الفاتيكان تحت النيران.. وقضية إعادة مطران ينفي حصول الهولوكوست إلى الكنيسة تتفاقم

البابا يطلب إلى ويليامسون إبعاد نفسه عن آرائه بعد فتح تحقيق جنائي حول تصريحاته وتدخل ميركل

TT

تفاقمت قضية قرار البابا بينيدكتوس السادس عشر إعادة مطران إلى الكنيسة الكاثوليكية، ينكر حصول الهولوكوست، بعد أن كان البابا الراحل يوحنا بولس الثاني قد طرده من الكنيسة في عام 1988. وازدادت النقمة على قرار البابا إعادة المطران مع ثلاثة آخرين ينتمون إلى جماعة متطرفة، بعد أن انضمت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى الأصوات المنددة بالقرار، وطالبت البابا أن ينفي بشكل واضح نكران حصول المحرقة اليهودية في ألمانيا النازية على عهد أدولف هتلر. وفي وقت أعلن قاض ألماني أمس فتح تحقيق جنائي ضد المطران الذي ينفي حصول المحرقة، أعلن الفاتيكان أمس أنه أمر المطران ريتشادر ويليامسون أن «يبعد نفسه» عن آرائه «علنا وبشكل قاطع». وبعد يومين فقط من تأكيد وزير خارجية الفاتيكان الكاردينال تارسيسيو بيرتون أن قضية المطران «أقفلت»، قال أمس انه لن يُسمح لويليامسون أن يؤدي مهامه الكهنوتية ما لم يبعد نفسه عن آرائه. وقال ان موقف ويليامسون من الهولوكوست «أمر غير مقبول إطلاقا ومرفوض بشكل حازم من البابا». وأضاف ان «آراء ويليامسون حول الهولوكوست لم تكن معروفة لدى الحبر الأعظم عندما اتخذ قرار إعادته إلى الكنيسة». وجاء قرار الفاتيكان اليوم بعد أن علت الأصوات المطالبة برد حازم. وكان بيرتون قد اعتبر قبل يومين أن مسألة إعادة ويليامسون إلى الكنيسة أقفلت وهي غير قابلة للجدل، وقال حينها: «لقد أبعدت جمعية سان بيوس أكس نفسها عن المطارنة واعتذرت للبابا عن الحادث المحرج. لقد تحدث البابا بوضوح يوم الأربعاء (الماضي). اعتقد ان المسألة تعتبر منتهية». إلا أن القضية لم تنته. فأول من أمس طالبت ميركل البابا بتصريح واضح ينفي فيه نكرانه لحصول الهولوكوست ويؤكد احترامه لليهود. وأمس أعلن قاض فتح تحقيق في تصريحات المطران التي يعتبرها القانون الألماني جريمة. وقال غانثر روكديشيل، المدعي العام في مقاطعة ريغنسبرغ الألمانية، أن السلطات فتحت تحقيقا للتوصل الى ما اذا كان حديث المطران يمكن اعتباره على أنه «تحريض على الكراهية العرقية». وبحسب القانون الألماني، فان نكران الهولوكوست التي أودت بحياة نحو 6 ملايين يهودي، يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن الى فترة تصل إلى خمس سنوات. وقال المدعي العام انه بدأ التحقيق في 23 يناير (كانون الثاني)، بعد أن سمع بالمقابلة التي أدلى بها ويليامسون لمحطة إذاعة سويدية. وفي المقابلة، أنكر المطران ان يكون النازيون قد استعملوا غرف غاز لقتل اليهود في معسكرات الاعتقال. وقال حينها: «أعتقد ان الدلائل التاريخية تنفي بقوة أن 6 ملايين يهودي وضعوا في غرف غاز عن قصد كسياسة مقصودة اعتمدها أدولف هتلر». وأضاف في المقابلة التي تناقلتها لاحقا صفحات الانترنت: «أنا لا أؤمن بأن غرف الغاز كانت موجودة». وقد أثارت هذه التصريحات غضبا في أنحاء العالم، بعضها تم توجيهه ضد باب الفاتيكان لأنه اصدر قرار إعادة المطران بعد أيام من إدلائه بهذه المقابلة. وإضافة إلى ميركل، عبر قادة يهود عن غضبهم من تصريحات المطران. وكان يعتبر ويليامسون والمطارين الثلاثة الآخرون الذين ينتمون الى جمعية «سان بيوس أكس» المحافظة المتطرفة، خارج الكنيسة الكاثوليكية منذ عام 1988. وهذه الجمعية أسسها الأسقف مارسيل لوفيفر الذي ثار ضد إصلاحات الفاتيكان في عام 1960. وبرر الفاتيكان إعادة المطارين الى كنف الكنيسة بأنه رغبة بتطبيع العلاقات مع الجماعات المحافظة المتطرفة، وقال الناطق باسم الفاتيكان الأب فيديريكو لومباردي أن قرار اعادتهم ليس له علاقة بآرائهم الشخصية. اما قرار روكديشيل بفتح تحقيق في أقوال ويليامسون فسببه ان المطران أدلى بالمقابلة خلال ندوة للكهنة نظمها تجمع «سان بيوس أكس» الذي ينتمي إليها ويليامسون، وهي تقع في بلدة زايتزكفين القريبة من ريغنسبرغ. وقال المدعي العام ان الممثلين القانونيين عن ويليامسون اتصلوا به وأبلغوه أن المطران ينفي الاتهامات الموجهة اليه. وبحسب الادعاء، فان ويليامسون قد طلب من الصحافيين السويديين انه لا يريد ان تبث المقابلة خارج السويد كي لا تقع ضمن نطاق القانون الألماني الذي يعاقب من ينكر حصول المحرقة. وبحسب القانون الألماني، لا يعتبر تمجيد او نكران الجرائم التي ارتكبها النازيون، جريمة، الا في حال قيلت في العلن. ويقول روكديشيل انه سيحاول استجواب الصحافيين السويديين الذين أجروا المقابلة، كما أنه شكك في أن يحضر ويليامسون الى المحكمة لانه في الأرجنتين في الوقت الحالي. والبابا بينيدكتوس السادس عشر، وهو ألماني كبر في ألمانيا في عهد النازية، نفى في بيان في 28 يناير (كانون الثاني) نكران الهولوكست. وفي عام 1941، أجبر بينيدكتوس الذي كان يبلغ من العمر 14 عاما واسمه جوريف راتزينغر، بالانضمام الى «شباب هتلر» في بافاريا الواقعة في جنوب ألمانيا. ومع ذلك، فان كاتب سيرته الذاتية جون آلن جونيور، يقول إن عائلة راتزينغر كان تعارض النازية بقوة. في الأسبوع الماضي، اعتذر ويليامسون للبابا على الضجة التي أثارتها تصريحاته، إلا أنه لم يتراجع عنها.