المتحدث باسم قوات التحالف: سنفرج عن جميع المعتقلين هذا العام.. ونستأذن بغداد في عملياتنا

البريغادير جنرال بيركنز لـ«الشرق الأوسط»: الجريمة في العراق انخفضت.. وهي أقل منها في مدن أميركية

الجنرال ديفيد بيركنز (تصوير: جاك جبور)
TT

تولى البريغادير جنرال ديفيد بيركنز منصب مدير قسم التأثيرات الاستراتيجية في القوة متعددة الجنسيات في العراق في شهر يوليو (تموز) 2008 ومهمته تنسيق وتنفيذ النشاطات السياسية والاقتصادية ونشاط الاتصالات باسم قوات التحالف، كما يقوم بمهمة المتحدث الرسمي للقوات متعددة الجنسيات.

وقبل تولّيه هذا المنصب عمل بيركنز مسؤولا عن عمليات فرقة للجيش الأميركي في أوروبا والجيش السابع في ألمانيا، وبين عامي 2005 و2007 عمل قائدا للقوات المشتركة المتعددة الجنسيات للتدريب في ألمانيا.

«الشرق الأوسط» التقت بيركنز في دبي وحاورته بشأن الأوضاع في العراق. وبدا بيركنز متفائلا بالوضع، بل قال: «بإمكاني الخروج لتناول الغداء في أي وقت في بغداد كما أقوم هنا في دبي، ولا شيء يمنعني، وجرائم القتل في العراق نسبتها أقل من الجرائم التي تحدث في المدن الأميركية الكبرى». كما كشف عن أن الحدود العراقية الإيرانية تتمّ مراقبتها بكاميرات الفيديو «لمنع دخول الأسلحة والذخائر والمتفجرات» من الجانب الإيراني، مشيرا في هذا الجانب إلى أن المواطنين العراقيين أرادوا منع التغلغل الإيراني في بلادهم عبر تصويتهم في الانتخابات المحلية الأخيرة، وأن العراقيين يريدون علاقات طبيعية وتجارية بين البلدين. وفي ما يلي نص الحوار:

* بعد انتهاء الانتخابات المحلية التي جرت الأسبوع الماضي في العراق، كيف تقيّمون الوضع الأمني في العراق، خصوصا في ظل التلويح، وأيضا التصريح، بعمليات مسلحة رفضا لنتائج الانتخابات؟

- الانتخابات المحلية سارت سيرا حسنا وبشكل استثنائي هذا العام، مقارنة بانتخابات 2005 التي شهدت 100 هجوم في أيام الانتخابات، أسفرت عن قتل 44 شخصا، أما في هذا العام فلم تكن هناك أي هجمات تعرقل سير الانتخابات، باستثناء 5 حالات فقط، أيضا كانت هناك زيادة لافتة في مراكز الاقتراع بلغت 29 ألف مركز، ولا ننسى بالطبع أن قوات الأمن العراقية هي من قام بعمليات المحافظة على الأمن خلال هذه الانتخابات، واستطاعت توفير مناخ آمن، بينما كان دور قوات التحالف تقديم الإسناد وتحريك المواد الانتخابية من صناديق وغير ذلك، ولم تتعرض هذه المواد لأي هجمات أيضا، وقد أثبتت القوات العراقية قدرات عالية وتمكنت من توفير الأمن لهذه الانتخابات.

* لاحظنا أن القوات الأميركية كانت تعمل من بعيد ولم تنزل إلى لشارع، هل هذا كان وفق استراتيجية أميركية؟

- نعم، بالطبع كانت القوات العراقية في المقدمة، كانت تقوم بالتحقيق والتدقيق، بينما كان دور قوات التحالف أن تقف بما يسمى بالطوق الخارجي، أي مكتفية بالإسناد والاستطلاعات والاستكشاف، بينما الشرطة العراقية هي الطوق الأول والمسؤول الرئيسي.

* في هذا السياق، معروف أن السياسة الأميركية تدعم المحاصصة بين أطياف الشعب العراقي، لكن نتائج الانتخابات الأخيرة أحدثت شبه انقلاب في هذه المفاهيم، كيف ترون هذا التغيير؟

- طبعا لاحظنا أن الانتخابات أجريت بطريقة القوائم المفتوحة، أي أن المرشح الذي يعرض نفسه كان يعرّض نفسه لعلاج مشكلات الشعب العراقي، كان هناك عدد كبير من المرشحين وصل إلى 14 ألف مرشح، للمنافسة على أكثر من 490 مقعدا، لكن القضايا الأهم بالنسبة إلى الناخب، هي توفير الكهرباء والماء، أو تحديدا الخدمات العامة للمواطن، وليست الأحزاب الدينية أو الطائفية أو العرقية.

