حماس تتهم «الوقائي» بقتل أحد عناصرها تحت التعذيب وتهدد.. والسلطة ترد: انتحر شنقا

ربطت تشكيل لجان تحقيق بالكشف عن أسماء المتورطين

TT

اتهمت حركة حماس، الأجهزة الأمنية الفلسطينية، في الضفة الغربية، بقتل أحد أنصارها، جراء التعذيب، في سجن تابع للأمن الوقائي، في مدينة جنين شمال الضفة الغربية، لكن السلطة نفت وقالت، إن محمد الحاج، الذي كان موقوفا لديها، انتحر بشنق نفسه. وقال محافظ جنين، قدوره موسى، في بيان رسمي، إن الحاج، «أقدم على الانتحار داخل غرفة التوقيف، بشنق نفسه بواسطة شريط من القماش، مستغلا غياب حارس الغرف لفترة من الزمن». ونعت حماس في بيان رسمي،«ابن حماس»، الذي وصفته «بالشهيد المجاهد» وقالت إنه «استشهد في سجون الأمن الوقائي نتيجة تعرضه للتعذيب حتى الموت»، معتبرة ذلك، «ردا مباشرا وسريعا على كل الجهود المبذولة للمصالحة والوحدة الوطنية ومحاولة لنسفها وتدميرها». واستهجنت حماس ما وصفته «إمعان هذه الأجهزة في جرائمها عبر ادعائها أن الحاج قد انتحر». وقالت «إن الانتحار غير وارد مطلقـا في قاموس أبناء حماس الذين تربوا في المساجد». وحسب البيان فإن الحاج، «تعرض لتعذيب شديد جدا وقد سمع صوت صراخه واستغاثاته خارج مبنى الوقائي».

ودفعت السلطة هذه التهم عن نفسها، وقال بيانها الرسمي، «إنه جرى إطلاع عائلة المتوفى على مجريات الأمور، وأنهم تفهموا الأمر، وتم الاتفاق معهم على تشريح الجثة، مع الحفاظ على حق العائلة بانتداب أطباء من طرفهم للمشاركة، وحضور التشريح».

وأوضح البيان أنه «سيتم فتح تحقيق رسمي في الظروف التي ساهمت بانتحار الحاج، وأن لجنة من نقابة الأطباء، وطبيب من الطب العدلي في جامعة النجاح الوطنية، ومندوبين من منظمات حقوق الإنسان، سيشرفون على عملية التشريح، وفحص الأسباب التي أدت للوفاة». وأقرت السلطة باعتقال الحاج عدة مرات، «على خلفية مخالفات للقانون». وقالت إنه «سبق أن قام بتسليم قطعة سلاح، ووقع على تعهد بعدم ارتكاب أي مخالفات أمنية، وبعد أن أطلق سراحه، عاد إلى نشاطه من جديد بصورة مخالفة للقانون».

ورفضت حماس في الضفة الغربية، تشكيل لجان تحقيق، «إذا لم تتحدد أسماء المتورطين بهذه الجرائم تمهيدا للإعلان عن وجوب تقديمهم لمحاكمات علنية». وأعلنت الحركة، أنها لن تشارك في أي حوارات داخلية فلسطينية «قبل تبييض سجون الضفة ووقف الحملة الاستئصالية بحق الحركة». وقال رأفت ناصيف، عضو القيادة السياسية لحماس، في تصريح مكتوب، «جاء هذا الموقف بعد ساعات من إعدام ما يسمى الأمن الوقائي، بالتعذيب حتى الموت، مجاهدا من حركة حماس».

وحملت الحركة الرئيس الفلسطيني وأجهزته، «المسؤولية كاملة»· واستخدمت حماس أوصافا قاسية بحقهم، ووجهت اتهاما مباشرا، لمسؤول الوقائي في جنين. وهددتهم بالقول «إن هذه الجرائم لن تطويها الأيام، ولن تغفرها الأذهان، ولن يفلت مرتكبوها مما يجب أن ينالهم». ومحمد هو شقيق قيادي معروف في حركة حماس، وناطق باسمها في الضفة الغربية، وهو عبد الباسط الحاج ، المعتقل في السجون الإسرائيلية. وتفتح حادثة الحاج، ملف مئات المعتقلين السياسيين في سجون الضفة الغربية وقطاع غزة. وكالعادة تتبادل حركتا حماس وفتح، اتهامات بسعي كل منهما لاستئصال الأخرى في مناطق نفوذها عبر اعتقال مئات الأنصار وتعذيبهم وقتلهم.

ومنذ سيطرة حماس على غزة، في يونيو (حزيران) 2007، صعدت السلطة من حالة الاستنفار لحماية ما تسميه بـ«المشروع الوطني». وشنت حملة اعتقالات واسعة طالت أنصارا لحماس والجهاد، وصحافيين، وحتى عناصر في الأجهزة الأمنية نفسها. ومنذ 26 يناير (كانون الثاني)، تعتقل السلطة على سبيل المثال، عصام الريماوي، وهو مصور صحافي يعمل مع وكالة الأنباء الرسمية، التابعة للسلطة الفلسطينية، وقالت مصادر من عائلته لـ«الشرق الأوسط»، «إنهم قلقون على حياته، لأنه ظهر أثناء زيارته، مرهقا ومتعبا، وقد فقد من وزنه الكثير، إضافة إلى أنه زار عيادة السجن مرتين، دون أن تعرف ما هي الأسباب».

وطالبت عائلة الريماي بالإفراج عن ابنها، مستغربة اعتقاله، وهو الذي يعمل في وكالة تتبع مكتب الرئيس وخضع لكل الفحوص الأمنية اللازمة.

ومثل عصام تعتقل السلطة صحافيين آخرين يعملون في فضائية القدس المقربة من حماس، إلا أن مسؤولا أمنيا كبيرا قال لـ«الشرق الأوسط»، «لا نعتقلهم بسبب عملهم أبدا». وتساءل «كم يوجد من الصحافيين الذين ينتمون لحماس؟.. هل اعتقلناهم؟ نعتقل هؤلاء لأسباب أمنية». وأوضحت مصادر في الأجهزة الأمنية لـ«الشرق الأوسط»، أن الاعتقالات تطال كل من يشتبه في علاقته مع حماس، حتى إن كان من عناصر الأجهزة الأمنية أنفسهم». ويزعم معتقلون محسوبون على حماس أنهم تعرضوا للتعذيب، أو فصلوا من عملهم بعد استجوابهم عدة مرات. واتهم آخرون السلطة بأنها تتعاون مع الإسرائيليين بشأن المعلومات حول حماس.

ونفت المصادر الأمنية هذه الاتهامات وقالت إنها لا تستخدم «العنف أثناء التحقيق، وحتى مسلحون من حماس تم إطلاق سراحهم». وتحول السلطة من تعتقد أنهم خطرون من المعتقلين، إلى سجن مركزي في مدينة أريحا، ويمكث في هذا السجن معتقلون منذ أشهر طويلة، وبينهم موظفون في السلطة، ومنهم أحد موظفي وزارة المالية الفلسطينية بشبهات حول تحويل أو تلقي أموال لصالح حماس.

وشككت المصادر الأمنية بقدرة حماس على السيطرة على الضفة الغربية، وقالت «خططهم كانت تتعلق بتنفيذ عمليات محدودة ضد مؤسسات أمنية وأفراد، ولن يستطيعوا هزم الأجهزة الأمنية هنا إلا إذا قررت إسرائيل ذلك».