أحمدي نجاد يعلن استعداده للتحاور مع واشنطن.. وأوباما يعتبر ذلك ممكنا خلال أشهر

محاولة للاعتداء على خاتمي خلال العرض العسكري في طهران

أحمدي نجاد يرحب بالمحتشدين خلال مسيرة في ميدان الحرية بطهران أمس (أ.ب)
TT

أعلن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أمس، في خطاب بمناسبة الذكرى الثلاثين للثورة الإسلامية، أن إيران مستعدة للحوار مع الولايات المتحدة، لكن في إطار «المساواة والاحترام المتبادل». وجاء تصرح أحمدي نجاد بعد ساعات من تصريح الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما بأنه من الممكن إجراء حوار مباشر مع إيران خلال أشهر، بعد نحو 3 عقود من القطيعة بين البلدين.

وقال أحمدي نجاد أمام عشرات آلاف الأشخاص الذين تجمعوا في طهران: «أعلنت الحكومة الأميركية الجديدة أنها ترغب في التغيير والبدء بسلوك نهج الحوار، لكن التغيير الحقيقي يجب أن يكون جوهريا وليس تكتيكيا». وأضاف: «الشعب الإيراني على استعداد للحوار، لكن في مناخ من المساواة والاحترام المتبادل».

وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قال أول من أمس: «أتوقع أن نبحث في الأشهر المقبلة عن فرص يمكن توفيرها، حتى نتمكن من الجلوس إلى الطاولة وجها لوجه» مع إيران. وقال أوباما: «من المهم، حتى مع اعتمادنا دبلوماسية مباشرة، أن نكون واضحين بشأن الهواجس العميقة التي لدينا حيال إيران، وأن تدرك إيران أن تمويل منظمات إرهابية أمر غير مقبول، وأننا واضحون في أن إيران النووية قد تؤدي إلى سباق إلى التسلح في المنطقة، سيكون مزعزعا كثيرا للاستقرار».

وقال أوباما في مؤتمره الصحافي الأول بصفته رئيسا للولايات المتحدة: «أعتبر أن الإمكانية متوافرة، على الأقل لقيام علاقة من الاحترام المتبادل والتقدم»، لكنه شدد على أن «الوقت حان الآن لإيران لتبعث مؤشرات تثبت أنها تريد التصرف بطريقة مختلفة». وأوضح الرئيس الأميركي أن الفريق المسؤول عن الأمن القومي في الإدارة الجديدة يراجع في الوقت الراهن العلاقات بين واشنطن وطهران، ويبحث عن مقاربة جديدة على الرغم من المخاوف المتصلة ببرنامج إيران النووي، والدعم الذي تقدمه إلى حركة حماس وحزب الله وخطابهما المعادي لإسرائيل.

وكان أوباما واقعيا في تصوراته حول الحوار مع إيران، قائلا: «تراكم الكثير من عدم الثقة على مر السنين، والحلحلة لن تحصل بين ليلة وضحاها». وأشار أوباما إلى أنه«من المهم، حتى مع اعتمادنا دبلوماسية مباشرة، أن نكون واضحين بشأن الهواجس العميقة التي لدينا حيال إيران، وأن تدرك إيران أن تمويل منظمات إرهابية أمر غير مقبول، وأننا واضحون في أن إيران النووية قد تؤدي إلى سباق إلى التسلح في المنطقة، سيكون مزعزعا كثيرا للاستقرار».

ويتواجه البلدان، اللذان لا علاقات دبلوماسية بينهما منذ 1980، حول ملفات عدة، بينها البرنامج النووي الإيراني الذي تؤكد إيران أنه مدني، في حين تشتبه الدول الغربية أنه يخفي طموحات عسكرية. وفي مؤشر إلى الارتياب الذي يطبع علاقات البلدين وجّه الرئيس الإيراني تحذيرا للولايات المتحدة، وقال: «العالم لا يرغب في أن تتكرر المرحلة السوداء (للرئيس السابق جورج بوش).. وإذا حاول البعض تكرار تجربته، وإن كان ذلك بأساليب جديدة، فعليهم أن يدركوا أن مصيرهم سيكون أسوأ من مصير بوش».

وعدد الرئيس الإيراني الإنجازات العلمية والتكنولوجية لبلاده، خصوصا في المجال النووي، فضلا عن وضع قمر صناعي في المدار أخيرا، مؤكدا أن «إيران أضحت قوة عظمى»، أمام حشد من المؤيدين في احتفال ذكرى الثورة. وأضاف: «بفضل الله ومقاومة الشعب الإيراني زال إلى الأبد شبح تهديد إيران (...) وإني أعلن رسميا أن إيران أصبحت قوة عظمى فعلية».

