قوى «14 آذار» تحضِّر لحشد استثنائي في ذكرى الحريري.. وأحزاب «8 آذار» تتهمها بالاستغلال الانتخابي لمناسبة وطنية

المناسبة تتحول إلى عامل جدل سياسي جديد في لبنان

TT

بضعة أيام تفصل اللبنانيين عن الذكرى السنوية الرابعة لاستشهاد رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري. وإذا كان اللبنانيون على مختلف مشاربهم يجمعون على أنها مناسبة وطنية كبرى، فإنهم يختلفون في طريقة إحيائها. ففيما اعتبرت قوى «14 آذار» في البيان الذي أصدرته منذ أيام، أن المشاركة «الكثيفة في هذا اللقاء ترتدي هذه السنة أهمية استثنائية»، رأت قوى المعارضة في هذه الدعوة «استغلالا لمناسبة وطنية ضمانا لمصالح انتخابية ضيقة»، كما اعتبر عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب نبيل نقولا، أن «الرئيس الحريري هو فقيد عائلته، إنما شهيد الوطن».

وفي المقابل، استغرب عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت «السؤال عن مغزى المشاركة في مناسبة وطنية على هذا المستوى من الأهمية»، مؤكدا أن «النزول إلى ساحة الشهداء هو أقل الواجب لتكريس هذه الذكرى مناسبة وطنية». ومن جهته، قال عضو «14 آذار» النائب إلياس عطا الله، إن المشاركة هذه السنة «تكتسب أهمية كبيرة؛ أولا لأن المحكمة الدولية آتية. وثانيا للرد على محاولة إخماد صوت المجتمع المدني بعد أحداث 7 أيار (مايو) 2008 وما تعرضت له بيروت وعدد من المناطق اللبنانية من محاولات قمع، وثالثا لتأكيد أننا مستمرون في بناء الدولة رغم كل الصعاب. فالناس لن يسكتوا عن السلاح، وسيردون بالسلاح السلمي، وهو التحرك السلمي».

وفي معرض شرحه أهمية هذه الذكرى، قال النائب فتفت: «14 شباط هو مناسبة ضخمة جدا ومناسبة وطنية على مستوى كبير من الأهمية. والمشاركة فيها أقل الواجب، نظرا إلى الأهمية السياسية التي أوجدتها هذه الشهادة، وأثرها في انطلاق حركة الاستقلال. فمن الطبيعي جدا إحياء هذه الذكرى، كما درجت العادة. فحتى العام الفائت احتفلنا، بها رغم اعتصام المعارضة في وسط بيروت. وقد وفد الناس من المناطق المختلفة وتحت الأمطار». وردّا على سؤال، قال: «إذا اتخذت هذه الذكرى بُعدا انتخابيا، فهذا أمر طبيعي، بما أننا مقبلون على انتخابات برلمانية بعد أشهر، لكن التنظيم لها يتم ككل عام».

أما النائب إلياس عطا الله، فقال إن «قرارا اتُّخذ بشكل إجماعي لجعل هذه المحطة محطة أساسية بعد أحداث 7 أيار، للقول إن أحدا لا يستطيع أن يتغلب على المجتمع المدني، خصوصا أننا على مسافة من تحقيق إنجاز كبير». وأضاف: «من الطبيعي أن نفكر بشكل غريزي دفاعي في إحياء هذه المناسبة، لأن 14 آذار تعبر عن استعدادها للدفاع عن دماء الشهداء، ولتؤكد متابعتها تلبية أحلامهم. لذلك سنحول هذه المناسبة محطة أساسية في تاريخنا. وإذا كانت القيادات السياسية هي التي تدفع الثمن، فعلى المجتمع المدني أن يهبّ لترسيخ هذه الذكرى، لتكون ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري وسائر الشهداء، من سمير قصير وجورج حاوي وغيرهم. لذلك فإن كل تيار سياسي ضمن «14 آذار»، يحضّر لأن يكون جزءا أساسيا من هذه المناسبة. فالمناسبة وطنية وليست خاصة. لذلك فإن جميع اللبنانيين مدعوون إلى هذا التحرك السلمي، للرد على كل التحديات التي اعترضت مسيرة الاستقلال. وبيروت لن تسكت عما أصابها».

وأشار إلى أن «هذه المناسبة قد تكتسب بعدا انتخابيا. ولا أحد يستطيع منع ذلك، بما أننا مقبلون على انتخابات بعد أشهر. لذلك فمن الطبيعي أن تحمل بعض الرسائل في هذا الإطار، وخصوصا تأكيد وحدة (14 آذار). إنما يجب أن لا تصور هذه المناسبة الكبيرة على أنها محصورة أو موجهة لتحقيق أهداف انتخابية، أو وضعها في خانة أقل من قيمتها. فإحياؤها ليس موسميا، إنما سنوي، لأنها محطة واسعة وعميقة. وهذا ما يقلقهم، لأنها حين تتحول مناسبة لجمع اللبنانيين، يخاف أولئك الذين لا يؤمنون بمشروع الدولة وعدالة المحكمة الدولية».

في المقابل، رأى النائب نقولا أن هذه الذكرى هدفها «محض انتخابي، لأنها تحولت مناسبة للاستغلال السياسي، بدلا من أن تكون مناسبة وطنية جامعة لكل الناس، إنما هم أحرار في ما يريدون القيام به. لكننا نذكر بأن الرئيس رفيق الحريري فقيد العائلة وشهيد الوطن. ومعيب أن يظهروه وكأنه لطرف من دون الآخر. فالحزن لا يكون بالتظاهر والنزول إلى ساحة الشهداء، إنما بأن يتذكر كل لبناني الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في كنيسته وجامعه وحسينيته. أما الكلام عن أهمية الحشد الجماهيري لتزامن الذكرى مع بدء المحكمة الدولية عملها، فأفضّل عدم التحدث عن الأمر تفاديا لإدخال المحكمة في زواريب السياسة».