مبارك من الإليزيه: التهدئة بين حماس وإسرائيل ربما الأسبوع المقبل

القاهرة تنتظر نتائج الانتخابات الإسرائيلية لإعلان اتفاق يوافق عليه الفائز

جندي اسرائيلي يمنع سيدة فلسطينية من عبور حاجز بيت ايبا قرب نابلس امس (ا ب)
TT

استبق الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي جولته الخليجية التي سيبدؤها اليوم في مسقط، بمحادثات مع الرئيس المصري حسني مبارك على طاولة غداء أمس في قصر الإليزيه. واحتلّ ملف غزة بكامل تفاصيله والجهود المصرية للتوصل إلى تهدئة بين حركة حماس وإسرائيل ومؤتمر إعادة إعمار قطاع غزة، الذي تحضّر له القاهرة، والجهود الدولية بما فيها الأميركية، ومستقبل الوضع على ضوء الانتخابات العامة الإسرائيلية اليوم، غالبية المناقشات التي دارت بين الجانبين الفرنسي والمصري.

في غضون ذلك، أكدت مصادر مصرية مطّلعة أن القاهرة تتريث في إعلان اتفاق التهدئة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، انتظارا لنتائج الانتخابات الإسرائيلية اليوم، تحسبا لعدم موافقة الفائز في تلك الانتخابات على التهدئة. وتحدث الرئيس المصري حسني مبارك، عقب لقائه ساركوزي أمس، عن احتمال التوصل إلى اتفاق للتهدئة الأسبوع المقبل، لكن مبارك رفض الإفصاح عن شروط التهدئة في الاتفاق الجديد. ووفقا لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية، فإن مبارك دعا إلى التريث وعدم تعجل الأمور، قائلا: «إن الإعلان عن أي شيء الآن قد يؤدي إلى رفضه بعد ساعتين»، وأكد الرغبة في التوصل إلى تهدئة، وصولا إلى فتح المعابر وإتاحة الفرصة للشعب الفلسطيني حتى يتمكن من العيش.

وقال مبارك ردا على سؤال في المؤتمر الصحافي المقتضب: «لقد تحدثنا عن موضوع التهدئة ومتى سيتم التوصل إلى قرار بشأنها»، مضيفا أنه قد يتم التوصل إليها الأسبوع المقبل. وكشف مبارك أنه دعا الرئيس ساركوزي لحضور مؤتمر إعادة بناء غزة، وأن الأخير سيحضر افتتاح أعمال المؤتمر المقرر في 2 مارس (آذار) المقبل.

وقالت مصادر الإليزيه إن الجانبين المصري والفرنسي يعملان على التوصل إلى «هدنة» من عام إلى عام ونصف، تترافق مع إعادة فتح المعابر على مرحلتين: الأولى وبشكل كامل تُفتح أمام المساعدات الإنسانية، والثانية «قيد التفاوض» من أجل إعادة البناء.

إلى ذلك، يعود وفد حماس برئاسة الزهار إلى القاهرة، حاملا رد الحركة على المقترحات المصرية بشأن اتفاق التهدئة، خصوصا بعد الحصول من الجانب الإسرائيلي على الاستفسارات والإيضاحات التي طلبتها الفصائل والتنظيمات الفلسطينية حول استحقاقات التهدئة.

وقال مصدر مصري لـ«الشرق الأوسط»، إن الأمور تسير في الاتجاه الإيجابي، وقال «نحن في المرحلة النهائية من إنجاز اتفاق التهدئة». وأشار إلى أن مصر أجرت خلال الأيام الماضية مشاورات مكثفة مع حماس وحركة فتح وباقي التنظيمات الفلسطينية، وكذلك مع الجانب الإسرائيلي، وستعود بعض الفصائل إلى القاهرة خلال الأيام القليلة المقبلة لاستكمال الشكل النهائي للاتفاق، بعد أن تكون كل الأمور قد وضحت وقبلت بها الأطراف.

في المقابل، كشف مسؤول في حركة حماس لـ«الشرق الأوسط» عما وصفه بعقبتين تعوقان التوصل إلى الاتفاق الأولى: الأولى كمّ ونوع السلع التي ستسمح إسرائيل بدخولها القطاع، في مقابل السلع التي ستحظر دخولها بحجة استخدامها في تصنيع الصواريخ، والثانية رفض إسرائيل التام وجود مراقبين دوليين عند المعابر.

وفي ما يتعلق بالمصالحة الفلسطينية أشار المسؤول في حماس إلي طلب الحركة من الجانب المصري تشكيل لجنة قانونية للإفراج عن المعتقلين بالضفة الغربية لتوفير أجواء إيجابية نحو إتمام المصالحة، فيما وصف المصدر المصري رد كل الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركتا فتح وحماس، على المصالحة، بأنه «إيجابي للغاية»، موضحا أن جميع الفصائل أكدت حرصها والتزامها وتجاوبها مع الجهد المصري، ومع موعد بدء الحوار في الثاني والعشرين من فبراير (شباط) الجاري.

وقال عضو القيادة السياسية لحركة حماس محمد نزال، في تصريح له أمس، إن مباحثات التهدئة تواجه، بعض الإشكاليات: الأولى حول المدة، موضحا أن الحركة وافقت على تهدئة لمدة عام ونصف العام، لكن إسرائيل لا تريد التقيد بمدة زمنية. والثانية تتعلق بكسر الحصار وفتح المعابر، والمشكلة - حسب قوله - أن مصر لا تريد أن تخضع معبر رفح لهذا الاتفاق في المرحلة الأولى، وتقول: «بعد إبرام التهدئة نخضع اتفاقية معبر رفح لتفاهم بين السلطة وحماس»، ومعنى ذلك أنه لا يوجد ضمانات لفتح المعبر.

وبالنسبة إلى المعابر المرتبطة مع الإسرائيليين قال نزال «إن الإسرائيليين مستعدون لفتحها، ولكنهم سيرفعون الحصار بنسبة 80 بالمائة، وهذا يثير تساؤلات حول الـ20 بالمائة المتبقية، فهل هي نوعية أم كمية؟». ومع ذلك، أشار نزال إلى إمكانية إبرام اتفاق تهدئة خلال الأيام المقبلة، حال تم تجاوز الإشكاليات المذكورة، وقال: «نحن منفتحون ونريد الوصول إلى اتفاق، ولكن ليس بأي ثمن، وليس على حساب تضحيات الشعب الفلسطيني، ونريد اتفاقا مشرفا لا مجحفا».

إلى ذلك، يصل ساركوزي مسقط، محطته الأولى، في جولته الخليجية التي ستشمل أيضا المنامة والكويت.

وقالت مصادر رئاسية فرنسية في معرض تقديمها للزيارة أمس، إن الملف الإيراني يأتي في المقام الأول من المسائل التي سيبحثها ساركوزي مع قادة الدول الثلاثة. وكشفت المصادر أن ساركوزي سيطلب من سلطان عمان قابوس بن سعيد نقل رسالة فرنسية إلى القادة الإيرانيين. وقالت أوساط الإليزيه لاحقا لـ«الشرق الأوسط» إن باريس «تريد الاستفادة من العلاقة الجيدة التي تربط مسقط بطهران لإيصال جملة رسائل للقادة الإيرانيين، أولها تأكيد الاستمرار في نهج التعاطي المزدوج مع إيران، القائم على التشدد من جهة في طلب وقف النشاطات النووية الحساسة، والاستعداد للانفتاح والحوار من جهة أخرى».