دار الإفتاء المصرية: الانتماء إلى جماعات إسلامية بنهج سياسي وعسكري مخالفة للشرع

الإخوان استغربوا صدورها.. والجماعة الإسلامية «رفضت قبولها على إطلاقها»

TT

أفتت دار الإفتاء المصرية بعدم جواز الانتماء إلى الجماعات الإسلامية، لو انتهجت نـهجا سياسيا وعسكريا، أو سياسيا قابلا للتطوير العسكري، قائلة إن المسلم عليه اتباع الشرع في أموره، مع احترام النظام العام للدولة، حتى إن عاش في ظل نظام له مرجعية وضعية، رافضة قيام بعض الجماعات بإنشاء جناح عسكري لها، والخروج على الحكومات.

واعتبرت دار الإفتاء أنه بسقوط الخلافة الإسلامية، لم يعد للمسلمين إمام، وأن المسلم عليه «اتباع الشرع في أموره مع احترام النظام العام للدولة التي يعيش فيها، والحفاظ على الرابطة الإيمانية بالأمة عبر الاحتكام للشرع على المستوى الفردي والاجتماعي، حتى إن عاش في ظل نظام قانوني له مرجعية وضعية».

وقالت الفتوى إن الجماعات الإسلامية المعاصرة نشأت بعد سقوط الخلافة، وتفكيكها إلى دويلات لكل منها حدود جغرافية تعزلها عن الأخرى، فقامت في هذه الدول جماعات مختلفة أحزنها غياب المسلمين تحت إمام واحد، مضيفة: «كانت دعوتـها هي عودة الخلافة الإسلامية، إلا أن الأمر تطور، وأحسنوا الظن بأنفسهم وأساءوا الظن بغيرهم، فلم يروا أن أحدا مؤهل لهذا الأمر إلاهم».

وتابعت الفتوى أن هذا أدى إلى وقوع الفُرقة والتشرذم والشقاق بين صفوف جماعة المسلمين، مشيرة إلى أنه «كلٌّ يريد أن يستقطب جماهير الناس خلفه، وبدأت بعض هذه الجماعات في إنشاء جناح عسكري لها، وخرجوا على حكومات تلك الدول الإسلامية التي أقرت الشريعة الإسلامية مصدرًا رئيسيا للتشريع في البلاد». واعتبرت الفتوى أن تلك الجماعات «اعتبرت أنفسها أنظمة مستقلة ولها إمام، وعقدت الولاء والمبايعة لقوادها، وكان هذا هو أساس الانتماء والولاء، فهم بكل هذه الأشياء خرجوا عن جماعة المسلمين التي أمرَنا الله عز وجل بلزومها وعدم الخروج عنها، وهم السواد الأعظم من المسلمين». وقالت إن هذه الفرق والطوائف التي ظهرت في العصر الحديث، ما هي إلا امتداد لإحياء أفكار الخوارج، مضيفة: «فهذه الجماعات التي تدعي لأنفسها التأهيل لإقامة الدين وتطبيقه دون غيرها زورا، لا يجوز الانتساب إليها ولا السير على أفكارها، لأنـها مخالفة للشرع الحنيف جملة وتفصيلا». ولكن أجازت الفتوى عمل الجمعيات الخيرية داخل جماعة المسلمين، قائلة: «أما التجمعات التي تحدث داخل جماعة المسلمين، ويُقصد بها نفع المجتمع، مثل جمع الزكاة والأضاحي وكفالة اليتامى وأمور الخير والبِر، فلا بأس بها، لأنه ليس فيها خروج عن جماعة المسلمين».

ورفضت أكبر جماعتين إسلاميتين في مصر قبول الفتوى على إطلاقها، مبديتين «الاستغراب» من إعلانها في هذا التوقيت، إذ قال الدكتور حبيب، النائب الأول لمرشد جماعة الإخوان، إن جماعة الإخوان ترى أن الفتوى تدفع في اتجاه أن يأخذ المجتمع موقفا سلبيا من الجماعات الإسلامية، ومن المجتمع المدني بشكل عام، بحيث لا يقترب أحد من هذه الجماعات، فضلا عن مشاركته فيها. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك من يريد أن يثير حول الجماعات الإسلامية تحريضا وتشويها وغبارا». وتابع «إذا كان هناك من يقول إن الجمعيات والنقابات لا تعمل بالسياسة، فإن هذا القول ينقصه الفهم الصحيح للسياسة، لأن السياسة ليست إدارة شؤون الحكم فقط، لكن ينضوي تحت لوائها كل اهتمام بالشأن العام». من جانبه، أوضح الدكتور ناجح إبراهيم أن رؤية الجماعة الإسلامية هي أن مقدمات هذه الفتوى صحيحة، ولكن الاستنتاج منها خاطئ. وأضاف أن الخطأ في الاستنتاج هو «تعميم الحكم على الجماعات الإسلامية بأنها فضلت نفسها وقيادتها علي غيرها، فمعظم الجماعات اليوم تنادي الحكام بأن يحكموا هم بالشريعة». وتابع: «الجماعات أكثرها اليوم يقول: لا نريد أن نحكم نحن الإسلام، ولكن نريد أن نُحكم بالإسلام من أي أحد كان». ونصح الدول والحكومات أن «تحسن استغلال الحركات الإسلامية لتقوية مجتمعاتها وتحسين أدائها، كما أحسنت إسرائيل استخدام الحركات الدينية لخدمة أهدافها، بحيث يتكامل الجميع لخدمة المجتمع، ويعطي كل منهما في مجاله وفي ما يحسنه».

وأضاف: «لا يمكن إلغاء الحركة الإسلامية من الواقع بفتوى أو فرمان أو قرار، وذلك لأنها مكون رئيسي من مكونات المجتمعات في الدول العربية والإسلامية»، ليوضح: «ولكن يمكن وضع إطار قانوني لترشيد العلاقة بينها وبين الدولة، بحيث تتحول من علاقة صدام إلى علاقة تعاون وتفاهم حول أرضية مشتركة تجمعها ومصالح البلاد، وهذه لا يختلف عليها أحد من الإسلاميين أو الليبراليين أو الساسة المخلصين أو الدول نفسها».