* الاتفاقية الأمنية دخلت حيز التنفيذ، لكنكم لا تزالون تنزلون للشارع عبر دوريات أمنية، بينما الاتفاقية الأمنية تنص على أنه يجب عليكم كقوات أميركية أخذ إذن من قبل الحكومة العراقية. هل تأخذون إذنا في كل مرة تجوبون فيها الشوارع العراقية فعلا، أم أن هناك عدم التزام في بعض الأحايين؟

- بطبيعة الحال نعم. نحن نأخذ إذنا من العراقيين قبل الخروج في هذه الدوريات، ونحن نخرج في دوريات مشتركة مع القوات العراقية، فليس هناك عمليات أحادية من جانب واحد. في البداية كان لزاما علينا أن نأخذ الموافقة، ثم إن القوات العراقية ذاتها هي من يقود هذه العمليات، ومن ناحية أخرى، أجرينا تقليصا كبيرا لعدد القوات الأميركية في العراق، بنسبة 20 في المائة، أي أن خمس هذه القوات خرج من العراق، وهنالك أيضا 8 آلاف جندي أميركي انسحبوا في يناير (كانون الثاني) الماضي، ومن ضمن بنود الاتفاقية الأمنية سلمنا نحو 30 من المنشآت والقواعد العسكرية الشهر الماضي، وسنسلم 15 منشأة أخرى خلال الشهر الحالي، كل ذلك يأتي تنفيذا وتطبيقا لبنود الاتفاقية (الأمنية).

* إذن في يناير (كانون الثاني) انسحب ثمانية آلاف جندي. ماذا عن أعداد الجنود الذين سيغادرون هذا الشهر؟

- نحن نعمل للتخفيض بصورة تدريجية، انسحب ثمانية آلاف الشهر الماضي، وما سنقوم به من سحب إضافي هذا الشهر سيكون ضمن خطتنا بأن نصل إلى الحد الأقصى من سحب القوات في يونيو (حزيران) 2009، وتخرج من داخل المدن، وبحلول 2011 من المفترض أن كل القوات تخرج من العراق، لكن لدينا فرقا ومدربين من القوات الأميركية سيظلون موجودين لتسهيل عملية هذا الانتقال وتدريب القوات الأميركية.

* ما أبرز بنود تطبيق الاتفاقية الأمنية التي تراها واضحة للعيان؟

- اللجان المشتركة تشرع في مهام تطبيق بنود الاتفاقية الأمنية، ونحن نعتبرها مظهرا قويا من مظاهر بسط السيادة العراقية، كما أن الاتفاقيتين تعززان المؤسسات الديمقراطية العراقية، كما أنها بمثابة إطار للعمل من أجل التعاون المستمر.

* تحدثت تقارير عن فساد في عمليات التعاقدات للقوات الأميركية في العراق، أين وصلت هذه التحقيقات؟

- تم تشكيل فريق من مكتب التحقيقات الخاصة، وما زالت عمليات التحقيق مستمرة لكل العمليات التي تحدثت عن عمليات احتيال مزعومة، غير أن التحقيقات هذه لم تنته حتى الآن.

* بالنسبة إلى قضية كركوك، هل ما زلتم تسعون للتوصل إلى حلول لإنهاء القضية، أم أنكم ستتركون المهمة للحكومة العراقية؟

- نعمل جنبا إلى جنب مع الحكومة العراقية، حيث شكلت مفوضية خاصة لمتابعة قضية كركوك، والمفروض في نهاية شهر مارس (آذار) المقبل تسلم تقريرها لمجلس النواب العراقي، كذلك هناك الأمم المتحدة التي تعمل على حل كل المشكلات المتنازع عليها في هذه المناطق، ونحن نعمل مع الحكومة العراقية من جهة ومع الأمم المتحدة من جهة أخرى.

