الرئيس الصومالي يدعو إلى تجاوز الماضي.. وفتح صفحة جديدة من التسامح

في أول لقاء جمع القادة العسكريين في الحكومة.. والمعارضة الإسلامية.. والاتحاد الإفريقي

دبابات تابعة لقوات الاتحاد الأفريقي تقوم بدورية في شوارع العاصمة الصومالية أمس (أ.ب)
TT

دعا الرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد إلى فتح صفحة جديدة من الصَّفح والعفو والتسامح بين الصوماليين، في كلمة له أمام حشد جماهيري خلال احتفال استقبالي نظمته إدارة العاصمة مقديشو.

وحضر الحفل، إلى جانب الرئيس، قادة المحاكم الإسلامية وقادة الجيش والشرطة، والطرفان كانا في حالة حرب حتى وقت قريب. في هذه الأثناء يواصل الرئيس الصومالي مشاوراته حول تعيين رئيس الوزراء الجديد الذي بدوره سيقوم بتأليف الحكومة. وقال الرئيس الصومالي: «إن جميع الأمم التي مرت بمثل التجربة الصومالية، فإن الحل كان دوما تجاوز الماضي والصفح المتبادل، والتطلع إلى المستقبل، وهو ما تدعو إليه تعاليم ديننا الحنيف. المرحلة الجديدة هي مرحلة سلام، أنا مستعد أن أستمع إلى أي شكوى أو تحفظ من أي طرف وطني، حتى نصل إلى حل مُرضٍ معا، والحكومة ستتحمل مسؤوليتها». وحملت المناسبة دلالات جديدة، حيث جلس إلى يمين الرئيس الصومالي قادة مقاتلي المحاكم الإسلامية، الشيخ عبد القادر علي عمر قائد المحاكم الإسلامية في الداخل، وعبد الرحيم عيس عدو المتحدث العسكري باسم المحاكم، وإلى يساره جنرالات الجيش والشرطة الحكوميون، الجنرال عبد قيبديد قائد الشرطة، والجنرال سعيد طيري قائد الجيش، إضافة إلى عدد من وزراء حكومة نور عدي وكذلك قادة قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقي. وتعهد القادة العسكريون من الحكومة والمحاكم الإسلامية أمام الرئيس بالعمل معا في المرحلة الجديدة لصنع السلام في البلاد، وهذا اللقاء كان الأول بين هذه القيادات المتعادية منذ نحو 3 أعوام.

في هذه الأثناء أعلن في مقديشو عن خطة أمنية للإدماج بين قوات الحكومة ومليشيات الفصائل الإسلامية التي انضمت إلى العملية السياسية. وقال مستشار الرئيس الصومالي عبد الرزاق آدم، إن الخطة الأمنية ترمي إلى السيطرة علي الوضع الأمني في العاصمة، وإعادة الحياة إلى مرافق الدولة، وتمكين النازحين من العودة إلى منازلهم التي هجروها بسبب الحرب. وجاءت تصريحات مستشار الرئيس بعد ساعات من اجتماع الرئيس شريف مع اللجنة الأمنية المشتركة من الحكومة والتحالف وقيادات القوات المسلحة وبعض الوزراء في الحكومة السابقة من بينهم وزير الدفاع. وناقش الرئيس معهم سبل تعزيز الأمن وإعادة الاستقرار في العاصمة في أقرب وقت. ولتفعيل هذا الموضوع اتفق الرئيس واللجنة الأمنية علي تشكيل لجان خاصة لبحث ودراسة الموضوع.

ويعكف الرئيس الصومالي في اجتماعات متواصلة على إجراء مشاورات مع الكتل السياسية وقادة الفصائل الإسلامية للتشاور حول تسمية رئيس الوزراء الجديد، الذي بدوره سيقوم بتأليف الحكومة. ومن المقرر أن يسافر الرئيس الصومالي ثانية إلى جيبوتي اليوم، حيث يوجد أعضاء البرلمان الصومالي الذي سيمنح الثقة لرئيس الوزراء الجديد في حال تعيينه.

إلى ذلك قال الاتحاد الإفريقي أمس، إن قوة حفظ السلام الصغيرة التابعة له في الصومال، ينبغي تعزيزها بسرعة، للاستفادة من فرصة قدوم رئيس صومالي جديد. وقال نيكولاس بواكيرا الممثل الخاص للاتحاد الإفريقي في الصومال، إن انتخاب الرئيس شريف شيخ أحمد خلال المحادثات التي قادتها الأمم المتحدة في جيبوتي يشكل فرصة نادرة لإحلال السلام في البلاد التي تكابد الحرب على مدى 18 عاما.

وقال بواكيرا لـ«رويترز»: «مع وجود برلمان موسع حاليا ورئيس جديد، نشعر بأن علينا أن نعجل بتنفيذ نشاطات قوة حفظ السلام». ويوجد للقوة الإفريقية حاليا في مقديشو نحو 3200 جندي من أوغندا وبوروندي. وقال بواكيرا إن الاتحاد الإفريقي سيساعد الرئيس الصومالي على الاتصال بالأطراف المتحاربة، وسيقدم له أيضا الأموال لدفع رواتب 2700 من الجنود لتعزيز الأمن في مقديشو التي حطمها القصف.

وأطلق متمردون قذائف مورتر على قصر الرئاسة يوم السبت بعد ساعات من عودة أحمد إلى المدينة، بعد أن تم تكريمه في قمة الاتحاد الإفريقي في إثيوبيا. وقال بواكيرا إن أوغندا وبوروندي ستنشران كتيبتين إضافيتين من 850 رجلا قبل نهاية الشهر الحالي، ليصل قوام قوة حفظ السلام الإفريقية إلى 5100 جندي، وهو ما يزال أقل من الرقم المستهدف وهو 8000 جندي. وقال إن نيجيريا لا تزال تقول إنها سترسل كتيبة تأخرت كثيرا عن موعدها، لكنها في حاجة إلى دعم في مجال الإمداد والتموين والاتصالات. ولا تفضل دول كثيرة إرسال قوات إلى دولة أدى فيها القتال على مدى عامين إلى مقتل أكثر من 16 ألف مدني ونزوح مليون آخرين عن ديارهم.

ويعتبر أحمد الأكثر اعتدالا إذا قورن بزعيمين لحركة المحاكم الإسلامية التي أعادت قدرا من الاستقرار إلى مقديشو ومعظم أنحاء جنوب الصومال في عام 2006، قبل أن تقوم إثيوبيا، الحليف الإقليمي الرئيسي لواشنطن، بغزو الصومال والإطاحة بها. وانسحب الجيش الإثيوبي في الشهر الماضي مفسحا الطريق لانتخاب أحمد في جيبوتي منذ أسبوع.

ويعارض الرئيس الصومالي الجديد المتمردين الإسلاميين المتشددين، وبينهم حركة «شباب المجاهدين» التي تتهمها واشنطن بوجود صلات بينها وبين تنظيم القاعدة.