وقرب المكان الذي ألقى فيه أحمدي نجاد الخطاب، أقامت السلطات مجسما للصاروخ الذي أتاح لإيران أن تضع الأسبوع الماضي قمرا صناعيا في المدار. وحمل المتظاهرون بالمناسبة لافتات تحمل شعارات «الموت لأميركا» و«الموت لإسرائيل»، ورفع آخرون لافتة كتب عليها «30 عاما من الحرية.. 30 عاما من العزة».

وبث التلفزيون الإيراني مشاهد لتظاهرات مماثلة شهدتها أنحاء البلاد المختلفة احتفالا بالثورة التي طبعتها عودة آية الله روح الله الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية من منفاه، والإطاحة بنظام الشاه في الأول من فبراير (شباط) 1979.

وفي واشنطن عبّرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس عن أملها في إجراء «مشاورات مفيدة» مع إيران، قائلة إن أمام البلدين فرصة «للعمل على طريقة للحوار». وصرحت كلينتون في مؤتمر صحافي في وزارة الخارجية بعد تصريحات أحمدي نجاد أمس: «هناك فرصة للحكومة الإيرانية أن تظهر نية لإرخاء قبضتها، ولبدء حوار جدي ومسؤول حول قضايا عدة»، وأضافت: «إننا مصرّون على رأينا على أنه يجب ألا تحصل إيران على أسلحة نووية، وأنه سيكون مسلكا غير جيد لهم»، وتابعت: «نأمل أن تكون هناك فرصة في المستقبل لنطور فهما أفضل بعضنا لبعض». وفي باريس، قالت مصادر دبلوماسية أوروبية أمس إن «سياسة اليد المفتوحة» إزاء إيران التي عرضها الرئيس الأميركي والتي سبق أن عرضها نائب الرئيس جو بايدن في ميونيخ نهاية الأسبوع الماضي «تسعى إلى إصابة عدة أهداف في وقت واحد، أولها تشجيع التيار المعتدل» في إيران بحيث يرى أن ثمة إمكانية للتوصل إلى «تفاهم» أميركي - إيراني وطيّ صفحة «النزاع» التي بدأت مع الثورة الإسلامية.

وقالت هذه المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أمس إن كلام باراك أوباما «الواضح جداً» حول استعداده للحوار «وجهاً لوجه» مع إيران، يهدف أيضاً إلى تأكيد أنه «صادق» في تنفيذ ما وعد به في حملته الانتخابية رغم بعض المؤشرات «المتناقضة» التي صدرت عن الإدارة الأميركية والتأخر في تعيين المبعوث الرسمي الذي ستقع على كاهله مسؤولية الملف الإيراني. ورغم إرادة الانفتاح التي عبر عنها أوباما والتي لاقت استحساناً لدى الجانب الأوروبي الضالع في موضوع المفاوضات مع إيران، إلا أن المصادر الأوروبية ترى أن «خطة» أوباما «غير واضحة» وما زالت في إطار «العموميات» وبالتالي «من الصعب اليوم الحكم عليها أو تقويمها». وتستبعد المصادر الأوروبية أن يقوم أي من الجانبين الأميركي والإيراني بـ«خطوة ما» إزاء الطرف الآخر باستثناء بيانات حُسن النية في أفضل الأحوال والاستعداد للحوار والتفاوض بانتظار أن تجرى الانتخابات الرئاسية الإيرانية في المقبلة. وعلى صعيد آخر تعرض الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي المرشح للانتخابات الرئاسية في 12 يونيو (حزيران)، لمحاولة اعتداء في طهران خلال العرض العسكري أمس في الذكرى الثلاثين للثورة، بحسب ما أورد الموقع الإلكتروني لمؤسسته «باران». وأكد موقع «باران» (مؤسسة تحرير وتنمية إيران) أن المعتدين كانوا يحملون عصيا و«أرادوا مهاجمة خاتمي، إلا أن الناس منعوهم». وبحسب الموقع فإن المهاجمين، وعددهم عشرة، أطلقوا شعارات مثل «الموت للمنافق» و«الموت لخاتمي»، أو «لا نريد الحكومة الأميركية». وأضاف الموقع أن حراس خاتمي الشخصيين «نقلوه إلى أحد المباني لحمايته، بسبب وجود حشود كبيرة».

وفي مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية أكد محمد علي أبطحي، أحد المقربين من خاتمي، وقوع الحادث، وأعلن أنه «تحدث إلى أشخاص متواجدين في مكان الحادث، والواقع أن الناس أطلقوا شعارات مؤيدة لخاتمي، لكن مجموعة صغيرة من الأشخاص أطلقت شعارات معادية». ولم تؤكد أية مصادر مستقلة هذه المعلومات.