* في ما يتعلق بالمنطقة الخضراء، يمكن القول إن الحديث عنها معقد شيئا ما. كيف ستتم إزالة الإجراءات الأمنية المفروضة عليها حاليا؟

- في الواقع، نحن سلّمنا سلطات المنطقة الخضراء للعراقيين، وأصبحوا هم المسؤولين عنها بالكامل، كما أنهم مسؤولون عن نقاط التفتيش وعمليات الدخول والخروج من هذه المنطقة، تحت قيادة وسيطرة عراقية كاملة، لكن الحكومة العراقية ما زالت تفكر في كيفية استخدام هذه المنطقة، وفي نقل مكاتب حكومية إليها وإعمار هذه المنطقة، لكن كل القرار يعود إلى الحكومة العراقية.

* كيف ترون نظرة المواطن العراقي إلى القوات الأميركية في هذه المرحلة تحديدا؟

- في الواقع، إن الشعب العراقي ممتنّ ويشكر كثيرا القوات الأميركية للقيام بدورها في ضمان حقوقهم الديمقراطية، كما حدث في الانتخابات الأخيرة، أيضا نحن نلتزم بالاتفاقية الأمنية في ما يحدد العلاقة مع العراقيين أنفسهم، وهو ما سيبرز الجانب الإيجابي مما تقوم به القوات الأميركية في العراق، والفوائد التي ستعود على الشعب العراقي من جراء الاتفاقية الأمنية.

* لكن القوات الأميركية عندما تقتل عراقيا، وتسمى ذلك قتلا عشوائيا أو خطأ، تعوضه بـ2000 دولار، فيما قيمة الجندي الأميركي تصل إلى ملايين الدولارات، هل ترى هذا عدلا؟

- الآن بموجب الاتفاقية الأمنية، أي خسارة تحدث في الأرواح يجب التدقيق فيها من قبل لجنة مشتركة أو فريق مشترك بين العراقيين والأميركيين، وتحديد القرار المناسب ومستحقات التعويض في هذه القضايا.

* وهل ترى تباين التعويضات بين الأميركيين والعراقيين عادلا؟

- كل قضية مختلفة عن الأخرى، لكن المهم أن الحل أصبح يجب أن يتم عبر اتفاق بين الطرفين.

* لنتحدث عن المعتقلين. نائب رئيس الوزراء العراقي السابق طارق عزيز وبقية أركان النظام السابق المحتجزين لديكم، هل ستسلمونهم للحكومة العراقية؟

- احتجاز المعتقلين هؤلاء يقع في يد السلطة القضائية، لكن لدينا نحن سلطة الاحتجاز الجسدي، والسبب أن لدينا سجونا ومنشآت تساعدنا على احتجاز مثل هؤلاء الأشخاص، وهناك عملية مشتركة لكي يتم انتقال هؤلاء إلى سجون الحكومة العراقية، ونحن نسلم يوميا نحو 50 محتجزا بعد أن يتم النظر في ملفاتهم، لكن القضاء العراقي هو من يقرر من يبقى في السجن ومن يخرج.

* هناك من يرى أن الحكومة العراقية هي من تدعي على أركان النظام العراقي السابق والمتعلقين لديكم، فكيف تسلمون الضحية للجلاد؟

- أستطيع القول إن كل السجون والمعتقلين، وكل المتهمين بالإرهاب، سوف يسلَّمون للحكومة العراقية.

* أنتم هنا تتحدثون عن 50 معتقلا ستسلمونهم يوميا للعراقيين، بينما التقارير تشير إلى أن عدد المعتقلين نحو 14500 معتقل. متى ستنتهون من تسليم كل هؤلاء؟

- سيتم تسليم المعتقلين كافة خلال هذا العام، ونرجح أنه مع نهاية العام الجاري نكون قد سلمنا المعتقلين كافة للحكومة العراقية.

* ومتى سيتم انتهاء ملف معتقلي بوكا في أم قصر والمطار في بغداد؟

- نحن قررنا أيضا تسليم هذين المعتقلين للسلطات العراقية كما فعلنا مع 30 منشأة، لكن الحكومة العراقية لم تقرر بعد إن كانت تود الاستفادة من هذه المنشآت أو إغلاقها نهائيا.

* ولماذا لا تغلقون هذين المعتقلين.. هل من الضروري تسليمهما إلى السلطات العراقية؟

- بعد الانتهاء من تسليم المعتقلين كافة في هذه المعتقلات، سنسلم السلطات العراقية السجون دون سجناء أو معتقلين، وللحكومة العراقية حرية التصرف بإغلاقها أو خلافه، وبالتالي السجون كمنشآت سنسلمهم إياها، وقد يريدون الاستفادة منها كقاعدة عسكرية مثلا لا كمعتقل.

