مصر تأمل إعلان التهدئة غدا.. وحماس تتوقع اتفاقا «مشرفا» بعد حصولها على ضمانات

الزهار ظهر في القاهرة واليوم في دمشق.. ووساطة تركية لحل ملف شاليط بحلول الثلاثاء

طالبات يسرن بجانب حائط عليه رسومات لحماس في أحد شوارع غزة (إ. ب. أ)
TT

وصل وفد قيادي رفيع المستوى من حركة حماس، أمس، إلى القاهرة، وسط توقعات بالتوصل إلى اتفاق تهدئة قريب، وصفته الحركة بـ«المشرف» للفلسطينيين. وتقول حماس إنها ستتلقى اليوم الرد المصري على استفساراتها التي من المفترض أن مصر توصلت إلى أجوبة عليها من خلال مباحثات مع مسؤولين إسرائيليين. وعاد إلى إسرائيل أول من أمس، رئيس الهيئة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع عاموس جلعاد، بعد محادثات مع كبار المسؤولين المصريين، وهو يحمل معه مسودة اتفاق للتهدئة بين إسرائيل وحماس. وهي مسودة ستعرضها مصر على حماس وتتضمن أجوبة على أسئلة حماس.

ويرأس الوفد الحمساوي، القيادي البارز في الحركة، محمود الزهار، الذي شوهد في معبر رفح أمس، للمرة الأولى، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع. وهو ما يعني أن حماس رفعت من مستوى التمثيل في مباحثات التهدئة.

وقال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن وفد حماس «الداخل والخارج» بقيادة الزهار، سيلتقي عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية، وتوقع إعلان الموقف النهائي للتهدئة بين الفصائل والجانب الإسرائيلي، يوم غد الاثنين، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن توافق حماس وبقية الفصائل الفلسطينية على إعلان التهدئة.

وكشف المصدر المصري أن اتفاق التهدئة سوف يشمل كل الفصائل الفلسطينية، وليس حماس وحدها، لفترة زمنية يمكن أن تصل إلى العام ونصف العام‏،‏ تلتزم فيها كل الأطراف الوقف الكامل لإطلاق النار والامتناع عن كل صور العدوان لفترة قابلة للتجديد بموافقة الجميع‏. وقال المصدر إن الاتفاق سيعطى الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي الحق في الرد الفوري على أي عدوان يقع من الجانب الآخر‏،‏ وسوف تظل مساحة الحرم الآمن التي يمتنع فيها وجود أي أفراد مسلحين في نطاق حزام أمني لا يتجاوز عرضه ‏300‏ متر، كما كان الأمر في اتفاق التهدئة السابق، وليس ‏500‏ متر، كما كان يريد الجانب الإسرائيلي‏. وأضاف المصدر أن إسرائيل ستلتزم، بموجب هذا الاتفاق، بفتح المعابر الستة أمام مرور البضائع والإمدادات والوقود، بما يفي بحاجات سكان قطاع غزة‏،‏ كما ينظم اتفاق التهدئة طريقة عمل منفذ رفح، طبقا لاتفاق جديد يتضمن الشروط ذاتها التي انطوى عليها اتفاق ‏2005 ‏مع تعديلين أساسيين،‏ يسمح أولهما بإمكان وجود مراقبين أتراك ضمن قوة المراقبين الأوروبيين‏،‏ ويسمح الثاني بإمكان وجود أفراد ينتمون إلى أي من الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك حماس، ضمن قوات السلطة الوطنية الشرعية التابعة للرئيس محمود عباس‏.

وأوضح المصدر بقوله «قد يكون جزءا من اتفاق التهدئة، أو يدخل ضمن ملاحقه، اتفاق خاص بالإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط‏،‏ مقابل الإفراج عن ألف أسير فلسطيني، بينهم عدد كبير من قيادات حماس أعضاء المجلس التشريعي، الذين ألقت إسرائيل القبض عليهم،‏ وكذلك إسقاط كل القيود التي فرضتها إسرائيل على مرور مواد الإعمار إلى القطاع التي تشمل الحديد والأسمنت والمواسير ومولدات الكهرباء».‏ وأضاف المصدر إن اتفاق التهدئة سيتضمن أيضا أنه «يدخل ضمن مسؤولية مصر الوطنية مراقبة حدودها مع القطاع دون تدخل من أية قوي خارجية‏،‏ انطلاقا من مسؤولية مصر تجاه أمنها الوطني التي تفرض عليها مراقبة أية إمدادات سلاح في نطاق حدودها البرية والبحرية ابتداءً من حدودها مع السودان إلى البحر الأبيض‏ المتوسط».

وأشار المصدر إلى أن القاهرة تأمل أن تتمكن كل الأطراف خلال فترة التهدئة من إعادة جسور الثقة المتبادلة من خلال إعادة تعمير ما دمرته الحرب في قطاع غزة على وجه السرعة‏،‏ والعمل على وضع نهاية للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، تعيد الأمل إلى نفوس الفلسطينيين والطمأنينة إلى نفوس الإسرائيليين‏، وذلك‏ من خلال الإسراع بقيام الدولة الفلسطينية خلال فترة زمنية محدودة‏.. «لأن ذلك وحده هو ضمان الأمن المتبادل الذي يوقف العنف ويوقف عمليات تهريب الأسلحة ويوقف إطلاق الصواريخ‏،‏ خصوصا أن مصر ترفض على نحو كامل أية حلول وسط تعيد قطاع غزة إلى الإدارة المصرية وتعيد الضفة إلى الأردن‏،‏ ولو بصورة مؤقتة‏،‏ بدعوى حاجة كل الأطراف إلى فترة انتقالية يتم خلالها بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية الجديدة».

