تعيين هولبروك مبعوثا خاصا لأميركا في أفغانستان وباكستان.. يثير استياء جنوب آسيا

نعت حكومة كابل بـ «الفاشلة».. وطالب بممارسة ضغوط على إسلام آباد لمحاربة الإرهاب

TT

بذل الرئيس الأميركي باراك أوباما جهودا مضنية في الأيام الأولى من عمر إدارته، محاولا تهدئة العلاقات الدولية المتوترة، ويعد بالتعاون واحترام الدول الأخرى، لكن تعيينه للمبعوث الجديد لجنوب آسيا أحدث الكثير من الانزعاج.

فقد عبر المسؤولون في أفغانستان وباكستان والهند عن قلقهم من تعيين ريتشارد هولبروك، ذلك السياسي المحنك الملقب بـ«البلدوزر»، مبعوثا خاصا لمنطقتهم. هولبروك الذي يبدأ أولى جولاته الخارجية هذا الأسبوع، أعلن في الشهور الأخيرة أن حكومة الرئيس الأفغاني حميد كرزاي الحليف الأميركي فشلت، وأشار في مقالاته إلى «الفساد الحكومي الكبير»، إضافة إلى عودة المخدرات كأكبر المشكلات التي تواجهها البلاد، كما طالب بإنشاء قوة لمواجهة خطر المتطرفين في باكستان، التي اتهمها بامتلاك القدرة على إثارة القلاقل في جارتها أفغانستان.

اتهامات هولبروك لم تتوقف عند حد اتهام حكومتي الدولتين، بل طالت ويليام وود، السفير الأميركي في أفغانستان؛ لاستخدامه المبيدات الكيماوية في محاربة زراعة الأفيون، حيث اشتهر في كابل بلقب «بيل الكيماوي»، ويرجع هذا اللقب إلى علي حسن المجيد، ابن عم صدام حسين الذي اشتهر بضربه إحدى القرى الكردية في الشمال العراقي بالغازات السامة، ومن ثم لُقّب بـ«علي الكيماوي».

يعد تعيين هولبروك بالنسبة للحكومة الأفغانية تصديقا للتهديدات القوية التي أطلقها جوزيف بايدن، نائب الرئيس الأميركي، خلال زيارته الأخيرة التي جرت الشهر الماضي، عن إمكانية سحب الولايات المتحدة دعمها لكرزاي إذا لم يغير أساليبه. وقد استقبلت الحكومة الأفغانية الرسالة الأميركية بامتعاض كبير، كما أفاد دانيل ماركي خبير شؤون جنوب آسيا في مجلس العلاقات الخارجية، والذي عمل في وزارة الخارجية في إدارة الرئيس السابق جورج بوش.

ويحاول المسؤولون الباكستانيون الآن تحديد أطر السياسة التي سينتهجونها بشأن تعيين هولبروك، حيث قام الرئيس الباكستاني آصف على زرداري، في مقاله الذي نشر الأسبوع الماضي، بالترحيب وامتداح تعيين هولبروك، لكنه ضمّن في ذات المقال تحذيرا قصد به منع هولبروك من الشكوى بشأن التحركات الباكستانية ضد المتطرفين في المناطق الحدودية. فكتب زرداري في صحيفة الـ«واشنطن بوست»: «مع احترامي البالغ، نحن لسنا بحاجة إلى دروس بشأن التعهدات، فتلك هي حربنا».

وقد عبر مسؤولون في الهند عن موافقتهم بعد إعادة صياغة مهمة هولبروك في اللحظة الأخيرة، حيث استثني منها النزاع الحدودي بين الهند وباكستان حول إقليم كشمير. وقد أوضح المسؤولون الأميركيون بعد ذلك أنه على الرغم من أن كشمير ليست جزءا رئيسيا من عمله فإن هولبروك سيحاول جر نيودلهي إلى المحادثات، لأن التوتر الهندي الباكستاني يؤثر على المنطقة. وقد حاول المسؤولون الأميركيون، الذين أبدوا قلقهم بشأن الانطباعات العامة في منطقة يتزايد فيها الرفض الشعبي للتدخل الأجنبي، تلطيف دور هولبروك بالقول إن مهمته الوحيدة هي «لعب دور المنسق»، غير أن أولئك الذين يعرفونه ليس لديهم شك في أنه سيكون له تأثير كبير. وهناك تحدّ آخر حول مسؤول الإدارة الذي سيحظى بالنفوذ الأكبر في المنطقة. وعلى الرغم من أن المهارات التي يتمتع بها هولبروك تعتبر أسطورية في الدوائر الحكومية، فإن الشخصيات القوية سوف ترغب هي الأخرى في الظهور في الصورة والاضطلاع بأمر ما. أحد أولئك الذين سيرغبون في لعب ذلك الدور هو الجنرال ديفيد بترايوس، القائد الأعلى للقيادة المركزية العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط وسط آسيا، والذي يعتبر أهم مسؤول أميركي في المنطقة.

وقد يكون المبعوث الأميركي المرتقب لإيران هو الآخر من بين الراغبين في لعب دور بارز، حيث سيقوم بتنفيذ وعود أوباما ببدء محادثات مع الجمهورية الإسلامية، ويعد دنيس روس، مفاوض السلام السابق في الشرق الأوسط ومسؤول وزارة الخارجية، موضع تفكير لشغل هذا المنصب.

هناك لاعبون كبار آخرون، من بينهم نائب الرئيس جو بايدن الذي يقيم مصالح كبيرة في المنطقة، ووزير الدفاع روبرت غيتس، واللواء المتقاعد جيمس جونز مستشار الأمن القومي للرئيس.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» الخاصة بـ«الشرق الأوسط»