إسلام آباد تقر بأن اعتداءات مومباي «دبرت جزئيا» في باكستان

اعتقال 8 أشخاص .. وحمد أمين العقل المدبر للهجمات

رحمن مالك المسؤول في وزارة الداخلية الباكستانية يكشف أمام الصحافيين أدلة تورط باكستانيين في الهجمات التي تعرضت لها مدينة مومباي في نوفمبر الماضي «ا.ف.ب»
TT

قال مستشار رئيس الوزراء الباكستاني لشؤون الداخلية رحمن مالك إن الحكومة الباكستانية سجلت قضية جنائية ضد ثمانية أشخاص تورطوا في التخطيط وتنفيذ هجمات مومباي الإرهابية التي وقعت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف في مؤتمر صحافي عقد في مكتبه يوم الخميس إن ستة من الثمانية محتجزون في أماكن تابعة لهيئات الأمن الباكستانية. وأشار المسؤول إلى أن شخصا يدعى حمد أمين هو العقل المدبر لهجمات مومباي. وقال: «أتى حمد أمين من جنوب بنجاب، لكن ألقي القبض عليه في كراتشي، حيث كان يقيم في منزل مستأجر». ولم يعط وزير الداخلية تفاصيل أخرى عن هوية حمد أمين. وأقر مالك بأن منفذي الهجمات الإرهابية لهم علاقة بجماعة «عسكر طيبة»، وقال إن شخصين، يدعى أحدهما زكي الرحمن لخفي والآخر زرار شاه، شاركا في التخطيط للهجمات. ورفض وزير الداخلية ذكر هوية باقي الأفراد، حيث قال إن ذلك قد يضر بعملية التحقيقات. وأشار إلى أن الأمن الباكستاني ألقى القبض على باكستاني آخر يدعى يافد إقبال، وكان يقيم في إسبانيا، واستدرجته المخابرات الباكستانية ليعود إلى باكستان وعندما «وصل إلى إسلام آباد قادما من إسبانيا، ألقي القبض عليه».

وتعد هذه هي المرة الأولى التي يقر فيها مسؤول باكستاني بارز بأن جزءا من التخطيط لهجمات مومباي تم داخل باكستان. وقال مالك إن المسلحين الذين نفذوا الهجمات سافروا من كراتشي إلى مومباي. وسبق ان اكد الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري ورئيس وزرائه يوسف رضا جيلاني للهند «تعاونهما الكامل» مع التحقيق. وفتحت اسلام اباد تحقيقها الخاص وقامت في هذا الاطار بسلسلة اعتقالات في الاوساط الاسلامية، لكنها اول مرة تقر باكستان على هذا المستوى الرفيع بانه تم استخدام اراضيها لتدبير الاعتداءات. وتوجه الهند التي سبق وخاضت ثلاث حروب مع باكستان، اتهامات متكررة الى جارتها وصلت الى حد التأكيد على ان اجهزة الاستخبارات الباكستانية شاركت في التحضير للهجمات التي استمرت بين 26 و28 نوفمبر (تشرين الثاني) في بومباي واوقعت 174 قتيلا (بينهم تسعة من المهاجمين العشرة). وقال مالك «جرت الحادثة في الهند فيما دبرت جزئيا في باكستان»، غير ان اسلام اباد لم تنف في اي وقت اتهامات نيودلهي التي تؤكد ان الاعتداءات من تخطيط وتنفيذ جماعة عسكر طيبة الاسلامية المسلحة المحظورة في باكستان، بل نفت ضلوع اجهزة استخباراتها في العملية. واطلقت السلطات الباكستانية بطلب من الهند تحقيقها الخاص واوقفت العشرات من مسؤولي واعضاء جمعية خيرية مقربة من عسكر طيبة واغلقت مقارها. وقال مالك إن قاربا نقل منفذي الهجمات من مدينة كراتشي الساحلية جنوبي باكستان إلى المياه الاقليمية للهند ثم استخدموا قاربا مطاطيا للوصول إلى مومباي. وأكد مالك أن «القارب موجود في أيدينا الآن». كما اكد مالك استخدام دول اخرى اراضي بلاده في اطار التخطيط للعمليات، على غرار تحويل مصرفي من 238 دولارا من اسبانيا لشراء اسم موقع على الانترنت ليتواصل الارهابيون في ما بينهم، تم تسجيله في هيوستن (الولايات المتحدة). واضاف ان المهاجمين استخدموا موقعا آخر سجل في روسيا. وذكر أن المحققين عاينوا محرك القارب الذي استخدمه المهاجمون وتمكنوا من وضع أيديهم على مخبأين كان المهاجمون قد استخدموهما، مضيفا أنه تم توقيف ثمانية أشخاص ووجهت لهم تهم التحريض والتآمر وتقديم التسهيلات. وهذه أول مرة تقر فيها باكستان بأن العملية جرى التخطيط لها على أراضيها بعد إقرارها بأن المهاجم الوحيد الذي قبض عليه حيا باكستاني الجنسية. ونفت باكستان في البداية وجود أي صلة بينها وبين الهجمات إلا أنها أقرت بعد ذلك أن الناجي الوحيد من منفذي الهجمات والمعتقل حاليا في الهند باكستاني الجنسية. وأحد المتورطين باكستاني تولى مسؤولية تنظيم الاتصال بين منفذي الهجمات من إسبانيا وتم إلقاء القبض عليه في برشلونة وجرى تسليمه إلى باكستان.

ووفقا لمالك فقد تم تحريك قضية ضد المشتبه بهم وفقا لقوانين مكافحة الارهاب وجرائم الكمبيوتر وذلك بتهم التحريض والتآمر وتسهيل أعمال جنائية. وتجري باكستان تحقيقا في الحادث بناء على المعلومات التي تسلمتها من الهند أواخر يناير (كانون الثاني). وتم تسليم نسخة من نتائج التحقيق إلى المسؤولين في الهند.

وعلى صعيد آخر أجرى الرئيس الاميركي باراك أوباما أمس اتصالا هاتفيا مع الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري ، بحثا خلاله جهود البلدين في مجال مكافحة «الإرهاب». وجاء الاتصال الهاتفي بين أوباما وزرداري في الوقت الذي أنهى فيه ريتشارد هولبروك المبعوث الخاص للرئيس الاميركي زيارة لباكستان لبحث سبل تحسين التعاون بين واشنطن وإسلام اباد والمساعدة في القضاء على حركة طالبان في أفغانستان.

إلى ذلك وصفت الهند موقف باكستان التي أقرت أمس بأن اعتداءات بومباي «جرى التخطيط لها جزئيا» على أراضيها، بأنه «إيجابي» داعية في الوقت نفسه إسلام آباد مجددا إلى تفكيك «البنى التحتية الإرهابية». وأعلنت وزارة الخارجية الهندية في بيان ردا على تصريحات تم الإدلاء بها في إسلام آباد في وقت سابق «إنه تطور إيجابي». وقالت الوزارة:إن هدف الهند يبقى في رؤية منظمي الاعتداءات الإرهابية في بومباي أمام القضاء، وان تجري هذه العملية حتى النهاية. وأضاف البيان «نريد أيضا أن تتخذ الحكومة الباكستانية إجراءات صادقة لتفكيك البنى التحتية الإرهابية في باكستان».