اعتقال ضابط بريطاني في أفغانستان للاشتباه في تسريبه أسرارا مدنية

كابل: المقاتلون الأجانب يتدفقون على أفغانستان من العراق للانضمام إلى طالبان

TT

قالت وزارة الدفاع البريطانية أمس إن ضابطا بريطانيا كبيرا يخدم في أفغانستان اعتقل للاشتباه في تسريبه أسرارا للدولة. واعتقلت الشرطة العسكرية الضابط وهو برتبة كولونيل في الاول من فبراير (شباط) وجار نقله إلى بريطانيا لمزيد من التحقيقات.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع البريطانية: «نستطيع أن نؤكد اعتقال ضابط بريطاني في افغانستان للاشتباه في انتهاكه قانون الاسرار الرسمية. وأحيل التحقيق من وزارة الدفاع الى شرطة العاصمة. وقال متحدث باسم شرطة لندن انه على علم بالموضوع لكن لم يُفتح تحقيق في هذه المرحلة. وذكرت صحيفة «صن» أن الضابط اعتقل للاشتباه في تسريبه أرقام القتلى المدنيين في افغانستان. وأصبح موضوع سقوط قتلى مدنيين في الغارات الجوية حساسا جدا للقوات الأميركية وقوات حلف شمال الاطلسي العاملة في افغانستان التي اتهمها مسؤولون أفغان بالقصف العشوائي.

من جهة اخرى وعد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون امس ان تكون افغانستان «أولوية» لدى منظمته خلال 2009 وذلك خلال زيارة قصيرة ومفاجئة لذلك البلد الذي تتكثف فيه المعارك بين طالبان والقوات الدولية وتجتاحه موجة جفاف خطيرة. وصرح بان كي مون في مؤتمر صحافي الى جانب الرئيس الافغاني حميد كرزاي «ستكون أفغانستان من أولويات الأمم المتحدة خلال 2009». وتابع «أنا هنا لأؤكد للشعب الأفغاني التزامي الحازم ودعمي الاستقرار والسلام». ولم يعلن عن زيارة بان كي مون الا بعد وصوله الى العاصمة الافغانية ودُعي الصحافيون الى مقر الرئاسة دون معرفة السبب. وتحاط عادة زيارات رؤساء الدول والحكومات والمنظمات الدولية بالسرية حتى اللحظة الاخيرة في هذا البلد الذي يشهد منذ اواخر العام 2001 حركة تمرد لطالبان تكثفت الى حد كبير منذ سنتين بالرغم من انتشار نحو سبعين الف جندي من القوات الأميركية والحلف الاطلسي. ويعود بان كي مون الى افغانستان التي سبق وزارها في 2007، فيما تتنامى حالة عدم الاستقرار وفي وقت تعتزم فيه الولايات المتحدة التي طردت طالبان من الحكم في كابل في اواخر 2001 على رأس قوة دولية، ارسال تعزيزات يصل عديدها الى 30 الف جندي هذه السنة الى هذا البلد.

