رسامة غوانتانامو : عندما رأيت خالد شيخ محمد أول مرة حسبت أنني في مواجهة راسبوتين

جانيت هاملين قالت لـ «الشرق الأوسط» إن « ك. إس. إم» يتمتع بكاريزيما خاصة بين زملائه الذين يستمعون اليه أو يستجيبون له حتى عبر الإشارات

جانيت هاملين وفي الاطار بطاقة التعريف الخاصة بها وقد ضمنتها صورة عدد من المتهمين بالإضافة إلى صورة خالد شيخ المتهم الأبرز في تفجيرات سبتمبر 2001 («الشرق الأوسط»)
TT

الرسامة الأميركية جانيت هاملين باتت من المعالم البارزة في تاريخ المحاكمات العسكرية بقاعدة غوانتانامو البحرية بكوبا، فهي الشخص الوحيد المصرح له بالدخول الى قاعة المحكمة وهي تحمل معها أوراق الرسم والألوان لتسجل ملامح ونبضات وجه الخمسة الكبار من قادة القاعدة. «الشرق الأوسط» رافقت جانيت هاملين الى الجلسة الأولى من محاكمة خالد شيخ محمد ورمزي بن الشيبة ووليد بن عطاش وعلي عبد العزيز الهوساوي وعلي عبد البلوشي، وكانت تسير بخطى سريعة باتجاه المحكمة وكأنها على موعد مهم تنتظره من أيام طويلة. في قاعة المحكمة انتصبت بخفة ورشاقة خلف لوحاتها تسجل بالألوان عمامة خالد شيخ محمد وهو يداعب لحيته الطويلة بانامله، بينما رمزي بن الشيبة ينظر اليها عبر الزجاج السميك الذي يفصلها عن قاعة المحكمة ويحاول أن يثير اهتمامها بابتساماته واشاراته حتى ترسمه وتقدمه للإعلام في أحسن صورة. جانيت هاملين قالت في لقائها مع "الشرق الأوسط" ان "كاريزمية " خالد شيخ محمد في المحكمة التي سجلتها بريشتها جعلتها مشهورة حول العالم، وقالت إنها المرة الثامنة التي تأتي فيها إلى غوانتانامو لتسجيل وقائع المحكمة. وتعترف ان رسم خالد شيخ محمد ورفاقه الأربعة الكبار المتهمين بالتخطيط لهجمات سبتمبر والتي تعتبرها الاعتداءات الأكثر دموية في التاريخ، هي الأصعب لأنها تقف على قدميها لعدة ساعات خلف حاجز من الزجاج السميك في محاولة مستمرة لتسجيل ما يدور على وجوههم وكذلك على وجوه القاضي وممثلي الدفاع والادعاء من انطباعات وغضب ويأس، واحيانا نرفزة اعصاب وفلتان من قبل المتهمين. ويمثل محمد وأربعة آخرون متهمون بالتآمر معه أمام المحكمة في القاعدة البحرية الأميركية بخليج غوانتانامو بتهم التآمر مع تنظيم القاعدة وقتل نحو ثلاثة آلاف شخص في الهجمات التي شنت في الولايات المتحدة بطائرات مخطوفة.

وتضع هاملين على بطاقتها الخاصة اليوم صورة خالد شيخ محمد والكندي عمر خضر ورسم من المحكمة لسالم حمدان سائق أسامة بن لادن الذي قضى مدة محكوميته وبات حرا طليقا في اليمن اليوم. وجانيت حاصلة على بكالوريوس فنون من جامعة باسادينا عام 1987، وابنتها نانسي 8 سنوات تجد فيها ايضا موهبة في الرسم والمحاكاة. وهي تعيش اليوم في نيويورك وتنشغل احيانا بالرسوم التوضيحية للكتب والمجلات الفنية وعمل الاسكتشات لنجوم الرياضة والتنس كلما طلب منها ذلك. وتفكر جانيت في كتابة مؤلف عن الخمسة الكبار من واقع رسوماتها في محكمة غوانتانامو العسكرية ومن خلال انطباعاتها الخاصة عن كل منهم. ومازالت تتذكر اليوم الذي وقعت فيه الهجمات يوم 11 سبتمبر 2001 وكانت تعيش في بروكلين بنيويورك وغمر التراب منزلها، وتقول كانت صدمة بالغة لم تفق منها إلا بعد أيام طويلة. وعن خالد شيخ محمد تقول انه يتمتع بكاريزيمة خاصة بين زملائه الذين يستمعون اليه أو يستجيبون له حتى عبر الاشارات من دون كلام متبادل بينهم. واضافت إن "ك اتش ام" كما تطلق عليه أو خالد شيخ محمد، يحظى باحترام خاص بين الجميع حتى بين الحراس أو من القاضي أو الادعاء. وقالت "عندما وقع نظري عليه المرة الأولى في قاعة المحكمة العسكرية وكان سمينا أكثر مما يبدو هو الآن ولحيته أطول حسبت انني في مواجهة راسبوتين". وفي مثوله الأول أمام المحكمة أكد خالد شيخ محمد على حقه في أن يكون محاميا عن نفسه وارتدى ثوبا أبيض وعمامة بيضاء وقاطع القاضي أكثر من مرة، وقال انه العقل المدبر للهجمات وليس ابن لادن، واعرب عن استيائه لعدم قدرته على ارسال خطاب إلى ابنته المريضة في ايران. واعتبرت هاملين ان خالد شيخ محمد كان محقا تماما عندما اعترض على صورته التي رسمتها له وبدا فيها أنفه أكبر كثيرا مما هو عليه وطلب منها العودة لمراجعة الرسم. واضافت في حديثها لـ "الشرق الأوسط" انها شخصيا لم تكن راضية عن هذه الصورة. وأوضحت جانيت هاملين "لم يعجبه الأنف، ولم يعجبني ايضا وكان على حق، وشعرت بالندم بيني وبين نفسي". وأضافت هاملين أن محمد طلب منها الحصول على نسخة من صورة التقطت له بعد وقت قصير من اعتقاله عام 2003 في باكستان وإعادة رسم الأنف ليبدو كما كان في تلك الصورة.

والكاميرات ممنوعة في قاعة المحكمة التي تخضع لإجراءات أمن مشددة ولذلك استخدمت مؤسسات صحافية هاملين لرسم المشهد. ويقوم مراقبون عسكريون بفحص رسوم محكمة غوانتانامو قبل أن يتسنى نشرها لضمان أنها لا تظهر أي أسرار قومية. لكن جلسات المحكمة كانت المرة الأولى التي يمنح فيها المتهمون حق إبداء آرائهم في مدى شبههم بالرسم. وقال الضابط البحري جيه دي غوردون المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) "إنها مسألة تتعلق بمحامي الدفاع .. من المدهش كم نتجشم من العناء كي نأخذ رغباتهم في الاعتبار».