* ما العمل الذي تقوم به القوات الأميركية لوقف التغلغل الإيراني داخل الأراضي العراقية؟

- من الواضح من نتيجة الانتخابات العراقية أنهم قرروا عدم رغبتهم في هذا النفوذ السياسي وغيره، إنما يودون علاقات طبيعية مع دول الجوار، بما فيها إيران، كالعلاقات التجارية، لا علاقات مبنية على تهريب الصواريخ والمفخخات وتدريب الإرهابيين وغير ذلك.

* مؤخرا كشف عن تهريب أسلحة قرب تكريت، وقيل إن مصدرها من الحدود العراقية والإيرانية، كيف يمكن لكم ضبط هذه الحدود؟

- هناك جهود كبيرة في هذا الجانب، وهناك شراكة بين القوات الأميركية وحرس الحدود العراقي، لمراقبة نقاط العبور بالأجهزة الملائمة والتقنية الحديثة، مستخدمين كاميرات الفيديو، وهذه التقنيات استخدمناها للتو بعد شرائها وتدريب العراقيين على استخدامها، لمنع دخول الأسلحة والذخائر والمتفجرات، لكن في نفس الوقت السماح بالعبور التجاري والفردي.

* في ما يتعلق بمياه الخليج العربي، العراق ليس له منفذ بحري إلا عن طريق هذا الخليج، وفي ظل التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز، كيف يمكن التعامل مع هذا الوضع بالنسبة إليكم؟

- نحن نعمل أيضا مع البحرية العراقية لتحسين قدراتها وتعزيز أمنها عند مواجهة التحديات المقبلة.

* هل تعتقدون أن إيران قادرة على إغلاق مضيق هرمز؟

- الولايات المتحدة ملتزمة تماما بالعمل مع الحكومة العراقية لتحديث أمن الموانئ، الحقيقة أن الحكومة العراقية والشعب العراقي أصبحا واعيين لأهمية هذه المنطقة، لذلك نحن نعتبر من المهم جدا أن يتحسن العراق من الناحية الأمنية والعسكرية والبحرية للحفاظ على الموانئ؟

* اسمح لي، لم تجب على السؤال؟ هل ترون طهران قادرة على تنفيذ تهديدها بإغلاق مضيق هرمز؟

- القدرات من الصعب الاتفاق عليها، وبالتالي الأهم لدينا التركيز على العمل مع الحكومة والشعب العراقيين لتحسين قدراتهم، وبالتالي يصبح هناك مقدرة عسكرية وأمنية متميزة، لكن النيات من الجهات الأخرى قد تصبح قدرات إذا استُخدمت في أمور أخرى، وأي نشاط، مهما كان تافها، سيسبب عراقيل، لذا فنحن نسعى لمنع هذه الأنشطة والوقاية منها.

* الإدارة الأميركية الجديدة أتت باستراتيجية جديدة، واللغة اللينة سمة استُخدمت مؤخرا في التعامل مع الملف الإيراني، صحيح أنتم عسكريون، لكن هل لديكم أنتم أيضا سياسة جديدة للتعاطي مع الحكومة الإيرانية؟

- نحن لم نغير موقفنا من التعامل مع إيران، تركيزنا على بناء القوات العراقية، ونقوم بالالتزام بالاتفاقية الأمنية الموقعة مع العراقيين.

* أخيرا.. نحن نجري هذا اللقاء وأنت تتناول الغداء بحرية في أحد فنادق دبي، قريبا من الشاطئ، ودون إجراءات أمنية، متى يمكن لك أن تتناول مثل هذا الغداء وأنت في أحد فنادق بغداد بنفس الوضع الذي تقوم به هنا في دبي؟

- بإمكاني اليوم إن أردت، فهناك الكثير من التحولات في التطورات الأمنية في العراق، التي تقلصت أعمال العنف فيها بنسبة 93 في المائة، وأصبحت نسبة جرائم القتل أقل من النسب في بعض مدن الولايات المتحدة الأميركية. العراقيون يستمتعون بمناسباتهم الدينية في الأعياد وفي شهر رمضان. وسأدعوك لتناول طعام الغداء في العراق في المرة المقبلة.