القذافي يعلن عن مبادرة للوساطة بين إريتريا وإثيوبيا.. للمصالحة وترسيم الحدود

محامو طرابلس يناشدونه التدخل لوقف اعتقال أحد أبرز مساعدي نجله سيف الإسلام

TT

أعلن الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي عن مبادرة سيقوم بها من أجل حل المشكل الحدودي بين إريتريا وإثيوبيا، وترسيم الحدود بينهما وتطبيق حكم المحكمة الخاصة بذلك، استنادا إلى القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، مستهلا رئاسته للاتحاد الأفريقي التي تسلمها الأسبوع الماضي. وجاء هذا الإعلان ضمن تصريحات أدلى بها القذافي أول من أمس لوسائل الإعلام الإريترية قبيل مغادرته إريتريا، وبثت وكالة الأنباء الليبية نصها أمس. وقال القذافي إنه تحدث مطولا في هذا الصدد مع رئيس الوزراء الإثيوبي «ميلس زيناوي» في أديس أبابا، ومع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي خلال زيارته إلى إريتريا، معتبرا أن المشاكل في القارة هي نتيجة لاستعمار إفريقيا في الماضي الذي خلق حدودا وقسم القبائل وترك قنابل موقوتة بدأت تنفجر الآن في كل مكان بإفريقيا، لتبقى مشغولة بالمشاكل الثنائية والتمرد والحروب والانقلابات وعدم الاستقرار، لتستمر الشركات الأجنبية في مص واستنزاف ثروات القارة.

وأضاف «من واجبي بعد أن توليت رئاسة الاتحاد الإفريقي في هذه الدورة، ويلزمني القانون التأسيسي بأن أحاول حل المشاكل الموجودة بين دول الاتحاد الإفريقي». ولفت القذافي إلى أن ما دفعه إلى إعلان هذه المبادرة، أن هناك قطيعة بين البلدين لدرجة أن الرئيس الإريتري لم يذهب إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا لحضور قمة الاتحاد الإفريقي مؤخرا، كما لم تنضم إثيوبيا لتجمع دول الساحل والصحراء الذي يترأسه القذافي والمعروف اختصارا باسم «س.ص» مع أن كل الدول المحيطة بإثيوبيا هي أعضاء في هذا التجمع.

وأعرب القذافي عن أمله في أن يتفق الفرقاء سواء في دارفور أو في الصومال مع بعضهم وأن يقتنعوا بأن القوة والسلاح لا يؤديان إلى حل المشاكل، خاصة بعد أن تم تجريب القوة والسلاح دون جدوى.

وأوضح أن دور الاتحاد الإفريقي هو حل المشاكل بين الفرقاء بالطرق السلمية، وقال «لقد جربنا القوة وجربنا السلاح، ولم تحل المشاكل سواء في دارفور أو حتى في الصومال، وغيرها، أنا بودي أن هذه الأطراف تتفق مع بعضها، ليس من مصلحة السودان أن تستمر هذه المشكلة، ولا من مصلحة الصوماليين أن يستمر النزاع».

وأكد على متانة العلاقات الأخوية بين ليبيا وإريتريا مشيرا إلى إمكانية استفادة الشعبين الليبي والإرتيري من خلال إقامة مشاريع استثمار مشتركة بدمج إمكانيات البلدين، خاصة وأن إريتريا التي تطل على البحر الأحمر تعد بلدا سياحيا عالميا.

يشار إلى أن الخلافات الحدودية بين إريتريا وإثيوبيا أدت إلى وقوع حرب شرسة بين عامي 1999-2000 وقتل فيها أكثر من 80 ألف جندي وجرح مئات الآلاف من الجانبين. ووقع البلدان بوساطة جزائرية اتفاقا للسلام بينهما في ديسمبر (كانون الأول) عام 2000 وتعهد البلدان باحترام القرار «النهائي والملزم» الذي تتخذه لجنة مستقلة لترسيم الحدود. ووضعت اللجنة ترسيما عام 2002 قررت بموجبه منح قرية بادمي الحدودية المتنازع عليها، لإريتريا مما أدى لممانعة إثيوبية من تسليم القرية، واستمر منذ ذلك التاريخ التوتر بين البلدين.

من جهة أخرى، دعت نقابة المحامين في العاصمة الليبية طرابلس، العقيد القذافي إلى التدخل الفوري لوقف التحقيقات التي تجري مع المعارض الليبي السابق الدكتور جمعة عتيقة الرئيس السابق لجمعة حقوق الإنسان التابعة لمؤسسة القذافي للتنمية. وقال عبد السلام دقيمش نقيب المحامين في طرابلس لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، إن النقابة وجهت أمس برقية عاجلة إلى القذافي تناشده فيها التدخل لمعالجة هذه القضية، مشيرا إلى أن الاجتماع الذي كان مقررا أن تعقده النقابة مساء أول من أمس بمقرها في العاصمة الليبية قد ألغي بطلب من جهات ليبية رسمية.

وأوضح دقيمش أن أمانة النقابات بمؤتمر الشعب العام (البرلمان) الليبي الذي يعتبر أعلى سلطة تشريعية في النظام الجماهيري الذي دشنه القذافي في البلاد عام 1977، قد طلبت عدم عقد المؤتمر وإتاحة الفرصة لحل قضية استمرار اعتقال عتيقة الذي يعد من أبرز مساعدي سيف الإسلام النجل الثاني للعقيد القذافي ورئيس مؤسسة القذافي للتنمية. وأضاف: «وردتنا مكالمة هاتفية وطلبوا منا عدم عقد المؤتمر ورأينا من المصلحة إلغاء الاجتماع وتوجيه برقية للقذافي وتشكيل لجنة من ست محامين للدفاع عن عتيقة». وقال «طلبنا من القذافي التدخل لوضع حد لهذه الإجراءات التعسفية التي لا سند لها قانونيا، ونعول على تدخله لأن هناك حساسيات معينة، ويقال هناك معلومات جديدة لكن لم نواجه بها».

ولا يزال عتيقة معتقلا في مقر المباحث الجنائية في طرابلس لليوم الحادي عشر على التوالي وممنوعا من الزيارة، كما يمنع من إجراء أي اتصالات بالعالم الخارجي. وكان المهندس سيف الإسلام القذافي قد توعد في حوار لـ«الشرق الأوسط» مؤخرا بمحاسبة المسؤولين عن اعتقال عتيقة ووصفه بأنه إجراء سخيف للغاية.

ويعتقد على نطاق واسع أن اعتقال المحامى الليبي الذي تزامن مع قيام سيف الإسلام بزيارة خارجية شملت سويسرا وبريطانيا هو جزء من التجاذبات السياسية التي تشهدها ليبيا.