عوائل ضحايا هجمات سبتمبر: نشعر بالهزيمة بعد تعطل محاكمات غوانتانامو

لوريين بيلباو: شقيقي الأصغر آدم نزل من الدور 84 في برج مركز التجارة العالمي ولقي حتفه تحت الأنقاض

لوريين بيلباو تحمل صورة شقيقها آدم المدير التنفيذي بمركز التجارة العالمي الذي قتل في هجمات سبتمبر («الشرق الأوسط»)
TT

تحمل المواطنة الأميركية لوريين بيلباو آرياس صورة شقيقها الأصغر آدم (37 عاما) الذي قتل في يوم 11 سبتمبر (أيلول) 2001، الهجمات الأكثر دموية في التاريخ، وتحتضن صورة آدم وهي تتنقل داخل معتقل غوانتانامو، حيث حضرت مع ممثلي أربع من عوائل الضحايا جانبا من جلسات المحاكمات العسكرية للخمسة الكبار المتهمين بتدبير الاعتداءات. وسافرت لوريين من نيوجيرسي حيث تقيم، إلى واشنطن، ثم على نفس الطائرة من قاعدة «آندروز» الجوية بواشنطن مع شقيقيها آندرو ودونالد ومجموعة من الصحافيين والمحامين الذين يدافعون عن المتهمين الخمسة، وممثلين آخرين عن منظمات حقوقية دولية، جاءوا لمراقبة سير العدالة. وحضر عن ممثلي العائلات أيضا جو هولاند وجيم ريتشي، وكلاهما فقد نجله في الهجمات. وكان الأخير يبدو عليه الغضب والتأثر وهو يتحدث إلى الإعلام عن محنة عائلته ببطء سير العدالة، فيما وصف جيم ريتشي التعويضات التي حصلت عليها الأسر بأنها لا تنفع ولا تغني، ويكفيه أنه فقد فلذة كبدة، «بينما الجناة الذين تسببوا في الهجمات الإرهابية يعيشون منعمين في غوانتانامو». وفقد ريتشي - وهو من بروكلين - نجله جيمي (29 عاما، ضابط مطافئ) في يوم الهجمات، وقال إنه سينتظر العدالة أن تتحقق، ولكنه لا يريد أن تأخذ 8 سنوات أخرى.

بعد أن علق الرئيس الأميركي باراك أوباما الإجراءات القضائية أمام المحاكم الاستثنائية العسكرية في غوانتانامو مدة 120 يوما، أعربت لوريين بيلباو آرياس لـ«الشرق الأوسط» أمام قاعة المحاكم الأميركية في كوبا، عن غضبها الشديد، لتعطيل العدالة لصالح هؤلاء الذين ارتكبوا أبشع جرائم في التاريخ الحديث. وقالت إن المكان الحقيقي لمحاكمة هؤلاء هو قاعدة غوانتانامو لا داخل الأراضي الأميركية.

وتحدثت عن شقيقها آدم نائب إحدى شركات الخدمة المالية في الدور 84 من برج مركز التجارة العالمي، وقالت إن شقيقها آدم كان قد تزوج بصديقته مارجريت قبل أسابيع، مشيرة إلى أنه نجح في إنقاذ 200 من موظفي شركته عبر السلالم بعد الضربة التي تلقاها البرج الثاني من مركز التجارة العالمي، وحاول العودة لإنقاذ موظفين آخرين، ولكن البرج انهار على المئات مثله الذين وقعوا ضحايا في الهجمات الغادرة.

وكانت الطائرة التي يقودها الإماراتي مروان الشحي حولت البرج الثاني لمركز التجارة العالمي إلى أنقاض، قبل أن تصطدم طائرة زعيم الانتحاريين محمد عطا بالبرج الأول، في حين ضربت طائرة بقيادة هاني حنجور مبنى وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، وفشل اللبناني زياد الجراح في ضرب هدفه.

