الشرطة تحقق في تورط دبلوماسي بريطاني بحادثة تظهر «معاداة السامية»

الخارجية تلتزم الصمت حول تداعيات القضية ومصادر تؤكد «طبيعة لاكستون الهادئة»

TT

واجهت وزارة الخارجية البريطانية حادثة محرجة يوم أمس، مع الكشف عن اعتقال دبلوماسي بريطاني رفيع المستوى بسبب ادعاءات بأنه قد صدر منه تعليقات مسيئة لإسرائيل واليهود. وانتشر خبر اعتقال رئيس قسم جنوب آسيا في الخارجية البريطانية ثم الإفراج عنه بكفالة في وسائل الإعلام البريطانية أمس، مما دفع الخارجية بتأكيد علمها بالحادثة والتزامها الصمت حول تداعياته خلال إجراء التحقيق القضائي فيه.

وكشفت صحيفة «ذا ديلي ميل» أمس، قصة اعتقال لاكستون في 27 يناير (كانون الثاني) الماضي بعد حادثة في ناد رياضي وسط لندن بتهمة «تأجيج المعاداة لديانة أو عرق». وبحسب الصحيفة، لاكستون كان يقوم برياضة بدنية في قاعة النادي مع مشاهدة مشاهد إخبارية للقصف الإسرائيلي على غزة، عندما بدأ يصرخ بكلمات بذيئة ضد إسرائيل واليهود. وأضافت الصحيفة أن روادا آخرين للنادي طلبوا من لاكستون عدم استخدام الألفاظ البذيئة، إلا أنه استمر في ذلك، مما أدى إلى الاتصال بالشرطة التي اعتقلت لاكستون، لتطلقه بكفالة لاحقا.

وعلقت الشرطة البريطانية أمس، بأن «رجلا عمره 47 سنة اعتقل بتهمة استخدام كلمات مسيئة قد تؤدي إلى كراهية عرقية ودينية». ويذكر أن في القانون البريطاني فرقا بين تهمة «تؤدي إلى كراهية» أو «تدعو إلى كراهية» مبينة على العرق. وأضافت الشرطة أنه من المرتقب أن يعود المدعو إلى مركز شرطة في وسط لندن منتصف شهر مارس (آذار) المقبل بعد الانتهاء من التحقيق بالقضية، من دون إعطاء تفاصيل أخرى عن الحادثة. وعلى الرغم من أن صحيفة «ذا ديلي ميل» أكدت أن لاكستون لا يزال يواصل عمله في الخارجية، فإن «الشرق الأوسط» علمت أنه لم يذهب لمكتبه في مقر الخارجية يوم أمس بسبب انتشار خبر اعتقاله وتعرضه لتحقيق من قبل الشرطة. ورفضت الخارجية التعليق على تأثير هذه الحادثة على مستقبل لاكستون الدبلوماسي، الذي كان واعدا حتى الشهر الماضي. ولكن علقت مصادر دبلوماسية بريطانية أنه على الأرجح «أنهى حياته المهنية في السلك الدبلوماسي بعد انتشار الخبر». وقالت ناطقة باسم وزارة الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكننا التعليق على موضوع خاضع لتحقيق الشرطة، ولكننا على علم بشكوى للشرطة حول الحادثة». وأضافت: «نعلم أن هذه الحادثة لم تحدث عندما كان المعني يقوم بمهام رسمية وليس من المناسب أن نعلق عليها». وامتنعت الناطقة عن التعليق حول ما إذا كان وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند على علم بالحادثة قبل نشر خبر يوم أمس.

ويؤكد دبلوماسيون يعرفون لاكستون، الذي انضم إلى السلك الدبلوماسي عام 1993، أنه شخصية متزنة ونادرة الانفعال. وعبر مصدر دبلوماسي بريطاني عن استغرابه من الخبر حول لاكستون، مؤكدا أن طبيعة لاكستون هادئة وغير منفعلة عادة. وأضاف المصدر الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم ذكر اسمه لأنه لم يكن مخولا للحديث علنا عن الحادثة أن «لاكستون آخر من يمكن أن يتصرف بهذه الطريقة، لا أعرف ما يمكن أن يكون قد دفعه للتصرف بهذا الشكل». ولكن في الوقت نفسه، عبرت مصادر بريطانية عن حالة الإحباط لدى عدد ليس بقليل من الدبلوماسيين البريطانيين إزاء الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة ورد الفعل البريطاني والأميركي لها، مما قد ساهم في التأثير على نفسية لاكستون. ولكن يذكر أن هذه المصادر لم تكن على علم بخلفية تفاصيل حادثة لاكستون. وقد عمل لاكستون قائما بالأعمال للسفارة البريطانية في أفغانستان خلال فترة خدمته نائب رئيس البعثة البريطانية في كابل بين عامي 2001 و2003. وعمل لاكستون بين عامي 1997 و2000 في السفارة البريطانية في إسلام أباد قبل الانتقال إلى كابل. ومنذ ذلك الحين، عمل نائبا لرئيس قسم جنوب آسيا في مقر الوزارة في لندن، وبعدها رئيسا للقسم الذي يعتبر من أهم أقسام الوزارة مع تركيز بريطانيا على هذا الملف الحساس. ونقلت غالبية مواقع الإنترنت والمدونات الإلكترونية اليمينية البريطانية والإسرائيلية خبر لاكستون، مكررة اتهامات بأن وزارة الخارجية البريطانية بها عدد من الدبلوماسيين المنحازين للعرب والفلسطينيين. وقال موقع «بوكورم روم» المناصر لإسرائيل «إن العفن عميق جدا في قلب انجلترا (بسبب المعاداة للسامية)».