قراءة في نتائج الانتخابات: السنة يصوتون للعلمانيين والعشائر والصحوات والقوميين

قالوا إنها «خطوة أولى» نحو إلغاء هيمنة الأحزاب الإسلامية على البرلمان

رجل أمن عراقي يراقب طريقا في مدينة البصرة فيما لا تزال الدعايات التي تحث الناخبين على المشاركة في الانتخابات معلقة في الشوارع (أ.ف.ب)
TT

في قراءة بسيطة للمشهد السني العراقي على خلفية النتائج الأولية التي أعلن عنها أول من أمس، نرى أن أهالي المناطق التي عرفت عنها أنها ذات غالبية سنية، قد اقتربت من القوائم العلمانية، أكثر منها للإسلامية، وإن كانت الأخيرة تنتمي إلى هذا المذهب بشكل أو بآخر.

فبجولة بسيطة على الأرقام الأولية التي أعلنتها المفوضية العليا للانتخابات في العراق، نجد أن المحافظات الأربع الموصل والأنبار وصلاح الدين وديالى، ذات الأغلبية السنية، كانت الغلبة فيها للقوى العلمانية أو تلك التي تنادي ضمن برامجها بعروبة العراق ووحدته، بينما اختلف المشهد نوعا ما في عدة مناطق من بغداد، إذ دخلت القوائم ذات الشخصيات والتوجهات العلمانية كمنافس قوى لجبهة التوافق السنية وللأحزاب الدينية والقائمة الفائزة ائتلاف دولة القانون، بزعامة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.

بينما تمكنت قائمة التوافق التي تحسب على التوجهات السنية الإسلامية من مراكز متقدمة في محافظتي ديالى وصلاح الدين بعد دخولها حيز المنافسة في نفس المدن، مع قوائم العراقية بزعامة رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي، والمشروع الوطني العراقي بزعامة صالح المطلك، والذي يضم بعض الشخصيات أمثال أبو عزام (ثامر التميمي) مستشار عام الصحوات في العراق.

وقال أبو عزام لـ«الشرق الأوسط» إن «المناطق السنية قد حسمت أمرها باختيار القوائم العلمانية أو تلك التي تؤكد على عروبة العراق ووحدته»، لكن أبو عزام يبدو غير راض عن نتائج الانتخابات، لكنه أكد أنها «خطوة أولى نحو البرلمان، لحسم موضوع الانتخابات بالشكل الذي لن يجعل بعض الأحزاب تفرض سيطرتها، وكان لها الغلبة في صراع لا يجدي نفعا».

وفي بغداد يرى المراقبون أن المناطق السنية هي التي منحت المراتب الثالثة والرابعة والخامسة والثامنة في نتائج الانتخابات، وكانت حسب التسلسل لجبهة التوافق العراقية، وتجمع المشروع الوطني العراقي، وقائمة مثال الألوسي، الذي حل ثامنا في هذه المجموعة في العاصمة.

وكانت مصادر مقربة من القائمة العراقية التي يتزعمها علاوي، اتهمت المفوضية العليا للانتخابات في العراق بتزوير نتائج الانتخابات، وأنها تدعو المنظمات الدولية والمراقبين الدوليين والجامعة العربية ومنظمة العمل الإسلامي إلى الوقوف على الحقائق التي حصلت في الانتخابات.

واتهمت المصادر تشكيلة المفوضية على أنها قائمة على مبدأ المحاصصة الطائفية، التي جرى التقسيم على أساسها، بعد الانتخابات النيابية عام 2005.

وفي الموصل، كان لقائمة الحدباء التي تضم أثيل النجيفي كرئيس لها، وهو شقيق النائب أسامة النجيفي، وتضم أيضا شخصيات تنادي بالقومية العربية وبعروبة الموصل، الغلبة في الفوز، وتأتي بعدها قائمة نينوى المتآخية التي تضم عربا وأكرادا ويزيديين وشبكا، وبعدها يأتي الحزب الإسلامي ليحل ثالثا.

وفي محافظة ديالى، كان لقائمة التوافق الحظوة الأولى في الفوز، ثم التحالف الكردستاني والمشروع الوطني العراقي ثم القائمة العراقية.

أما في الأنبار، التي شهدت صراعات كلامية بين الصحوات والحزب الإسلامي، فقد كانت الغلبة للمشروع الوطني العراقي، ثم تحالف «صحوات العراق» بقيادة أحمد أبو ريشة، الذي أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه سيتحالف مع الفائز الأول صالح المطلك، ومع قائمة الدكتور أياد علاوي (العراقية) التي فازت بالمرتبة الخامسة، ومع الحركة الوطنية للإصلاح بقيادة جمال الكربولي، ولم يكن للحزب الإسلامي أي رقم في المعادلة في هذه المحافظة كجزء منفصل أو منفرد، بل جاء ضمن تكوين عشائري للمثقفين، مع مكونات أخرى.

ويرى د فاضل الكبيسي، من تحالف المثقفين والعشائر للتنمية والذي حصلت قائمته على المركز الثالث في الانتخابات، أن «الحزب الإسلامي الذي يعتبر أحد مكونات التحالف مع مؤتمر أهل العراق وكتلة العشائر ومجلس العشائر المستقل، أن هذا التجمع يحوي كل مكونات أهل الأنبار، وأن عملية اختياره من قبل أهالي الأنبار مسألة طبيعية»، مؤكدا أنه «لا صراع بين أهل الأنبار، بغض النظر عن انتماءاتهم، لأن الجميع من مكونات عشائرية واحدة».

وفي قراءة سريعة للدكتور حميد التميمي (محلل سياسي معاون، عميد كلية العلوم السياسية) للمشهد السني، الذي رفض أن يسميه مشهدا سنيا أو شيعيا، لأن «الخيار في الاختيار»، أن «التوجهات العامة للمدن ذات الغالبية السنية، إذا لا توجد مناطق سنية 100%، ولا مناطق شيعية 100%، تشير إلى أنها توجهات قومية أو علمانية أو عشائرية حسب المناطق، وكانت الغلبة للعشائر في الأنبار وللقوميين في الموصل وللعلمانيين في بعض مناطق بغداد وبعض المناطق في مدن أخرى، قد تحسب على الشيعة أو السنة»، ويضيف التميمي أن «المهم في المعادلة أن العراقيين مُنحوا فرصة جديدة في الاختيار، وهناك فرص أخرى ستحددها انتخابات قادمة، عندها ستتضح الصورة أكثر مما مضى».