وأضافت بيلباو أنها بعد قرار الرئيس أوباما تشعر بالهزيمة من الداخل وستنسق مع ممثلي بقية العوائل لطلب لقاء مع الرئيس الجديد، لأنهم يريدون تطبيق العدالة في حق هؤلاء الذين نفذوا هذه الفظائع.

وأفادت أنها تتذكر الحادث يوميا منذ سبع سنوات، ولا يمر يوم دون أن تسمع الحكاية مرة بعد أخرى وتشاهدها، وعلى الجانب الآخر لا تريد أن ينسى الناس ما جرى، «وهو ما يسبب الألم الشديد». وأوضحت أنها تحمل صورة شقيقها الأصغر آدم، كان هذا بنية تقديمه للإعلام، ولكن صورة شقيقها «مطبوعة في ذهنها ولن تمحوها الأيام».

واعتمد البنتاغون نظام القرعة لاختيار خمس عائلات من أصل 100 عائلة لحضور المناقشات، على ما أوضح الناطق باسم البحرية كوماندر غاي دي غوردن لـ«الشرق الأوسط». وجلس ممثلو العائلات الخمسة في آخر القاعة المعزولة بحاجز زجاجي سميك عن المتهمين وهيئة الدفاع والادعاء والقضاة العسكريين. وتابعوا باستنكار الجدال الذي دار بين خالد شيخ محمد منسق هجمات سبتمبر (أيلول) والقاضي العسكري الكولونيل ستيف هانلي، وأعلن خالد شيخ محمد افتخاره بالهجمات، وقاطع خالد شيخ محمد، وكذلك رمزي ابن الشيبة، القاضي عدة مرات، واشتكى خالد شيخ من أنه لا يستطيع التواصل مع «ابنته المريضة في إيران». وقالت لوريين لـ«الشرق الأوسط» إنها لم تكن تصدق عينيها وهو يقاطع المحكمة.

ويواجه المتهمون الخمسة أحكاما بالإعدام في حال أُدينوا بالتسبب في مقتل 2973 شخصا في الهجمات الانتحارية التي استخدمت فيها أربع طائرات مدنية مختطفة ونجم عنها تدمير برجي مركز التجارة العالميين في نيويورك. وخالد شيخ محمد المعتقل في قاعدة غوانتانامو الأميركية التي سيغلق السجن المقام فيها قريبا كما وعد الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما، يواجه مع أربعة متهمين آخرين تهمة ارتكاب جرائم حرب، ويمكن أن يحكم عليهم على أساسها بالإعدام. ولم يكن قد سمح حتى الآن لأي من أقارب ضحايا الهجمات بحضور جلسات محاكمة في غوانتانامو.

وأعربت لوريين وشقيقها آندرو ودونالد، عن إحباطهم من تعليق المحاكمات. وقالت: «إن أحد الأشياء التي كنت انتظرها من المحاكمة صدور حكم الإعدام ضد هؤلاء الإرهابيين».

وأضافت: «كنت أود محاكمة علنية ليتم كشف كل شيء، لا تأجيلا يدخلنا في متاهات جديدة ونحن نبحث عن العدالة». وقالت إنها ذهبت ديسمبر (كانون الأول) الماضي في رحلة قادتها بالمركب إلى مصر وتركيا، وهناك تعرفت على بساطة وترحاب هؤلاء الناس الذين ينبذون العنف والإرهاب مثل الأميركيين، وأوضحت: «العرب ليسوا خالد شيخ محمد أو بن لادن، لقد تحدثت في القاهرة والجيزة والإسكندرية إلى أناس يكرهون هؤلاء الإرهابيين لأنهم يشوهون صورة بلادهم وحضارتهم وتاريخهم»، لأن الإسلام كما هي تعرف من أصدقائها وجيرانها في نيويورك «ينبذ أيضا العنف والإرهاب».

