مرشح أوباما لقيادة «سي.آي.إيه»: سأحظر التعذيب خلال التحقيقات

قال إن ملاحقة أعضاء «القاعدة» لا تزال لها أولوية كبرى

TT

أعرب ليون إي.بانيتا، الذي اختاره الرئيس باراك أوباما لتولي قيادة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، في إطار شهادة أدلى بها أول من أمس عن اعتقاده بأن أسلوب التحقيق القاسي المعروف باسم الإيهام بالغرق يرقى لمستوى التعذيب، وتعهد بوضع نهاية لحقبة أثار سلوك وكالة الاستخبارات المركزية خلالها جدالا كبيرا داخل الولايات المتحدة وإدانات من مختلف أنحاء العالم. وأكد بانيتا في شهادته خلال الجلسة التي عقدتها لجنة شؤون الاستخبارات بمجلس الشيوخ للتصديق على تعيينه، قائلا: «أعتقد أن الإيهام بالغرق يعد تعذيبا وإجراء خاطئا». وفي إجابته عن سؤال حول ما إذا كان يمكن للرئيس إصدار قرار يخول للوكالة استئناف ممارسة مثل هذه الأساليب القاسية، أجاب بانيتا: «لا أحد فوق القانون». تعتبر تعليقات بانيتا أقوى تنديد صدر حتى اليوم بالأساليب التي تنتهجها وكالة الاستخبارات المركزية من قبل عضو في فريق العمل الاستخباراتي المعاون لأوباما. واتسمت الجلسة باحتدام المناقشات حول سياسات مكافحة الإرهاب التي انتهجتها إدارة بوش. وشن بانيتا هجوما ضد ديك تشيني، نائب الرئيس السابق، الذي ألمح في لقاء أُجري معه هذا الأسبوع إلى أن قرارات أوباما بإغلاق معسكر الاحتجاز في غوانتانامو وحظر استخدام أساليب التحقيق القاسية تنطوي على تهديد لأمن البلاد. وفي هذا الصدد، قال بانيتا: «أشعر بخيبة الأمل إزاء هذه التعليقات. إنها تشير ضمنيا إلى أن هذه البلاد أكثر عرضة للهجوم لأن رئيسها يرغب في الالتزام بالقانون والدستور». ومن المتوقع أن يتم التصديق على تعيين بانيتا، عضو الكونغرس السابق عن ولاية كاليفورنيا ورئيس فريق العمل المعاون للرئيس كلينتون، بحلول الأسبوع القادم، بحيث يتولى رئاسة الوكالة التي تقف عند مفترق طرق بالغ الأهمية. يذكر أن وكالة الاستخبارات المركزية لا تزال تتعرض لضغوط هائلة لتحديد مكان أسامة بن لادن وتفكيك شبكة القاعدة الإرهابية، وفي الوقت ذاته بذل الجهود اللازمة للمعاونة في الحربين الدائرتين في أفغانستان والعراق. ومن المتوقع أن يشرع بانيتا في تنفيذ أجندة الإصلاح الاستخباراتي الخاصة بأوباما، والتي تتضمن إغلاق السجون السرية التابعة للوكالة ووضع نهاية لاستخدام أساليب التحقيق القسرية. وحال التصديق على تعيينه، سيصبح بانيتا أول مسؤول كبير بوكالة الاستخبارات المركزية يعترف بتورط الوكالة في ممارسة التعذيب وصور أخرى محتملة من السلوك غير القانوني في أعقاب هجمات 11 سبتمبر (أيلول). وإلى جانب تعليقاته حول الإيهام بالغرق، أعرب بانيتا عن اعتقاده بأن الوكالة تتعمد نقل المحتجزين إلى دول أخرى كي يتعرضوا للتعذيب بغية الحصول على معلومات. وقال: «أشك أن هذا ما كان عليه الحال - أننا قمنا بتسليم أفراد لدول أخرى مع علمنا بأن هذه الدول ستستخدم أساليب معينة». وأثارت تعليقاته مناقشة محتدمة مع أعضاء الكونغرس من الحزب الجمهوري حول قضية تسليم المحتجزين لدول أخرى ـ وهو إجراء اعتمدت عليه وكالة الاستخبارات المركزية في اختطاف المحتجزين سرا ونقلهم إلى دول تتعاون مع الولايات المتحدة. على سبيل المثال، أشار السيناتور كريستوفر إس. بوند، العضو الجمهوري البارز في اللجنة، إلى أن الإدارة الأميركية استغلت الوكالة في نقل محتجزين إلى دول تعرضوا فيها فيما بعد للإعدام. واستطرد بوند متسائلا: «هل يعد ذلك تعذيبا؟» وأجاب بانيتا: «أعتقد أن هذا استخدام ملائم لإجراء التسليم» طالما أن المحتجزين تم تحويلهم إلى نظام المحاكم داخل الدول الأخرى. إلا أن بانيتا اعترف باعتماده على تقارير صحفية وعدم توافر معلومات مباشرة لديه حول تعرض المحتجزين للتعذيب بعد تسليمهم لدول أخرى من جانب الوكالة. من ناحية أخرى، رفض دينيس سي. بلير، الذي تم مؤخرا التصديق على تعيينه مديرا للاستخبارات الوطنية، استخدام لفظ «تعذيب» عند طرح سؤال عليه حول الإيهام بالغرق. ومثل بلير، قال بانيتا في شهادته إنه يعارض فكرة محاكمة ضباط وكالة الاستخبارات المركزية الذين شاركوا في التحقيقات أو عمليات الاحتجاز لأنهم كانوا يتصرفون بناء على أوامر إدارة بوش والنصائح القانونية الصادرة عن وزارة العدل آنذاك. وأكد بانيتا أن ملاحقة أعضاء «القاعدة» لا يزال أولوية كبرى أمام وكالة الاستخبارات المركزية، لكنه استطرد موضحا أن التحدي الأكبر الذي يجابه الوكالة يتمثل في تحديد التهديدات الأخرى التي لا تحظى باهتمام استخباراتي مناسب. وأشار على وجه الخصوص إلى الأزمة الاقتصادية التي تتسع رقعتها بمرور الوقت و«التداعيات المترتبة على ذلك فيما يتعلق باستقرار العالم. إن التحدي الأكبر الآن تحديد أين تقع هذه الثغرات». وفي الوقت الذي تعهد بانيتا باتباع نهج مغاير لما اتبعته سياسات إدارة بوش، أشار إلى أن الوكالة لم تزل تتمتع بمساحة كبيرة من حرية العمل في عملياتها الرامية لمكافحة الإرهاب. وقال: «إذا ما ألقينا القبض على محتجز بالغ الأهمية، أعتقد أن لنا الحق في احتجاز هذا الشخص مؤقتا بحيث نتمكن من استخلاص معلومات منه والتأكد من أنه محتجز بشكل ملائم.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ «الشرق الأوسط»