إيران تطلق أول قمر صناعي بتكنولوجيا محلية.. وواشنطن تعتبره «مقلقاً» ولا يغير قواعد اللعبة

مشعل يقدم تقريرا حول حرب غزة إلى خامنئي.. ويخاطب برلمان إيران

صورة وزعتها وكالة «فارس» الإيرانية أمس تظهر الصاروخ «سفير2» الذي يحمل القمر الصناعي «أوميد» (أ.ب)
TT

أعلنت إيران أمس أنها وضعت في مدار حول الأرض، أول قمر اصطناعي، بتكنولوجيا محلية، مما يعزز قلق الأسرة الدولية من قدرات الدولة الإسلامية. وبهذه الخطوة تصبح إيران الدولة الثانية بالمنطقة بعد إسرائيل التي لديها القدرة على صنع وإطلاق الأقمار الاصطناعية. وردت واشنطن معبرة عن قلقها، وقالت إن القمر الإيراني «ليس تحفة فنية» لكنه «خطوة رمزية مهمة»، وأشارت، رغم ذلك، إلى أنه «لا يغير من قواعد اللعبة من الناحية الاستراتيجية».

وقالت وكالات أنباء إيرانية أمس، إن القمر «أميد» (الأمل باللغة الفارسية) صُنع بأكمله في إيران، وأُطلق مساء أول من أمس، بواسطة الصاروخ الإيراني سفير 2. ووضع في المدار حول الأرض، ويستطيع القيام بـ15 دورة حول الأرض خلال 24 ساعة، وتجري مراقبته مرتين عبر المحطة الأرضية في كل دورة. وكانت باكستان لجأت إلى الصين لوضع أقمارها الاصطناعية في المدار.

وقال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إن طهران أطلقت القمر أوميد وهي تحتفل بالذكرى الثلاثين للثورة الإسلامية. وأضاف «بعد أشهر من البحوث والتجريب والحساب.. أخيراً أطلق إلى الفضاء أول قمر اصطناعي إيراني محلي الصنع أنتج بالكامل بأيدي علمائنا الإيرانيين الأحباء بصاروخ صنع أيضاً بالكامل بأيدي خبرائنا». ومضى يقول «أهنئ من كل قلبي الأمة الإيرانية. كل الخبراء الشبان الذين يحبون إيران ورقي الإنسان. كل أولئك الذين يشكرون الله ويبحثون عن العدالة».

ويمكن للصواريخ بعيدة المدى العابرة للقارات التي تستخدم في وضع الأقمار الاصطناعية في مدارات حول الأرض أن تستخدم أيضاً لإطلاق الأسلحة وإن كانت إيران تقول إنها لا تنوي القيام بذلك. ويرى محللون أن هذه الخطوة ستثير على الأرجح قلق إسرائيل. وقال محلل سياسي إيراني إن إطلاق القمر الاصطناعي أوميد هو رسالة للعالم مفادها أن إيران «قوية جداً وعليكم التعامل معنا بطريقة صحيحة».

وعرض التلفزيون الإيراني لقطات ظهر فيها الرئيس محمود أحمدي نجاد يصدر الأمر بإطلاق الصاروخ الذي يحمل «رسالة صداقة وسلام من الرئيس»، على حد قول وكالة فارس. أما وكالة الأنباء الطلابية، فقد قالت إن أول عملية للقمر هي بث هذه الرسالة إلى الأرض. وتقول رسالة نجاد «أيها الشعب الإيراني العزيز، لقد أرسل أبناؤكم أول قمر اصطناعي من صنعهم وضع في مدار الأرض باسم الله والإمام الثاني عشر» للشيعة. وأضافت أن «الوجود الرسمي لإيران في الفضاء سجل في التاريخ من أجل تعزيز الإيمان بالله والعدالة والسلام».

وذكر التلفزيون الإيراني أن «القمر الاصطناعي أوميد يحمل معدات لاختبار السيطرة على القمر الاصطناعي ومعدات للاتصالات ومعدات رقمية وأنظمة إمداد الطاقة». وقال «إنه مخصص لجمع المعلومات واختبار المعدات». وأنه سيعود إلى الأرض بعد أن يظل في مداره ما بين شهر وثلاثة شهور حاملاً بيانات تساعد الخبراء على إرسال «قمر اصطناعي عامل» إلى الفضاء. وأشار التلفزيون إلى أن إيران لديها بالفعل قمر اصطناعي في مدار حول الأرض هو سينا 1 لكنه أُطلق عام 2005 بصاروخ روسي.

من جهته قال وزير الخارجية الإيراني، منوشهر متقي، في مؤتمر صحافي على هامش قمة للاتحاد الأفريقي منعقدة في أديس أبابا إن «القدرات التكنولوجية في إيران تستخدم لأغراض سلمية وتستهدف تغطية الاحتياجات الوطنية. اليوم الأقمار الاصطناعية تمنحنا القدرة على جمع معلومات وبيانات عن البيئة والمناخ.. والكثير من المعلومات الضرورية التي نحتاجها للمشروعات التكنولوجية والزراعية والاقتصادية. الفرق بيننا وبين بعض الدول التي تملك هذه القدرات هي أننا نؤمن بأن العلم ملك للبشر». وقال إن «جورج بوش (الرئيس الأميركي السابق) أفسد الرأي العام العالمي بكذبته الكبرى بشأن برنامجنا النووي.. وهي أننا نسعى للحصول على سلاح نووي. هذه الكذبة مثل باقي الأكاذيب الأخرى التي روجتها إدارة بوش التي كانت أسوأ إدارة في تاريخ الولايات المتحدة قد انكشفت. إيران ليست في حاجة إلى أسلحة نووية. إنها لا تؤمن بالأسلحة النووية. نحن نؤمن بقوة بالرأي القائل إن الفترة التي كانت فيها الأسلحة النووية تمنح التفوق لأحد قد ولّت. الأسلحة النووية لا تجدي نفعاً في محاولة علاج الأزمات العالمية».

