اقتراب الانتخابات يرفع «المتاريس السياسية» في لبنان ويزيد وتيرة تبادل الاتهامات

فريقا «8 آذار» و «14 آذار» .. يحشدان لـ «أم المعارك»

TT

كلما تقلصت الفترة الزمنية التي تفصل اللبنانيين عن موعد الانتخابات النيابية المقررة في 7 يونيو (حزيران) المقبل، ارتفع سقف الخطاب السياسي وارتفعت «المتاريس السياسية» وتصاعدت حدة القصف الكلامي والاتهامات المتبادلة بين قادة فريقي 14 و8 آذار، مما ينذر بأن المواجهة ستكون حامية في «أم المعارك» وسط تزايد القلق من انعكاس التعبئة الشعبية لدى الطرفين على الوضع الأمني قبيل هذه الانتخابات وخلالها.

وأمام السخونة المتصاعدة يوماً بعد يوم، سأل البطريرك الماروني نصر الله صفير، في عظة ألقاها أمس، الله «أن يلهمنا أن نقطع المسافة التي تفصلنا عن الانتخابات بطريقة سلمية وحضارية». وتمنى لقائد الجيش العماد جان قهوجي، الذي حضر القداس في بكركي «التوفيق في المهام الجسيمة التي يقوم بها على رأس الجيش المظفّر».

أما رئيس الهيئة التنفيذية لـ «القوات اللبنانية» سمير جعجع فرأى في اليوم الانتخابي في السابع من يونيو (حزيران) «فرصة للبنانيين ليتوجهوا إلى صناديق الاقتراع ويقترعوا للقرار الحر الذي سيختار الدولة التي ستحكمهم». وقال، في كلمة ألقاها في حفل عشاء أقامته «القوات» ليل السبت - الأحد: «إن اللبنانيين ينتخبون كل أربع سنوات ويبقون غير راضين خلال هذه الفترة بالطريقة التي تحكم بها الدولة. إن تحسين الأوضاع في الدولة أو عدمها أمر بيدهم، إذ لا يمكننا أن نقترع كل أربع سنوات بطريقة مغايرة لقناعاتنا أو نقدم مصالحنا الشخصية على المصلحة العامة، فبالرغم من كل ظروف لبنان ما زلنا نتمتع بحد مقبول من الديمقراطية». وغمز من قناة «التيار الوطني الحر» وزعيمه النائب ميشال عون من دون أن يسميهما فانتقد «الطاقم السياسي القديم الذي بدأ باعتماد طريقة أخرى ليكون لديه أمل معين في الفوز بالانتخابات القادمة. ولكن مهما سعى فلن يفلح ولو أنه يحاول بأسلوبه الجديد طرح سؤال يظهر وكأنه سؤال بريء وهو الآتي: أنتم ما زلتم تنتظرون منذ 30 عاماً القوات اللبنانية وحين استلمت ماذا فعلت لكم ؟ وجوابي هو كان من الأفضل لو صمت هذا الطاقم القديم باعتبار أننا لو قمنا بجردة حساب لهم فلن تكون النتيجة مشرفة بحقهم». واعتبر «أن من حق هؤلاء أن يترشحوا في الانتخابات، لكن ليس من حقهم تحوير الوقائع وتزوير الحقائق» لافتاً إلى «أن ما فعلته القوات اللبنانية ونوابها في السنوات الأربع الأخيرة، بالرغم من كل الصعوبات، كان أكثر بكثير مما قام به هؤلاء في المنطقة منذ 30 عاماً حتى اليوم».

واستغرب جعجع «رد فعل قوى 8 آذار على موقف (النائب وليد) جنبلاط بشأن المؤسسة العسكرية». وقال: «إن هؤلاء تذكروا أن لدينا مؤسسة عسكرية وطنية كبيرة عندما قام رئيس حزب وتكتل نيابي بطرح بعض الأسئلة. لكنهم تجاهلوا وجودها عندما كان الأمر يتعلق بمسألة السلاح خارج سلطة الجيش أو خارج المخيمات أو قرار السلم والحرب». وأسف لـ «انحدار العمل السياسي في البلد إلى هذا الدرك» مشدداً على أن «من يهمه أمر المؤسسة العسكرية عليه أن يسعى جاهداً إلى جمع كل السلاح الموجود خارج سلطة الجيش اللبناني والعمل من أجل أن يكون قرار السلم والحرب داخل الحكومة اللبنانية».