وقد عبرت الامم المتحدة ايضا عن قلقها في الآونة الأخيرة من الوضع الانساني في هذا البلد الغارق في الحروب منذ ثلاثين سنة الذي يجتاح الجفاف بشكل خطير القسم الاكبر من اراضيه. وكان جون هولمز مساعد الامين العام المكلف بالشؤون الإنسانية صرح أول من أمس في جنيف ان «الوضع في أفغانستان خطير ويتدهور»، مشيرا الى «تكثيف النزاع والجفاف الخطير الذي يجتاح بعض اجزاء البلاد منذ سنتين». وطلبت الامم المتحدة من البلدان الاعضاء تقديم مساعدة انسانية بقيمة 604 مليون دولار (473 مليون يورو) الى افغانستان هذه السنة. وبحسب الامم المتحدة قتل نحو الفي مدني في 2008 اكثر من نصفهم على يد المتمردين الطالبان بينما البقية على يد القوات الدولية او الافغانية. وقد منعت اعمال العنف الامم المتحدة والمنظمات غير الحكومية من الوصول الى قسم كبير من البلاد حتى ان قوافل برنامج الاغذية العالمي تعرضت لهجمات في السنوات الاخيرة. والتقى بان كي مون ايضا النواب الافغان ومسؤولي الامم المتحدة وقوة حلف شمال الاطلسي قبل التوجه الى باكستان المجاور حيث استعادت طالبان وتنظيم القاعدة قواها في المناطق القبلية بشمال غربي البلاد الحدودية مع افغانستان من جهة اخرى قال وزير الدفاع الأفغاني أمس إن متشددين أجانب يتدفقون على أفغانستان للانضمام الى متمردي طالبان في قتالهم ضد القوات الافغانية والدولية مع تراجع العنف في العراق. ووفقا للقوات التي يقودها حلف شمال الاطلسي فإن هجمات المتمردين في أفغانستان شهدت ارتفاعا بنسبة 33 في المائة في عام 2008. ومن المتوقع أن تزداد وتيرة العنف بشكل أكبر في 2009 حيث تستعد واشنطن لإرسال ما يصل الى 25 ألف جندي اضافي الى مناطق جديدة في قلب أراضي البشتون بجنوب البلاد. وقال وزير الدفاع عبد الرحيم وارداك ان ما يقرب من 15 ألف من مقاتلي طالبان يوجدون في أفغانستان لكن أعدادهم تتضخم بسبب انتقال المتمردين الأجانب من العراق حيث تراجع العنف بعد استراتيجية زيادة الولايات المتحدة لقواتها هناك وإجراءات أخرى. وقال وارداك في مؤتمر صحافي «منذ العام الماضي ونتيجة لنجاح استراتيجية زيادة القوات في العراق.. كان هناك تدفق للإرهابيين الأجانب على أفغانستان». وتابع: «كانت هناك اشتباكات في 2008. وفي بعض هذه الاشتباكات كان 60 في المائة بالفعل من اجمالي القوة التي واجهناها مقاتلين أجانب». وكان وارداك يتحدث بعد أن أجرى هو والرئيس الافغاني حميد كرزاي محادثات مع الجنرال الأميركي جون كاردوك القائد الاعلى لقوات حلف شمال الاطلسي في أوروبا. وتركزت المحادثات على تدريب وتجهيز الجيش الافغاني الذي يهدف الجيش الأميركي الى زيادة قوامه من نحو 80 ألفا في الوقت الراهن الى 134 ألفا في عام 2012 بالإضافة الى النشر المخطط للقوات الأميركية الإضافية وسبل الحد من الخسائر في الارواح في صفوف المدنيين. الى ذلك قالت الأمم المتحدة أمس إن أكثر من 2100 مدني قتلوا في أفغانستان في عام 2008 وهو عدد يزيد بنسبة 40 في المائة عن مثيله في العام السابق. كما استشهدت الامم المتحدة بأرقام جزئية تفيد بأن طالبان وقادة الميليشيات المحليين مسؤولون عن مقتل ألف مدني من بين 1800 مدني قتلوا حتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) وسقط أغلب هؤلاء في تفجيرات انتحارية وتفجير عبوات ناسفة.

وأضافت أن ما يقرب من 700 شخص قتلوا على أيدي القوات الدولية والأفغانية في الفترة نفسها، من بينهم 455 قتلوا في ضربات جوية، بينما لم يحدد بعد سبب مقتل المائة الباقين. وقال متحدث باسم الامم المتحدة ان مسؤولي حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة في أفغانستان هم الذين حددوا عدد المدنيين القتلى، وان تقريرهم النهائي لا يزال قيد الإعداد. وقال جون هولمز منسق الاغاثة في حالات الطوارئ بالأمم المتحدة «تشير أرقام الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 2100 مدني قتلوا نتيجة للصراع المسلح في عام 2008 وهو ما يمثل زيادة نسبتها 40 في المائة مقارنة بعام 2007». وقالت الأمم المتحدة إن 1523 شخصا قتلوا في عام 2007. وكان هولمز يتحدث مع ممثلي الدول المانحة للمساعدات في جنيف حيث وجه نداء لجمع 604 ملايين دولار لأفغانستان لعام 2009. وبلغ العنف في أفغانستان أعلى مستوياته منذ الاطاحة بحكم طالبان في عام 2001. وفي العام الاخير أعاد الاسلاميون المتشددون تنظيم صفوفهم على الرغم من وجود قوات دولية تضم ما يقرب من 70 ألف جندي، وزاد نطاق وحجم هجماتهم. وأثارت الهجمات الجوية التي سقط فيها مدنيون الغضب بين الأفغانيين، والاستياء من وجود القوات الاجنبية. وجاء في نص النداء الذي وجهته الامم المتحدة «الصراع المسلح يتسم على نحو متزايد باستخدام التفجيرات الانتحارية والعبوات الناسفة وأعمال الخطف والهجمات الجوية وجميعها يؤدي الى زيادة الاصابات بين المدنيين». وأضاف «المؤشرات تدل على أن الوضع الامني في أنحاء البلاد سيزداد تدهورا وأن المخاطر بالنسبة لموظفي المعونة الافغان والدوليين ستزداد». وقال هولمز ان موظفي المعونة كانوا أيضا ضحايا للعنف حيث قتل 36 موظفا وخطف 92 في الاشهر العشرة الأولى من العام الماضي. وأضاف «إنها ظروف بالغة الصعوبة والخطر بالنسبة لعملهم». ولا يستطيع موظفو المعونة في الوقت الحالي دخول 40 في المائة من المناطق في أفغانستان. وقال هولمز «الوضع الإنساني في أفغانستان خطير ويزداد سوءا لأسباب من بينها على وجه الخصوص تصاعد الصراع المسلح، وأيضا بسبب الجفاف الشديد المنتشر هناك».