وأعلنت عدة دول غربية أخرى قلقها من الخطوة الإيرانية، فقد قال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أمس إن إطلاق إيران لقمر اصطناعي يثير القلق لأن بعض التكنولوجيا يمكن استخدامها في تطوير الصواريخ بعيدة المدى. وقال جيف موريل المتحدث الصحافي باسم البنتاغون للصحافيين «هذا بالتأكيد سبب يدعونا للقلق بشأن إيران ومحاولاتها المستمرة لتطوير برنامج لصواريخ ذات مدى أبعد». وقال مسؤول أميركي طلب عدم ذكر اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية، إن إيران وضعت قمراً اصطناعياً في مدار منخفض. وحرص هذا المسؤول على التقليل من أهمية هذه الخطوة. وأضاف «يجب بالطبع إبقاء العين مفتوحة على ما جرى فوق ولكن هذا الأمر لا يدق ناقوس الخطر». وأكد أن «تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية ليست حديثة، هناك درجات متفاوتة من التطور، وبالتأكيد لن أصنف (القمر الاصطناعي الإيراني) في خانة الأقمار الاصطناعية الأكثر تطوراً تكنولوجياً». وأشار مسؤول آخر للصحافيين في واشنطن إلى أن القمر الإيراني «ليس تحفة فنية» لكنه «خطوة رمزية مهمة.. ولا يغير من قواعد اللعبة من الناحية الاستراتيجية».

من جهتها دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، أمس، إيران إلى أن تصير «عضوا بنّاء» في المجتمع الدولي، وقالت إن القوى الدولية ستتباحث بشأن الاستراتيجية المتعلقة بإيران اليوم. وأضافت كلينتون في تصريح صحافي برفقة وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند: «من الواضح أن لدى إيران فرصة لاتخاذ خطوة إلى الأمام، وأن تصير عضوا بنّاء في المجتمع الدولي. إننا نمد يدا، ولكن يتعين عليها أن ترخي قبضتها». وأشارت إلى أن الدبلوماسي الأميركي البارز بيل بيرنز، سينضم إلى مسؤولين من القوى الدولية في ألمانيا، اليوم، لبحث الاستراتيجية الدولية لوقف طموح إيران النووي.وقال مسؤول أميركي في مجال الأمن القومي، أمس، إن خطوة إيران ذات أهمية رمزية، لكنها لا تغير في حد ذاتها التوازن الاستراتيجي في المنطقة. وأضاف المسؤول الذي كان يتحدث لـ«رويترز» شريطة عدم الإفصاح عن اسمه: «تكنولوجيا الأقمار الصناعية التي استخدموها قد لا تكون الأحدث، ولكن بالنسبة إلى الإيرانيين، هذه خطوة رمزية مهمة إلى الأمام».

وفي لندن قال وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية بيل راميل أمس إن «هذا الاختبار يبين ويظهر قلقنا الشديد حيال نوايا إيران»، مؤكداً أن بلاده تجري تحليلات تقنية لإعلان طهران وضع قمر اصطناعي في المدار. وقالت ناطقة باسم الوزارة لوكالة الصحافة الفرنسية إن «المخاوف التي تثيرها إيران كبيرة جداً، حيث إنها لا تحترم حزمة قرارات للأمم المتحدة حول برنامجها البالستي والنووي». وفي باريس، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية أمس أن التكنولوجيا الإيرانية «مشابهة جداً للقدرات البالستية». وتابع «لا يسعنا سوى أن نربط ذلك بالمخاوف الشديدة بشأن تطوير (إيران) قدرة عسكرية نووية».

وأعلنت إيران في 17 أغسطس (آب) أنها أطلقت بنجاح الصاروخ «سفير»، مؤكدة أنه قادر على نقل قمر اصطناعي خفيف. وشككت دول غربية عدة في الإعلان، من بينها فرنسا مثلا التي قالت إن «الصاروخ لا يتمتع بقدرات للعمل خارج طبقات الجو». ويقع الحد الفاصل بين طبقات الجو والفضاء على ارتفاع مئة كيلومتر. كما أعلنت إيران في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) أنها أطلقت بنجاح صاروخها الفضائي الثاني «كاوشكر 2» وتمكنت من استعادة مسبار كان يحمله. ويبدو أن الصاروخين مشتقان من الصاروخ البالستي «شهاب 3»، الأفضل أداءً في الترسانة الإيرانية ويبلغ مداه المعلن حوالي ألفي كيلومتر. ويمكن لهذا الصاروخ المنبثق عن الصاروخ الكوري الشمالي نو دونغ، نظرياً، أن يضرب إسرائيل وجنوب شرق أوروبا. وانتقد الغربيون البرنامج الفضائي الإيراني الذي يخشون أن تستخدمه إيران لتطوير قدراتها البالستية الضاربة.