مفاوض بوش السابق مع كوريا الشمالية مرشح ليصبح سفيراً في بغداد

مراجعة السياسة الخارجية الأميركية تجاه العراق قد تغير طريقة إدارتها

TT

مازالت التعيينات المتعلقة بالمناصب الدبلوماسية الرفيعة في إدارة الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما متباطئة بعد الإعلان الأولي عن تعيين جورج ميتشل مندوباً للسلام في الشرق الأوسط وريتشارد هولبروك لباكستان وأفغانستان. وحتى الآن، لم يعيَّن نائب لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، ومازالت مناصب السفراء حول العالم شاغرة. وتعتبر سفارة واشنطن في بغداد، وهي الأكبر في السلك الدبلوماسي الأميركي، من أبرز المواقع التي تحتاج إلى اهتمام سريع من إدارة أوباما خاصة أن موضوع العراق كان من أبرز القضايا في حملة أوباما الرئاسية. وبعد أسابيع من التكهنات، خرجت، أمس، أول بوادر توضح المرشح المقبل لمنصب السفير في بغداد، وهو الدبلوماسي المخضرم كريستوفر هيل الذي كان مسؤولا عن مفاوضات إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش مع كوريا الشمالية حول ملفها النووي. وعلى الرغم من رفض وزارة الخارجية الأميركية تأكيد هذا الخبر، إذ لم يعلن عنه البيت الأبيض رسمياً بعد، إلا أن مصادر دبلوماسية أفادت بأن هيل هو المرشح الرئيسي لهذا المنصب. وكانت قناة «أي بي سي» الأميركية أول من نشر الخبر، ليؤكد مسؤولون أميركيون الاقتراب من اختيار هيل. وقال مصدر دبلوماسي أميركي لـ«الشرق الأوسط» إنه من المرجح اختيار هيل ليكون سفير واشنطن لبغداد ولكن لم يتم ترشيح هيل رسمياً لهذا المنصب.

ويعتبر اختيار هيل مفاجئاً بعض الشيء، إذ إن خبرته الدبلوماسية الطويلة في أوروبا وآسيا، ولم يخدم سابقاً في الشرق الأوسط. وبعد أن كان السفير الأميركي المنتهية ولايته في بغداد، ريان كروكر، بليغاً في اللغة العربية وخبيراً في الشؤون العربية، يعتبر هيل جديداً على المنطقة. وكان هيل قد عُيّن مساعد وزير الخارجية الأميركي في أغسطس (آب) 2005 ومنذ فبراير (شباط) من العام نفسه كان المفاوض الأميركي في المحادثات السداسية مع كوريا الشمالية.

وعلى الرغم من أن هيل لم يعمل في الملف العراقي سابقاً، إلا أن لديه خبرة طويلة في معالجة النزاعات الداخلية في دول مضطربة، إذ عمل على عمليات السلام في البوسنة وكوسوفو سابقاً. وأمضى هيل الجزء الأكبر من حياته المهنية في أوروبا حيث كان سفيراً للولايات المتحدة في بولندا ثم في مقدونيا، ومبعوثاً خاصاً لكوسوفو ومشاركاً أساسياً في المفاوضات التي أفضت إلى اتفاق دايتون للسلام في البوسنة في التسعينات، والتي أسفرت عن حصوله على أرفع جوائز الخارجية الأميركية للعمل الدبلوماسي. واعتبر مصدر دبلوماسي أميركي أن هيل سيكون مناسباً للمهام في العراق بسبب خبرته الدبلوماسية وعمله، مشيراً إلى أن هيل يتمتع بقدرة على التعامل مع العلاقات الحساسة للولايات المتحدة.

ومع دخول أوباما البيت الأبيض، تدخل العلاقات العراقية – الأميركية منعطفاً جديداً. فبينما تستعد الولايات المتحدة لخفض عدد قواتها في العراق بعد توقيع اتفاقيات وجود القوات الأميركية في العراق نهاية العام الماضي، عبّر أوباما في السابق عن رغبته في أن يتولى القادة العراقيون العمل على استقرار بلادهم من دون اعتماد متزايد على الولايات المتحدة. وصرح روبرت جيبز الناطق باسم البيت الأبيض بأن الرئيس الأميركي اتصل هاتفياً مع نظيره العراقي جلال طالباني ورئيس وزراء العراق نوري المالكي أمس لتهنئتهما على انتخابات المحافظات. وقال: «قدم الرئيس أفضل تمنيات الشعب الأميركي مع بدء زعماء المحافظات الجدد تولي مسؤوليات مهمة نيابة عن الشعب العراقي». كما ناقش أوباما أيضاً خطط خفض القوات الأميركية في العراق.

وبينما كانت وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس قد فصلت الملف العراقي عن ملفات الشرق الأوسط، وخصصت منسقاً خاصاً للشؤون العراقية في الخارجية الأميركية، من غير الواضح إذا كانت كلينتون ستتبع المسار نفسه. فحتى المكتب الصحافي المختص بالعراق في الخارجية الأميركية كان مرتبطاً بالسفارة الأميركية في بغداد، تحت إشراف السفير آدام إيرلي المتحدث بالعربية، بدلا من المكتب الإعلامي الخاص بشؤون الشرق الأدنى في مقر الخارجية في واشنطن. ومن غير الواضح بعد إذا كان سيعيَّن خليفة لمنسق شؤون العراق لدى الخارجية الأميركية، ديفيد ساترفيلد. فبينما عبر ساترفيلد عن رغبته في الاستقالة سابقاً، أفادت مصادر دبلوماسية أنه قد تقرر كلينتون بعد الانتهاء من مراجعة السياسة الأميركية في العراق عدم الإبقاء على هذا المنصب وجعل الملف العراقي جزءًا من ملف الشرق الأدنى الإجمالي لدى الخارجية، مثلما كان عليه قبل حرب عام 2003.