ومن جانبه أكد الدكتور محمود الزهار أن موضوع التهدئة أصبح مطلبا فلسطينيا تُجمع عليه جميع الفصائل لحماية منجزات الشعب الفلسطيني، وقال إن وفد حماس الذي غادر غزة أمس متوجها للقاهرة، ثم في وقت لاحق إلى دمشق، يحمل موقف الجميع (الفصائل الفلسطينية). وقال في تصريحات له خلال عبوره أمس معبر رفح متوجها للقاهرة على رأس وفد يضم الدكتور صلاح البردويل والمهندس نزار عوض الله وطاهر النونو، «إننا نسعى لإنهاء الحالة الضبابية ولا بد من إنهائها لمصلحة الشعب الفلسطيني ولا بد من وقف العدوان ورفع الحصار وإعطاء فرصة لمن دُمر منزله أو بنيته التحتية سواء كانت مؤسسات تربوية أو مستشفيات».

وقال القيادي الزهار «سنقوم بدورنا بالاتصال بكافة الجهات المصرية، وسنلتقي بإخواننا من دمشق، لنتمكن من بلورة موقف نهائي حول التهدئة حتى نستطيع أن نحقق ما يرغب فيه الشعب الفلسطيني وما تراه الحركة والفصائل الفلسطينية مناسبا». ولم يعلق الزهار على الأنباء التي تحدثت عن قرب إنهاء صفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، بوساطة تركية وقطرية. وظهور الزهار في هذا التوقيت يدحض أنباءً إسرائيلية حول إصابته خلال الحرب ونقله إلى الأراضي المصرية لتلقي العلاج هناك، ورد الزهار على هذه الادعاءات قائلا «اغتيالي كانت أمنية إسرائيلية ولم أصب بأذى».

ووصف البردويل أجواء المباحثات حول التهدئة بالإيجابية. وتوقع أن يتم التوصل لاتفاق «مشرف» للشعب الفلسطيني، يرفع الحصار ويوقف العدوان ويفتح المعابر خلال الأيام القادمة. وقال فوزي برهوم المتحدث باسم حماس «إذا حصل الأشقاء في مصر على إجابات مقنعة من إسرائيل على أسئلة حماس، ربما نتوقع اتفاقا مشرفا لشعبنا في الأيام المقبلة يرفع الحصار ويوقف العدوان ويفتح المعابر».

وأشار برهوم إلى أن أسئلة حماس تتركز على «الضمانات (لتنفيذ الاتفاق) وكيفية إدارة معبر رفح وفتحه، وما هي المواد الـ20% التي ستمنعها إسرائيل من دخول القطاع، وما هو طبيعة الدور الأوروبي على معبر رفح» موضحا انه ليس لدى حركته مشكلة في الوجود الأوروبي في المعبر. وتريد حماس ضمانات لحرية حركة الأفراد والبضائع، واستمرار عمل معبر رفح، والسماح للمواد الأساسية بالدخول، بما فيها الحديد والاسمنت، من اجل بدء إعادة الإعمار. كما رفضت الحركة إقامة شريط امني شمال وشرق القطاع. وكانت إسرائيل قالت إنها ستشغل المعابر بطاقة 80%، وتترك التشغيل الكامل لحين إتمام صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الأسير لدى حماس.

وتسعى حماس لدور تركي في صفقة شاليط. وكانت شبكة تلفاز «سي.إن.إن» التركية قالت إن وفدا تركيا توجه إلى دمشق لإجراء محادثات مع مسؤولي حماس بهدف ضمان الإفراج عن الجندي الإسرائيلي المخطوف جلعاد شاليط بحلول يوم الثلاثاء القادم. وقال التلفزيون إن المحادثات بين الجانبين وصلت إلى مستوى مفصلي وان تركيا وقطر تشاركان في المحادثات مع قيادة حماس في العاصمة السورية دمشق.

ومن جانبها، رحبت حركة حماس بالدور التركي، في ملف شاليط، مع تأكيدها أن الوساطة المصرية لا زالت قائمة. وقال مشير المصري القيادي في حماس، «من المهم أن تتوسع مظلة الوساطة في ملف صفقة الأسرى لتشكل ضغطا على العدو لإنجاز كافة الملفات»، وأكد أنهم في حماس جاهزون لإنجاز ملف صفقة الأسرى «شاليط» في غضون ساعات، إذا استجابت إسرائيل لمطالب فصائل المقاومة، لافتا إلى أن الكرة الآن في ملعب إسرائيل. وانتقد المصري، حسب موقع حماس، تعامل مصر مع حماس من بوابة الأمن، وقال «أكدنا مرات عديدة أن تعامل مصر مع القضية الفلسطينية من بوابة أمنية أمر مزعج، وهو يقزم القضية، لأنها أكبر من هذا البعد، في حين أن التحرك التركي سياسي وبأعلى المستويات، فهذا الاهتمام من القيادة التركية تجاه القضية الفلسطينية، يعطي تفاؤلا بالخير». وتابع «إن القضية الفلسطينية ليست حكرا على دولة وليست حكرا على جهة معينة، فهي قضية عربية وإسلامية، ونحن نؤكد أن الموقف الاستراتيجي العربي والإسلامي ربما يشكل ضغطا على العدو الصهيوني ويساعد الوساطة القائمة في تحريك هذه الملفات وإنجازها في أقرب وقت ممكن لا سيما أن التعنت الصهيوني هو سيد الموقف لإفشال الجهد المصري».