابية من أجل إنجاح قمة الدوحة». ويفترض أن تستضيف الدوحة في أواخر مارس (آذار) المقبل القمة العربية العادية، علما أن العاصمة القطرية استضافت الشهر الماضي قمة حول غزة، حضرها رؤساء عرب ومسلمون، أثارت الكثير من الجدل، ولم تحظ بغطاء الجامعة العربية، وحضرها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد. من جهته قال وزير الخارجية التونسي عبد الوهاب عبد الله إن الهدف من الاجتماع «كان التشاور حول أفضل السبل لتجاوز خلافاتنا العربية، وللإسهام في المصالحة الفلسطينية». وذكر عبد الله أنه من المقرر أن تتوالى المشاورات بمناسبة انعقاد الاجتماع الوزاري لمجلس الجامعة العربية المقرر في الثالث من مارس (آذار) المقبل. وعلى صعيد آخر، قال مصدر دبلوماسي عربي إنه «كان مقررا أن تشارك الكويت والعراق في الاجتماع، وهما جزء من هذه المجموعة». وعقد وزراء الإعلام في عدة دول عربية اجتماعا موازيا لاجتماع وزراء الخارجية، بعد ظهر أمس. وذكر المالكي أن الهدف من اجتماع وزراء الإعلام في أبوظبي هو «للبحث عن الرسالة الإعلامية التي تتناسب مع الطرح السياسي، والعمل على تنفيذ الخطاب السياسي عبر رؤية إعلامية مناسبة».

إلى ذلك، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أمس، إلى ضرورة إرساء وقف مستدام لإطلاق النار في غزة، وإلى فتح جميع المعابر المؤدية إلى القطاع.

وقال بان في تصريحات للصحافيين بعيد وصوله إلى أبوظبي في أول زيارة رسمية له إلى الإمارات «يجب أن يكون هناك وقف مستدام لإطلاق النار.. هذا ما أركز عليه بالنسبة للجهود الدبلوماسية المشتركة مع قادة العالم».

وعن المعابر المغلقة حول قطاع غزة، قال بان «نريد أن تفتح جميع المعابر.. لجعل وقف إطلاق النار دائما». واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، الذي سيجري سلسلة من اللقاءات مع المسؤولين الإماراتيين أنه «كلما طال وقف إطلاق النار، ذلك سيكون أفضل للسلام في الشرق الأوسط».