العلاقة المحتملة بين مشروع حكومي وكارثة طبيعية أثارت زلزالا سياسيا في الصين

زلزال الصين قد يكون وراءه.. سد

TT

بعد تسعة أشهر من الزلزال المدمر الذي تعرض له إقليم سيشوان في الصين، الذي خلف عددا كبيرا من الضحايا ناهز 80 ألفا ما بين قتيل ومفقود، أشار عدد من العلماء الأميركيين والصينيين إلى أن تلك الكارثة قد انطلقت من سد بُني منذ أربع سنوات بالقرب من الصدع الجيولوجي للزلازل.

وقال أحد علماء جامعة كولومبيا الذي درس الزلزال إنه نتج عن وزن المياه في خزان زيبنغبو الذي يصل إلى 320 مليون طن، والواقع على مسافة تقل عن ميل من صدع كبير ومعروف. وقد توافقت نتائج أبحاث العالم الأميركي، التي عرضت على الاتحاد الجيوفيزيائي الأميركي في ديسمبر (كانون أول)، مع النتائج الجيوفيزيائية الصينية التي خلصت إلى تغيرات واضحة فيما يتعلق بالزلازل قبل وقوع الزلزال المدمر.

وأكد العلماء أن الصلة المحتملة بين السد واتساع التصدعات الجيولوجية لم يتم التأكد منها بشكل حاسم، وأنه حتى لو أن السد قد عمل كسبب محفز، فإنه لم يتسبب سوى في التعجيل بوقوع زلزال كان سيحدث حتما في وقت ما.

على الرغم من ذلك، فإن الإشارة إلى أن المشروع الحكومي لعب دورا في واحدة من أكبر الكوارث الطبيعية في تاريخ الصين الحديث، ربما تنطوي على تداعيات سياسية خطيرة. خلال العام الماضي، أثيرت قضية المساءلة والاستجابة الحكومية في الصين بقوة. وقد عمد آباء آلاف أطفال المدارس الذين لقوا حتفهم جراء الكارثة إلى إحداث زلزال سياسي بقوة 7.9 درجة، حيث أكدوا أن أبناءهم قتلوا من دون داع في مبان دراسية غير آمنة، اعتمدها مسؤولون فاسدون أو متهاونون.

وكان الغضب الشعبي قد بلغ أوجه العام الماضي، عندما فشلت الحكومة في منع بيع مسحوق لبن ملوث أدى إلى مرض ما يقرب من 300,000 طفل ووفاة ستة منهم.

في هذا الصدد، قال شينغ لي، مدير أبحاث الصين في معهد بروكينغز: «إن الربط بين الحكومة وأي كارثة في الوقت الحالي، سيأتي بنتائج مدمرة للغاية، ويتسم بحساسية سياسية بالغة».

ويضيف لي: «إذا ما ثبت أن الزلزال كان نتيجة خطأ بشري، وليس كارثة طبيعية، فإن الحكومة ستشعر بقلق بالغ حيال هذا النوع من التقارير، بسبب قضية المساءلة الحكومية برمتها». تتسم التساؤلات بشأن سد زيبنغبو بحساسية بالغة، لأن الصين تبني كثيرا من السدود الهيدروليجية في منطقة الجنوب الغربي، الغنية بموارد المياه، لكنها عرضة لحدوث زلازل.

وأوضح عدد من العلماء ومنهم علماء البيئة، في عريضة قدموها إلى الحكومة أن استخفاف العلماء الحكوميين بمخاطر زلزال شهر مايو (أيار) أثار تساؤلات حول عدد من السدود الأخرى التي بنيت في نفس الوادي على خمسة أنهار أخرى رئيسية، وذلك حسبما ورد في مقال نشرته «بروب إنترناشينال»، وهي مجموعة مناصرة للقضايا البيئية. لكن الحكومة نفت أن يكون بناء خزان المياه في إقليم سيشوان قد وضع المواطنين في مواجهة أية مخاطر، وحجبت بعض المواقع على شبكة الإنترنت لجماعات بيئية أشارت إلى أن تلك المخاطر تم التغاضي عنها من قبل الحكومة.

وفي المقابل، نفى مقال ساهم فيه اثنان من علماء أكاديمية العلوم الصينية، نشرته مجلة «ساينس تايمز» الصينية بشدة أن يكون السد قد لعب أي دور في الزلزال. وقال بان جيازنغ الخبير في الهندسة الهيدروليجية، بحسب الترجمة التي نشرتها مجلة «بروب إنترناشينال»: «اتفقت معاهد أبحاث الزلازل في الداخل والخارج على أن زلزال سيشوان، الذي وقع في الثاني عشر من مايو (أيار) كان كارثة طبيعية كبرى نتيجة لحركة القشرة الأرضية، لأن التاريخ لم يشهد من قبل تسبب خزان مياه طبيعي في حدوث زلزال بقوة ثماني درجات».

ويتفق العلماء بوجه عام على أن أي خزان مياه مهما كانت ضخامته غير قادر على إحداث زلزال من تلقاء نفسه، لكن ليوناردو سيبر، أحد أبرز العلماء في مرصد «لامونت ـ دورتي إيرث» بجامعة كولومبيا، قال: «إن الضغط الكبير للماء يمكن أن يتسبب في التعجيل بوقوع زلزال، إذا ما توافرت العوامل الجيولوجية المهيئة لحدوث الزلزال». وأضاف أن أبرز الأمثلة على ذلك الزلزال الذي وقع بسبب سد كوينا في منطقة نائية بالهند عام 1967، بقوة 6.5 درجات تقريبا، وأدى إلى مصرع حوالي 180 شخصا.

وقال سيبر إنه على الرغم من عدم ثبوت الصلة بين زلزال سيشوان وسد زيبنغبو، فإن العمل الذي أجراه كريستيان كلوز، الباحث في جامعة كولومبيا والمتخصص في المخاطر الجيوفيزيائية، أشار إلى أن الضغوط التي أحدثها وزن المياه ربما تكون قد سارعت من حدوث الزلزال ببضعة مئات من السنوات.

وأضاف: «كان الزلزال سيقع على أية حال، لكن الأشخاص المتضررين بالقطع ربما يعتقدون أن التوقيت يشكل اختلافا مهما».

ويعد سد زيبنغبو المقام على نهر مينجيانغ، الذي يعادل طوله مبنى مكون من 50 طابقا، ويحتجز خلفه ما يزيد على مليار متر مكعب من المياه، أكبر مشروعات المياه في الصين.

وقال المسؤولون الصينيون إن المشروع الذي تكلف إنشاؤه 750 مليون دولار جزء من خطة كبيرة لتنمية أقاليم الصين في الجنوب والغرب، ويولد 760,000 كيلوات من الكهرباء، ويسهم في ري المزيد من الأراضي الزراعية والتحكم في الفيضان وتقديم المزيد من المياه للصناعة والسكان القريبين من مدينة شنغدو التي يقطنها أكثر من 10 ملايين نسمة.

* خدمة «نيويورك تايمز»