يذكر أن العقل المدبر المفترض لهجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) خالد شيخ محمد، يواجه مع أربعة متهمين آخرين تهمة ارتكاب جرائم حرب، ويمكن أن يحكم عليهم على أساسها بالإعدام.

ويفيد البنتاغون أن خالد شيخ محمد عرض موجز اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001 على زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. وبعد حصوله على الضوء الأخضر من بن لادن أشرف على العملية ودرب قراصنة الجو في أفغانستان وباكستان. ولم يكن قد سمح حتى الآن لأي من أقارب ضحايا الهجمات بحضور جلسات المحاكمة في غوانتانامو. وأظهر آخر الإحصاءات أن «3016 شخصا قد لقوا مصرعهم خلال الهجمات على مركز التجارة العالمية والبنتاغون، وعلى متن الطائرة التي تحطمت في ولاية بنسيلفانيا». وأعربت لوريين بيلباو في حديثها لـ«الشرق الأوسط» عن قناعتها أن «محاكم غوانتانامو غير قادرة على تحقيق العدالة بالنسبة إلى أفراد عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، الأمر الذي يستحقه الأميركيون كافة». وقالت: «لقد تم إدانة ثلاثة أشخاص حتى الآن منذ اعتقالهم قبل سبع سنوات، ولا نعرف بعد قرار الرئيس أوباما كيف سيكون الشكل النهائي لتحقيق العدالة ». وفي إطار متصل عبّر قائد غوانتانامو الأميرال دافيد ثوماس، عن اعتقاده بأن المعتقل لن يغلق فورا بعد تولي أوباما الرئاسة، مشيرا إلى توقعه حدوث «مناقشات شديدة» في أميركا قبل إغلاقه. وقال للصحافيين الأسبوع الماضي إن أصعب وأهم جزء يجب الاستعداد له هو «أين سيتم وضع المعتقلين، والعملية القانونية التي ينوي استخدامها لمواصلة أي نوع من الدعاوى أو القرارات في قضاياهم» بعد إغلاق المعتقل، بينما أسهل جزء هو «نقلهم من غوانتانامو ووضعهم في طائرة». ولم يتم بعد تحديد موعد لبدء المحاكمة، ولم يكن يتوقع المراقبون أنها ستبدأ قبل تنصيب الرئيس الأميركي الجديد في العشرين من الشهر الماضي. يُذكر أن البنتاغون كان قد ذكر أن خالد شيخ اعترف بمسؤوليته «من الألف إلى الياء» عن هجمات سبتمبر (أيلول). ونقل عنه قوله خلال جلسة استماع عُقدت في يونيو (حزيران) الماضي وأُبلغ خلالها باحتمال الحكم عليه بالإعدام، إنه يتطلع «منذ وقت طويل لكي يصبح شهيدا». وقد قرر خالد، وهو من مواليد الكويت واعتقل في باكستان عام 2003، أن يتولى الدفاع عن نفسه ولم يوكل محامين. والمتهمون الأربعة الآخرون الذين يحاكَمون مع خالد شيخ محمد هم: رمزي بن الشيبة: يمني وقيل إنه منسّق تلك الهجمات وكان من المفترض أن يكون أحد المنفذين الانتحاريين، لكنه لم يحصل على تأشيرة دخول (فيزا) إلى الولايات المتحدة. ومصطفى أحمد الحوساوي: سعودي الجنسية، وقالت عنه الاستخبارات الأميركية إنه واحد من اثنين من المسؤولين عن تمويل الهجمات التي قادها خالد شيخ محمد. وعلي عبد العزيز البلوشي: وهو معروف أيضا بلقب عمر البلوشي، المتهم بأنه أحد المساعدين الرئيسيين لخالد شيخ محمد. ووليد بن عطاش: يمني الجنسية، وقال البنتاغون إنه اعترف بقيادته لعملية تفجير المدمرة الأميركية «كول» قبالة خليج عدن في اليمن عام 2000. كما أنه أحد متهمي أحداث 11 سبتمبر (أيلول).