عائلات عراقية تتبرأ من أرامل أبنائها ضحايا الإرهاب.. بدعوى «صعوبة العيش»

أرملة تقول لـ«الشرق الأوسط»: صعقت عندما رفض أهل زوجي إعالتي وأطفالي

أرامل يتزاحمن للحصول على الإعانة المالية في بغداد (أ.ب)
TT

تقول سيدة عراقية لا يتجاوز سنها الـ 30 عاما طلبت الاكتفاء بالإشارة إليها بـ«أم إبراهيم» إنها وجدت نفسها فجأة مسؤولة عن رعاية ثلاثة أطفال بعد أن قتلت «القاعدة» زوجها في محافظة ديالى، وتقول إن ما زاد من صعوبات الحياة أنها غير موظفة، وكذلك زوجها، مما دفعها للاستغاثة بأهل زوجها الذين وصفتهم بالميسورين، لكنها صعقت عندما رفضوها ولم يتكفلوا حتى برعاية أطفالها الثلاثة.

وقالت أم إبراهيم لـ«الشرق الأوسط» إنها تعرف العشرات من الأرامل ممن يعانين نفس مشكلتها، «وأغلبهن صغيرات في السن ولم يتمكن من اللجوء لأهل الزوج المتوفى، وهنا علينا البحث عن مصدر رزق لتأمين لقمة العيش». وتضيف «أنا مثلا قمت بتأجير الدار الخاصة بي مقابل مبلغ مالي أكبر من الذي أدفعه كإيجار لمنزل صغير تحولت إليه مؤخرا وأستفيد من الفارق، إضافة إلى تسجيل أولادي في مشاريع كفالة اليتيم التي تتبناها منظمات دولية، لكن مبلغ الدعم قليل جدا ولا يتعدى الـ 10 دولارات لكل طفل شهريا».

الناشطة النسوية في محافظة ديالى ورئيسة منظمة حواء للإغاثة، بثينة محمود عباس، أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن محافظة ديالى «تعاني الآن من مشكلة تنذر بخطر جسيم وهي كثرة الأرامل والمطلقات وفاقدات المعيل، يزوجن بشكل إجباري من رجال كبار في السن لضمان عيش لهن ولأطفالهن، لكن السؤال هنا هو: من سيضمن أن الزوج الجديد سيتولى فعلا رعاية الأرملة وأطفالها؟»، مشيرة إلى أن هذه الظاهرة تحدث في اغلب المناطق التي شهدت صراعات واقتتال.

وتضيف الناشطة «هناك ظاهرة غريبة على مجتمعنا بدأت تنتشر مؤخرا، فبصفتي مسؤولة منظمة نسوية التقيت مؤخرا بعشرات الأرامل اللائي شكون رفض عائلة الزوج المتوفى لهن ولأطفالهن، وهذه الظاهرة خطيرة. لقد كان المجتمع العراقي سابقا معروف عنه شدة ترابطه الأسري والاجتماعي، فتجد حتى الأقارب يتحملون أعباء عائلة تصاب بنكبة، لكن الآن، العائلة نفسها تتبرأ من أولادها بحجة صعوبة العيش وما شابه، وهنا لن يكون أمامنا سوى خيار واحد؛ هو تركيز الحكومة على رعاية هذه الشريحة المتضررة لأنها ضحية الإرهاب، ومن حق المتضرر من الإرهاب أن يحصل على رعاية دولته له». وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أكدت، وعلى لسان مستشارها عبد الله اللامي، أن هناك دائرة جديدة تم تشكيلها بعد إقرار قانون ضمان شريحة الأرامل والمطلقات، وتسمى بدائرة الرعاية الاجتماعية للمرأة، وهي تواصل عملية استقبال طلبات الشمول من النساء المعنيات، ومن ثم شمولهن بنظام توزيع الإعانات على الأرامل والمطلقات وفاقدات الأزواج اللواتي ليس لهن أي دخل. وأكد أن الوزارة قامت بتوزيع  الوجبة الأولى على المشمولات؛ حيث تقرر بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية تخصيص إعانات مالية شهرية مقدارها مائة ألف دينار للمرأة الأرملة والمطلقة وفاقدة الزوج، اللواتي ليس لهن أي دخل، مع إضافة 15 ألف دينار لكل طفل، وحتى الطفل الخامس، أي تصل الإعانة المالية إلى 175 ألف دينار، وهذه الإعانات تهدف إلى رعاية المرأة وتمكينها اقتصاديا واجتماعيا، وهي مهمة إنسانية تتوخى تعويض المرأة عن ظروف الحرمان والقهر والإهمال.