القذافي يعد بالتدخل لحل النزاعات في أفريقيا.. ويرفض الاعتراف بأي نظام يأتي بالقوة

اختتام قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا بعد ليلة مناقشات صاخبة حول «حكومة الاتحاد»

الرئيس السوداني عمر البشير اثناء توجهه لحضور الجلسة الختامية لقمة الاتحاد الأفريقي في أديس ابابا حيث تلقى دعما لموقفه في مواجهة اتهامات من المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب في دارفور (إ ب أ)
TT

تعهد الرئيس الليبي معمر القذافي بالتدخل لحل الحروب والنزاعات التي تعادي منها القارة الإفريقية، ووعد في مؤتمر صحافي في ختام القمة الإفريقية الثانية عشرة في أديس أبابا، بالعمل على تطبيق العقوبات على دول أعضاء المنظمة الأفريقية التي لا تطبق ولا تحترم قوانين المنظمة الملزمة، وذلك بصفته الرئيس المنتخب للمنظمة الأفريقية لعام 2009 خلفاً عن الرئيس التنزاني جاكايا كيكوكيتي.

واختتم رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي قمتهم الثانية عشرة بصعوبة في أديس ابابا أمس، بعد تمديدها ليوم واحد بسبب الخلاف على المشاريع التي يدعو إليها بإلحاح العقيد معمر القذافي الذي انتخب الاثنين رئيسا للاتحاد الإفريقي لمدة سنة. وبعد ليلة من النقاشات الصاخبة بشأن مشروع «حكومة الاتحاد» ومشروع «الولايات المتحدة الأفريقية» اللذين يدافع عنهما بقوة الزعيم الليبي ويرفضهما العديد من زعماء القارة، توصل المشاركون في النهاية بعد ظهر أمس إلى حد أدنى من التفاهم مع قرار تغيير اسم مفوضية الاتحاد أي هيئته التنفيذية إلى «سلطة الاتحاد».

وقال رئيس اللجنة جون بينغ في نهاية القمة للصحافيين: «اتخذ قرار بالإجماع وهو تحويل المفوضية إلى سلطة للاتحاد»، مضيفا «إنها خطوة كبيرة تضع حدا لكل هذه المناقشات بشأن طريقة المضي قدما بالاتحاد الذي نملكه منذ أكثر من ثلاث سنوات». ووصف القذافي هذا التغيير بأنه «تقدم مهم جدا»، ووجه «دعوة إلى الشباب الأفريقي لنقول له إن القوة إلى جانبه وان عليه أن يضغط في اتجاه الوحدة الأفريقية». وقال: «نحن الأفارقة ليس لدينا غير الوحدة لتعزيز انفسنا. اننا نعيش في عالم لا يرحم، الحياة فيه للقوي أما الضعيف فيجب ان يخضع. انه قانون القوة: انتم ترون ما يعيشه الشعب العراقي وما يعيشه الشعب الفلسطيني».

وقال القذافي أن موقعه كرئيس للاتحاد الأفريقي يعطيه الصلاحية للتدخل في الأزمات والصراعات التي تعاني منها المنطقة من بينها إقليم دارفور، وعلى كافة الدول الإفريقية أن تلتزم بقواعد القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي. وشدد الزعيم الليبي على رفضه المحاولات الانقلابية التي شهدتها بعض دول القارة، وعلى ضرورة «عدم الاعتراف بأي نظام يأتي بالقوة». وأشار إلى عدم قبوله التعددية والديمقراطية الليبرالية التي وصفها بتجارب مستوردة لا تتلاءم مع البيئة الإفريقية التي «تتمتع بتركيبة اجتماعية وليست سياسية».

وبشأن قرار القمة تحويل المفوضية الإفريقية إلى سلطة، قال القذافي إن المجلس التنفيذي للاتحاد سيجتمع بعد ثلاثة أشهر من أجل تطبيق القرار وتقديم توصياته إلى القمة نصف السنوية في شهر يوليو (تموز) القادم، تمهيدا لاتخاذ قرار نهائي في القمة السنوية القادمة في العاصمة أديس أبابا. وأشار إلى ضرورة «التنسيق بين دول الأعضاء في مجال الدفاع والخارجية عند تحويل الاتحاد الإفريقي إلى حكومة اتحادية، فالسلطة تعني حكومة، وسيكون أمناء في المجالات الأخرى مثل التعليم والصحة والتجارة الخارجية وغيرها».

وفي كلمة سابقة أمام القمة، رحب الزعيم الليبي بانتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة. وقال إن «نضال الشعب الأسود انتصر على العنصرية»، مضيفا أن «الله هو الذي خلق اللون، واليوم أوباما ابن أفريقيا وابن كينيا فرض نفسه في الولايات المتحدة». وأوضح أن «أميركا ليست للبيض وحدهم وآمل ان ينجح في التغيير الذي يبشر به». من جانبه، رحب رئيس المفوضية الإفريقية جون بينغ في المؤتمر الصحافي المشترك مع الزعيم الليبي، بتوصل طرفي النزاع في زيمبابوي إلى اتفاق لتقاسم السلطة ولتشكيل حكومة وحدة وطنية ستتولى مهامها في 11 فبراير (شباط) الجاري. وقال: «نتمنى ان تتمكن تلك الحكومة في أقرب وقت ممكن من مباشرة عملها في مواجهة الوضع الصحي والإنساني المقلق في البلاد». وأضاف: «نعتمد على الزعيم الليبي كرئيس جديد للاتحاد الإفريقي ان يعمل كل ما بوسعه واستخدام سلطته من أجل مساعدة شعب زيمبابوي للتوصل إلى حل سريع ونهائي للأزمة».

وجدد بينغ عزمه على تطبيق الإجراءات الواردة بالقانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي على الدول كافة التي وقعت بها الانقلابات العسكرية مؤخراً، والبدء بالإدانة وتعليق العضوية ثم إعطاء مهلة ستة أشهر لدراسة إمكانية لفرض العقوبات. وقال إن المفوضية تعمل في هذا الصدد بالتعاون مع المجتمع الدولي وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والاتحاد الأوروبي وعدد من المنظمات الإقليمية والدولية.

وإضافة إلى مناقشة حكومة الاتحاد، بحث قادة الدول أيضا خلال القمة النزاعات التي تعصف باستقرار القارة وانعكاسات الأزمة الاقتصادية العالمية على أفريقيا سواء على الصعيد الإنساني أو على صعيد التنمية. وكان رئيس وزراء اثيوبيا ميليس زيناوي، الذي تعد بلاده من أكثر المستفيدين من المساعدة الدولية المخصصة للتنمية، قد حذر اول أمس من ان «العقد المقبل سيكون على الأرجح قاتما جدا بالنسبة لأفريقيا بسبب الأزمة الاقتصادية... والتغييرات المناخية».

ويخشى عدد من الدول خفض المساعدات الدولية لأفريقيا والتي تعد حيوية بالنسبة لبعض مشاريع التنمية لا سيما ان «الازمة المالية التي اصبحت ازمة اقتصادية تتحول الآن الى أزمة وظيفة وستصبح في الشهور القادمة بالنسبة للبعض ازمة إنسانية» تصيب في المقام الاول افريقيا الفريسة الدائمة للنزاعات كما حذر رئيس البنك الدولي روبرت زوليك.