إلى ذلك، رد عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا على كلام رئيس الحكومة الأسبق عمر كرامي الذي انتقد موقف البطريرك صفير المحذر من فوز قوى «8 آذار» في الانتخابات. ورأى في كلام كرامي «تعرضاً للمرجعية الوطنية والدينية المتمثلة في بكركي وسيدها الذي أُعطي مجد لبنان من دون منّة من أحد». وسأل كرامي: «كيف تقبل من كل رجال الدين الآخرين، بدءاً من السيد حسن نصر الله وانتهاء بآخر رجل دين في آخر دسكرة من لبنان، أن يتناولوا كل الأمور السياسية والوطنية كما يشاؤون ويعلن بعضهم مواقفه حادة لا تخدم المصلحة اللبنانية ولا الوحدة الوطنية ولا تقيم وزناً لعلاقات لبنان العربية والدولية، بينما يُنكَر على المرجع الأكثر اتزاناً والأكثر حرصاً على كل المسلمات الوطنية هذا الحق؟».

وأكد أن «هذا الموقف وأي موقف مماثل، من أي طرف كان، هو مرفوض ومُدان. ولن نقبل بعد اليوم بأي تطاول على أي من رموزنا الدينية والوطنية وخصوصاً بكركي، وبغض النظر عن رأي سيدنا البطريرك الذي لا يبدي أي رد فعل على ظالميه ومضطهديه». وحذر قائلاً: «لا يتجرأن أحد بعد اليوم على أي فعل مماثل، لأن مقدساتنا عصية على أي تطاول ورموزنا ليست مستباحة. وأي استهانة بها لن تمر بعد اليوم».

من جهته، اعتبر عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب علي خريس أن «عودة البعض إلى اعتماد الخطاب السياسي المتشنج والخطاب المذهبي والطائفي لتوتير الأجواء الداخلية وضرب الاستقرار يؤكد أن هذا البعض ما زال يراهن على متغيرات خارجية يستفيد منها في الداخل» مشيراً إلى «أن الرهان على الخارج عملة غير قابلة للصرف ولا تغني أصحابها ولا تسمن من جوع». وأكد أن «حركة أمل ستبقى تعمل لتحصين الوحدة الداخلية باعتبارها أفضل وجوه المواجهة للتحديات والصعوبات التي نمر بها في لبنان وفي المنطقة».

هذا، وأمل عميد حزب «الكتلة الوطنية اللبنانية» كارلوس إده، في حديث إذاعي بث أمس، أن «تربح قوى 14 آذار الانتخابات النيابية». وأيد ما قاله البطريرك صفير من «أن نجاح 8 آذار في الانتخابات النيابية سيكون كارثة كبيرة على لبنان، وأن نجاحهم سيؤدي إلى تغيير وجه لبنان». وأعلن عن أنه سيترشح منفرداً في دائرة جبيل، مستغرباً الكلام عن أنه سينقل ترشيحه إلى مكان آخر. وشدد إده على أن «ثورة الأرز كانت فرصة ذهبية لبناء لبنان الذي كنا نحلم به، إلا أن أموراً عدة حدثت كان أخطرها انتقال النائب ميشال عون إلى الخط السوري». وقال: «عندما اغتيل الرئيس الشهيد رفيق الحريري أعلن النائب عون أن السوريين هم من قتله. وبعد ذلك منع تحقيق أهداف ثورة الأرز». ورأى أن العماد عون «لا يريد إصلاح النظام إنما يريد الاستفادة منه». وإذ وضع علامات استفهام حول الكتلة الوسطية، أشار إلى أن عون يرفضها «لأنه سيخسر أصواتاً يعتبرها له في مجلس النواب» معتبراً أن المعركة الانتخابية ستكون على المقاعد المسيحية. وقال مسؤول «التيار الوطني الحر» في الجنوب العميد فوزي أبو فرحات، إثر زيارته أمس مسؤول منطقة الجنوب في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق، إن «تأليب الناس ضد العماد عون وضد التيار الوطني الحر هي لأسباب غير متعلقة بالمصلحة الوطنية اللبنانية الداخلية، بل تتعلق بمصالح خارجية (...) ونحن واعون تماماً ولدينا المنعة والمواقف الواضحة». واعتبر أن وثيقة التفاهم الموقعة بين التيار و«حزب الله» أثبتت أنها «إحدى دعائم الاستقرار المهمة».