واشنطن تبقي مهندس العقوبات الإيرانية في موقعه ورايس تفتح قنوات حوار مع طهران

كلينتون: قوى دولية ستبحث اليوم في برلين الاستراتيجية بشأن إيران

TT

دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، أمس، إيران إلى أن تصير «عضوا بنّاء» في المجتمع الدولي، وقالت إن القوى الدولية ستتباحث بشأن الاستراتيجية المتعلقة بإيران اليوم. وأضافت كلينتون في تصريح صحافي برفقة وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند: «من الواضح أن لدى إيران فرصة لاتخاذ خطوة إلى الأمام، وأن تصير عضوا بنّاء في المجتمع الدولي. إننا نمد يدا، ولكن يتعين عليها أن ترخي قبضتها». وأشارت إلى أن الدبلوماسي الأميركي البارز بيل بيرنز، سينضم إلى مسؤولين من القوى الدولية في ألمانيا، اليوم، لبحث الاستراتيجية الدولية لوقف طموح إيران النووي.

وفي خطوة توحي باستمرار السياسة المتشددة تجاه إيران، قررت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الاحتفاظ بمسؤول الإرهاب والاستخبارات المالية بوزارة الخزانة في إدارة الرئيس السابق جورج بوش، الذي قاد الجهود في الضغط على إيران بفرض عقوبات اقتصادية. فيما أفادت معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية في نيويورك أن سوزان رايس سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة هي التي ستتولى فتح قنوات الحوار الأولى مع طهران.

وقرر تيموثي غيثنر وزير الخزانة الأميركي إبقاء ستيورات ليفي وكيل الوزارة المكلف بالإرهاب والاستخبارات المالية، وهو الموقع الذي ظل يشغله منذ عام 2004، ومن خلاله وضع جميع الخطط والإجراءات المتعلقة بفرض حظر على إيران، وكذلك على أشخاص ومنظمات مرتبطة مع الإيرانيين.

ونوه غيثنر بالدور الذي لعبه ليفي وقال إنه «عمل بتميز لعدة سنوات كوكيل لوزارة الخزانة، وقاد جهدا عالميا للحيلولة دون استعمال النظام المصرفي العالمي لتمويل الإرهاب وانتشاره. وأجد أنه من المصلحة الوطنية أن يواصل ليفي عمله الضروري، ويعمل على مواجهة التحديات المهمة التي تواجه البلاد كجزء من إدارة الرئيس أوباما». وقال مصدر في الوزارة إن تصريحات غيثنر جاءت بعد أن أبلغ ليفي بأنه سيستمر في منصبه.

ومنذ صباح أمس استأنف ليفي عمله في وزارة الخزانة دون حاجة إلى تثبيت من طرف الكونغرس، ذلك أن المسؤولين الذين سبق أن مثلوا أمام الكونغرس ويستمرون في ممارسة مهامهم، لا حاجة لهم للمثول مرة ثانية أمام لجان الكونغرس.

وفي موضوع ذي صلة قال مصدر دبلوماسي رفيع لـ«الشرق الأوسط»، إن سوزان رايس مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة أبلغت وفود الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن أنها ستتولى شخصيا فتح قنوات الحوار مع إيران، طبقا للسياسة التي كان قد أعلن عنها الرئيس باراك أوباما سابقا بفتح حوار مع الإيرانيين. وكان قد تردد أن واشنطن ستعين مبعوثا خاصا لإيران، بيد أن هذا الموضوع بقي مجرد تكهنات حتى الآن. وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه: «أبلغت رايس بالأمر وفدَي اثنتين من الدول الدائمة العضوية، ولا أعرف ما إذا كانت فعلت الأمر نفسه مع باقي الأعضاء».

يشار إلى أن رايس كانت قد بدأت نشاطها في نيويورك باللقاء مع الدول الخمسة دائمة العضوية، إضافة إلى ألمانيا. وأشار المصدر إلى أن رايس قالت إن الخطوة تندرج ضمن أسلوب «الدبلوماسية المباشرة» مع إيران، وقال المصدر إنه يرجح أن تبدأ قنوات الحوار في الأمم المتحدة ثم تنتقل بعد ذلك إلى المنطقة. ويقول محللون وخبراء إيرانيون إن طهران وضعت شروطا صعبة للحوار مع الولايات المتحدة، لكسب الوقت من أجل عملية صنع القرار الخاصة بها، التي تتسم بالبطء والغموض، وتواجه معضلة بشأن ما إذا كان يجب أن تنفتح أم لا. وستجري انتخابات رئاسية في إيران في يونيو (حزيران) يمكن أن تقوي الأصوات المعتدلة التي تؤيد الانفتاح على حساب المعارضين الأكثر تشددا. وقال علي أنصاري من جامعة سانت أندروز في اسكتلندا لوكالة «رويترز»: «النخبة السياسية الإيرانية ليست متأكدة تماما من الذي يجب أن تفعله بشأن الولايات المتحدة.. إنهم يفكرون في العلاقات على المدى الطويل، لكنه لم يكن متوقعا منهم أن يتخذوا قرارا الآن». وأضاف أنصاري أن «نداء أحمدي نجاد للولايات المتحدة بأن تعتذر عن 60 عاما من الأخطاء، هو مجرد سعي لكسب الوقت».

وتقول طهران أيضا إنها لا تستطيع التخلي عن حذرها ما دامت القوات الأميركية متمركزة على حدودها مع العراق وأفغانستان، ومن المستبعد أن تتم تلبية هذه المطالب قريبا. وتعهد أوباما بانسحاب كبير من العراق في غضون عام لكنه يأمل في تعزيز القوات بأفغانستان.

لكن تكتيكات إيران قد تساعد في تعطيل التواصل بينما تفكر مؤسسة سياسية بيزنطية في الخطوة التالية، أو تحدد أي التنازلات التي يمكن الحصول عليها من واشنطن. وقال حميد رضا جالايبور، الأستاذ بجامعة طهران:: «في رأيي هناك فرعان بين المسؤولين»، مشيرا إلى البراجماتيين الذين يسعون إلى المحادثات، والمتشددين المعارضين لها. وقال دبلوماسي في طهران: «مع الإيرانيين هناك دائما مجموعتان من المفاوضات: تلك التي تخوضها معهم، وأخرى يجرونها فيما بينهم». وقال دبلوماسي آخر: «المجازفة هي أن هؤلاء الذين يعتقدون أن مصالح إيران يخدمها بشكل أفضل تشبثهم بخطابهم المتشدد.. قد يفوزون».