الحيانية: بعد 5 أعوام من قتال القوات البريطانية.. المقاتلون يبحثون عن فرص عمل

معقل الصدر في البصرة ونشاطات فيلق القدس تتحول إلى منجم للمعلومات الاستخباراتية

لوحة عليها صورة مقتدى الصدر ملقاة على الأرض في الحيانية بالبصرة (رويترز)
TT

لم تعد منطقة الحيانية الشعبية غرب البصرة مصدرا استخباريا مهما للأجهزة الأمنية وللقوات المتعددة الجنسيات منذ اجتياح العراق عام 2003 للوضع الداخلي فحسب، بل كشفت تورط فيلق القدس الإيراني في أعمال العنف في العراق وفتحت ثقبا في الدرع الأمني لحزب الله في لبنان.

يشكل سكان المدينة التي اتخذت من اسم محافظ المدينة محمد الحياني الذي وزع على أصحاب الصرائف قطع أراض متساوية بمساحة 150 مترا مربعا، شيدوا عليها دورا متواضعة منتصف السبعينات اسما لها، مصدر قلق للأجهزة الأمنية والقوات البريطانية لمشاركتهم في الأعمال المسلحة وارتباط الكثير منهم بالتيار الصدري، بزعامة رجل الدين الشيعي الشاب مقتدى الصدر. وتماثل منطقة الحيانية بالبصرة منطقة مدينة الصدر ببغداد التي تعد العقل الرئيس للصدر في العاصمة العراقية. لم تتوفر إحصاءات دقيقة لأعداد سكانها الذين تجاوزوا النصف مليون مواطن، تقاربت بيوتهم حسب ارتباطهم العشائري، وأحيائهم تعرف بأشكالها الهندسية (المثلث والمربع والمستطيل)، ومعظمهم ينحدرون من سكان محافظة العمارة، وامتهن بعضهم الحرف والأعمال الخدمية وشكلت البطالة لديهم أعلى النسب.

عانى سكانها  من العنف في زمن النظام السابق بسبب هروب أبنائها من الخدمة العسكرية ورفضهم المشاركة بالحروب، كما تلقوا ضربات بعد الانتفاضة ضد النظام عام 1991، وتعرضوا على مدى السنوات الخمس الماضية إلى الدهم والاعتقال لمشاركتهم في التصدي للقوات البريطانية وتشكيل جماعات مسلحة من الميليشيات.  وتقول مصادر أمنية عراقية إن الجماعات المسلحة في البصرة، ومعظمهم من سكنه الحيانية، كبدوا القوات البريطانية معظم خسائرها التي قاربت من مصرع مائتي جندي، وإصابة المئات، ولم تتخلص منها إلا بعد أن عقدت معها صفقة «تفاهم» من بينها إطلاق سراح المعتقلين لدى القوات البريطانية مقابل وقف العمليات المسلحة، كما كشف المعتقلون منهم مصادر أسلحتهم وتمويلهم وتدريبهم التي  كان فيلق القدس الإيراني مصدرا مهما فيها. وتضيف المصادر أن «من أكثر الأمور إثارة التي شهدتها منطقة الحيانية والتي باتت مصدرا للمعلومات في المحيط الأمني للمنطقة عندما داهمت، في مايو (أيار) عام 2007 قوات أميركية خاصة قدمت من بغداد، أحد المساكن بالمنطقة واعتقلت فيه قيس الخزعلي القيادي في التيار الصدري بادعاء تورطه في مقتل خمسة جنود أميركيين في مدينة كربلاء، وشخص غير مقصود كان يرافقه ادعى أنه أصم وأخرس، إلا أنه تبين بعد أسابيع من التحقيق معه أنه يدعى علي موسى دقدوق (24 عاما) المسؤول الأمني في حزب الله اللبناني واحد المقربين من الشيخ حسن النصر الله، وانه قادم من إيران، ويقوم بتدريب جماعات في البصرة وان المعلومات التي كشفها هي التي قادت المخابرات الإسرائيلية إلى اغتيال عماد مغنية القائد العسكري في حزب الله اللبناني، حسب التقارير الإخبارية».

ويرى هاشم شبيب، محام، أن «الكثير من الشبان ارتبط بمقاومة الاحتلال بدوافع وطنية وحققوا انجازات كبيرة في مقاومة الاحتلال، فيما مارس القلة منهم أعمالا مسلحة عندما غاب القانون، واستفحلت الحيتان الكبيرة على موارد المدينة بشكل غير مشروع» مستدركا أن «المدينة التي تعيش بهذا  الواقع لا تتردد في إيواء دقدوق الذي تصل ميزانيته الشهرية إلى ثلاثة ملايين دولار»، مشيرا إلى «عودة هؤلاء إلى رشدهم بعد صولة الفرسان متطلعين للإدارة الجديدة  المنتخبة بإيجاد فرص عمل للعاطلين»، في إشارة إلى انتخابات مجالس المحافظات. ووصف يوسف نصار، ملحن يسكن المدينة، أهالي الحيانية بـ«الناس البسطاء الطيبين، منهم من يكتب الشعر تعزلا بأمجاد الوطن ويعبر آخرون عن إبداعاتهم  بالفنون التشكيلية والمسرحة والإعلامية، فيما يرفد شبابها الأندية الرياضية والشبابية بالطاقات الموهوبة».

وقال إن «الحالة المأساوية للواقع المتخلف للمدينة هي من مسؤولية السلطات المحلية والحكومة المركزية التي أهملت كل شي فيها ابتداء بالإنسان حتى أخذ المرض والفقر والجهل يفتك بالأطفال والنساء والآخرين».