طالبان الباكستانية تثير المخاوف الأميركية

قادتها من كويتا الحدودية يلعبون دورا رئيسيا في إثارة العنف في أفغانستان

TT

تزايدت نسبة القلق في أوساط مسؤولي الجيش والاستخبارات الأميركية بشأن المناطق التي تتحصن بها الميليشيات المختلفة في باكستان، خشية تقويض الجهود الأميركية في أفغانستان هذا العام. ويركز المسؤولون الأمنيون الأميركيون أبصارهم تجاه مدينة كويتا الباكستانية الحدودية التي يعتقد بأن قادة طالبان يلعبون فيها دورا رئيسيا في إثارة العنف في جنوب أفغانستان.

وتختلف العمليات التي تقوم بها جماعة طالبان في كويتا عنها في مناطق القبائل الجبلية في باكستان، والتي لا تزال - حتى الآن - الساحة الرئيسية للقلق الأميركي. غير أن الولايات المتحدة تُعد للدفع بحوالي ثلاثين ألف جندي إضافي إلى أفغانستان. ويشير مسؤولو الاستخبارات إلى أن تلك الجهود يمكن أن تفشل، ما لم تكثف الجهود لقتل أو اعتقال زعيم طالبان في كويتا وقطع خطوط إمداد الجماعة إلى أفغانستان.

وأشار مسؤولو إدارة أوباما إلى أن: قادة طالبان - من بينهم زعيم الجماعة الملا محمد عمر - يقومون بتوجيه قادتهم في جنوب أفغانستان وإرسال السلاح والمتطوعين الجدد إلى ساحة المعركة، حيث يقول الجنرال دان ماكنيل، والذي كان قائد القوات الأميركية في أفغانستان حتى يونيو (حزيران) عندما تقاعد في الآونة الأخيرة: «عندما تكون قيادة الجماعة في مكان غير معلوم، تصبح المهمة صعبة، ونمتنع عن الإقدام على ما نرغب في القيام به».

من المعلوم أن قادة طالبان يعملون من مدينة كويتا منذ سنوات، لكن الزيادة المطردة في العنف في جنوب أفغانستان تشير إلى زيادة التدفق في الأسلحة والمقاتلين والأموال من الأراضي الباكستانية. وتقع كويتا، عاصمة إقليم بلوشستان، على الحدود المتاخمة للأقاليم الجنوبية الأفغانية التي تدور فيها أشرس معارك القتال، وأعرب مسؤولو الاستخبارات الأميركية عن اعتقادهم بأن المقاتلين - الاثني عشر أو نحو ذلك - الذين يشكلون قيادة طالبان في المنطقة يختبئون في المخيمات الأفغانية القريبة من كويتا أو في بعض الأحياء الأفغانية في المدينة.

وكان المسؤولون الأوروبيون والغربيون قد تحدثوا عن شكوكهم بأن الهيئات الأمنية الباكستانية لا تؤدي الدور المنوط بها على الوجه الأكمل في التعامل مع قادة طالبان الموجودين في مدينة كويتا. ويشبه أحد مسؤولي الاستخبارات السابقين - الذي رفض ذكر اسمه نظرا لحساسية القضايا السياسية والدبلوماسية المتعلقة بالأمر - الموقف في باكستان وأفغانستان بموقف الولايات المتحدة في حرب فيتنام عندما استغل رجال حرب العصابات الفيتناميين أراضي كمبوديا للحصول على المزيد من القوات والسلاح. وكان الهدف الأميركي خلال العام الماضي هو ممارسة الضغوط على حكومة باكستان لتقديم يد العون في قتل أو أسر مقاتلي القاعدة الموجودين داخل المناطق القبلية في شمال شرق باكستان، والذين تقول المعلومات الاستخبارية إنهم يشكلون تهديدا مباشرا للولايات المتحدة.

وكان جنرالات ودبلوماسيو حلف الناتو قد اشتكوا من قبل بأن قيادة وسيطرة طالبان ترجع إلى جنوب باكستان وأن المسؤولين الباكستانيين قالوا إنهم يفتقدون إلى الاستخبارات الجيدة بشأن أماكن وجود قادة طالبان، وهي تأكيدات استقبلها عملاء الاستخبارات الأميركية ببعض الشكوك.

وقال أحد مسؤولي إدارة أوباما: «حققنا تقدما في مناطق القبائل في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي ضد القاعدة، لكننا لم نحقق تقدما مماثلا ضد قادة طالبان». وأكدت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية، أن إدارة أوباما سوف تنتهج سياسة ود حازمة مع باكستان: حيث تهدد بقطع المعونات العسكرية عنها ما لم تقم بحملة كبيرة ضد المقاتلين الناشطين في باكستان. وقال حسين حقاني، سفير باكستان لدى الولايات المتحدة في مقابلة معه، إن باكستان سوف تقوم باتخاذ إجراءات ضد الأفراد المتورطين مع القاعدة أو طالبان الذين نملك معلومات استخبارية جيدة عنهم، لكن المشكلة هي أننا لا نحصل على الدوام على معلومات يمكن التحرك على أساسها، فالمنطقة تعج بالفوضى». وقد قال مساعدو ريتشارد هولبروك المبعوث الخاص لأوباما إلى أفغانستان وباكستان والجنرال ديفيد بتريوس القائد الأعلى للقوات الأميركية في المنطقة، إن مسألة إعاقة قيادة طالبان تحظى بالمزيد من الاهتمام من رؤسائهم، ومن المتوقع أن يقوم هولبروك بأول زيارة له إلى المنطقة في أولى مهام عمله الجديد خلال الأسبوع الحالي.

* خدمة «نيويورك تايمز»