انتشار محطات الوقود المتنقلة في غزة يؤكد ازدهار نشاط الأنفاق

المهربون يستخدمون الأنابيب في نقل البنزين والسولار

TT

لم يعد سمير نصار في حاجة للسفر إلى مشارف مخيم البريج للاجئين وسط القطاع، للتزود بالوقود في نهاية يوم عمل، من محطة الوقود التي تقع في المكان. فسمير الذي يعمل سائقا في إحدى روضات الأطفال في مخيم المغازي، أصبح يتزود بالوقود من إحدى محطات الوقود المتنقلة التي باتت تنتشر على الشارع الرئيسي في المخيم، كما هو الحال في جميع مناطق القطاع.

فالمسافر على شارع صلاح الدين، الرئيسي الذي يصل جنوب القطاع بشماله، يلحظ على مسافات متقاربة وجود مجموعات من الشباب يقفون إلى جوار عدد من البراميل الممتلئة بأنواع الوقود من بنزين، وسولار وجاز أبيض، بالإضافة إلى الزيوت المستخدمة للسيارات. وبخلاف ما عليه الحال في محطات الوقود العادية، فإن أصحاب محطات الوقود المتنقلة يقومون بتعبئة الوقود في السيارات بشكل يدوي وذلك باستخدام محقان كبير. ويدلل انتشار محطات الوقود المتنقلة، في الحقيقة على ازدهار عمل أنفاق التهريب بين مصر وقطاع غزة، رغم أن الطائرات النفاثة الإسرائيلية واصلت خلال الحرب على غزة وبعدها إلقاء مئات الأطنان من القنابل الارتجاجية على الشريط الحدودي الفاصل بين مدينتي رفح المصرية والفلسطينية. لكن هذا القصف الذي لا يزال متواصلا لم يؤد إلى شل عمليات تهريب الوقود المصري الذي وضع حدا لمشكلة نقص الوقود الناجم عن الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع منذ أكثر من عام ونصف العام. وقال أحد الأشخاص الذين على علاقة بتجارة الوقود لـ «الشرق الأوسط» إن تجار الوقود المهرب يستخدمون أنابيب في نقل الوقود من رفح المصرية إلى الفلسطينية، ومن هناك يتم نقله وتوزيعه على المحطات الثابتة والمتنقلة. واللافت للنظر أن المحطات المتنقلة أصبحت مصدر رزق لعدد كبير من الشباب الفلسطيني العاطل عن العمل الذين يتعاملون مباشرة مع تجار الوقود الرئيسيين. ويبدو أن هذه التجارة تدر أرباحا أكبر، الأمر الذي جعل البعض يتركون عملهم والتوجه إلى هذه التجارة.

فمحمد عباد الذي كان يملك بقالة في مخيم النصيرات، وسط القطاع، قرر مؤخرا تصفية البقالة، والعمل في مجال بيع الوقود. وهو أحد الذين يملكون محطة وقود متنقلة يساعده في ذلك إخوانه وأبناؤه. وقال محمد لـ «الشرق الأوسط» إن التجربة الجديدة جيدة مقارنة مع تجربته السابقة كصاحب بقالة، حيث تورط مع الكثير من الزبائن الذين كانوا يشترون ولا يسددون ما عليهم، أما الآن فهو يحقق ربحا معقولا، ولا يقوم بالبيع لأحد إلا بعد أن يدفع المال لقاء ذلك. ولا تحتاج إقامة محطة متنقلة إلى كثير من الإعداد، فيكفي أن تتفق مع تاجر الوقود الذي يقوم بتعبئة عدد من براميل أو غالونات الوقود، التي يتم وضعها على قوارع الطرق ليقبل عليها الزبائن. ولا يشعر عاطف البدرسي الذي يملك محطة وقود متنقلة بالقرب من دير البلح بأي قلق إزاء إمكانية توقف تدفق الوقود المهرب. وقال لـ «الشرق الأوسط» إنه غير قلق من الحديث عن تشديد الإجراءات لمنع عمليات التهريب، موضحا «فقط في حالة واحدة يمكن توقف التهريب، في حال تم السماح بوصول الوقود عبر المعابر وبأسعار معقولة».