مصدر لبناني لـ«الشرق الأوسط»: القانون 140 يقود إلى فتح ملفات تتعلق بعمليات تنصت غير رسمي

اجتماع السراي شرَّع التنصت وحدَّ من عرقلة عمل القضاء ولجنة التحقيق الدولية

TT

قال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط»: «إن الاجتماع الذي عقد أول من أمس في السرايا الحكومية بدعوة من رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، جاء في مصلحة الدولة بشكل أساسي. فهو شرّع التنصت بموجب القانون 140. وسيقود إلى ملفات أخرى تتعلق بالتنصت غير الرسمي». وأشار إلى أن الاجتماع «شهد هجوماً قاسياً على وزير الاتصالات جبران باسيل. وتم عرض وقائع متعلقة بعرقلته التحقيقات من خلال التلكؤ في الموافقة على طلب القضاء ولجنة التحقيق الدولية اعتراض بعض المخابرات والرسائل الهاتفية، إضافة إلى استحصاله على ملف التسجيلات ولوائح الاتصالات التي كان طلبها القضاء اللبناني ولجنة التحقيق الدولية، مما يشير إلى إمكانية التصرف فيها وإفادة جهات معينة بالمعلومات التي تتضمنها. كما شهد موقفاً حاداً من المدير العام للأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي الذي وضع النقاط على الحروف، ورفض أي انتقاص من الصلاحيات التي يفترض توافرها لتتمكن الأجهزة المختصة من القيام بواجباتها وتعقب المجرمين والإرهابيين. وكان له ما أراد. كذلك كان موقف وزير الدفاع إلياس المر حيال باسيل قاسياً خلال الاجتماع». وأضاف أن «السنيورة، وحرصاً منه على التكافل الحكومي، طلب إلى المر، الذي لا يثير حساسية بين الغالبية والمعارضة، أن يتولى توضيح ما حصل للإعلام بأسلوب لا يستفز أحداً ويقفل التراشق الإعلامي الحاصل».

وأكد المصدر أن «كل الضجة الإعلامية التي أرادت أن توحي بانتصار ما وبانقلاب السحر على الساحر، كما أصبحت اللازمة التي ترددها المعارضة، لا تخفي أن باسيل لن يستطيع بعد اليوم أن يعرقل كل ما من شأنه أن يساعد التحقيق الدولي والقضاء اللبناني».

وعن تشدد رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط حيال وجوب سحب الضابط دانيال فارس ‏الموجود في وزارة الاتصالات بطلب من باسيل، واعتبار جنبلاط أنه كان من الأفضل لعدد من الوزراء عدم الدخول في مزايدات إعلامية مخالفة ‏لما قالوه داخل الاجتماع الذي عقد بشأن التنصت في السرايا، إذ إنه بعد إثارة ملف التنصت جرى كشف الحقيقة. قال المصدر: «إن الوزير المر أقر بأن لدى جنبلاط وجهة نظر محقة. لكنه، من جهة ثانية، لا يريد أن يعرِّض المكانة المعنوية للجيش اللبناني لأي اهتزاز. لذا كان التريث إعلامياً بشأن الضابط، لكن فعلياً بدأت الإجراءات لمعالجة الموضوع».

وقد تردد أن فارس، الذي فرز من مديرية الأمن العام إلى مخابرات الجيش، كان مقرباً من اللواء جميل السيد، أحد الضباط الأربعة الموقوفين في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وكانت لجنة التحقيق الدولية قد استمعت إلى إفادته أكثر من مرة. وكان وزير الداخلية زياد بارود، الذي عقد أمس اجتماعاً ضم أعضاء الجهاز الخاص لاعتراض المخابرات الهاتفية، قال في حديث إذاعي: «إن الحل يأتي دائماً عندما نطبق القانون». وأضاف: «طبعاً هناك ظروف في البلد، لكن الواقع أننا وصلنا اليوم في موضوع التنصت إلى حائط مسدود في الدرجة الأولى بسبب عدم تطبيق القانون. واليوم دخلنا مرحلة جديدة. فالقانون والمرسوم التطبيقي ينصان على إنشاء جهاز خاص لاعتراض المخابرات. ومن المفترض أن تنتهي هذه الأعمال في أبريل (نيسان) 2009». وأكد «أن الاجتماع الذي عقد في السرايا الحكومية برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة وفي حضور كل الوزراء المعنيين والأجهزة الأمنية المعنية تميز بالدقة».

ورداً على سؤال عن المسموح والممنوع في ملف التنصت، أشار بارود إلى «أن لا شيء محرماً في الكلام عن التنصت عندما يكون ضمن القانون ولضرورات الأمن ومكافحة الجريمة. ويحق لأجهزة الدولة اللبنانية القيام بالاعتراض اللازم للمخابرات وحيث يلزم وعندما تقتضي ذلك مكافحة الجريمة. ولا يجوز الاعتبار أن هذا الكلام هو من المحرمات شرط أن تكون ضوابطه واضحة ويكون ضمن شروط القانون».

أما وزير الاتصالات جبران باسيل فقال عقب زيارته رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس: «أعتقد أننا توصلنا في اجتماع السرايا (أول من أمس) إلى أمر مهم إنما غير كافٍ. وأعتقد أن المرحلة الانتقالية التي تفصلنا عن إنشاء مركز التحكم بحاجة إلى المتابعة والمراقبة». وأفاد وزير الاتصالات السابق، النائب مروان حمادة، عقب زيارته السنيورة أمس، أن الرقم الذي أطلقه باسيل حول طلبات الأجهزة الأمنية والقضائية من وزارة الاتصالات خلال العام 2007 وجزء من العام 2008 «لا يخص مطلِّقات أو تجاراً. وأذكر فقط أن هذه الفترة هي الفترة التي شهدت أحداثاً أمنية وجرائم إرهابية، منها جريمة عين علق، ودارت فيها على مدى أشهر طويلة حرب نهر البارد، ثم اغتيل خلالها النائبان وليد عيدو وأنطوان غانم واللواء فرنسوا الحاج والرائد وسام عيد. ألا تكفي كل هذه الحوادث لكي يكون هناك 22 ألف طلب؟ في رأيي أنه كان يجب أن يكون هناك 220 ألف طلب». ودعا إلى «البحث عن المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الحريري لفهم أسباب حملة (الوزير) باسيل». وعن التنصت غير الشرعي، قال: «اتفقوا بالأمس على العودة إلى تطبيق القانون 140 الذي ينص على أن أجهزة وزيري الدفاع والداخلية، بموافقة رئيس الوزراء، تطلب التنصت، وكذلك القضاء الذي لا يتعلق به أحد. ووزارة الاتصالات ليست هي المعنية بتقدير الطلب، فهي يأتيها طلب من قاض فتنفذه. والقانون واضح في هذا التوزيع للمهمات بين الإدارات اللبنانية». أما عن شبكات «حزب الله» فقال: «لنتحدث ولا حرج. هنا تنطبق نظرية ما لنا لنا وما لكم لكم ولنا. وهي بدأت تنسحب على كل الدولة اللبنانية. الاتصالات جزء صغير لكنهم أقاموا شبكتهم وشنوا حرباً لمنع تطبيق القانون الذي يمنع ذلك. حرب 7 أيار سياسية. وهي لوضع اليد على شبكة اتصالات الدولة الشرعية».