واشنطن: الأسلحة الأميركية المفقودة قد تقع في يد طالبان

اختفاء آلاف الأسلحة الخفيفة وقذائف هاون و«آر بي جي» أرسلت إلى القوات الأفغانية

TT

ثمة مخاوف من أن تعرض عشرات الآلاف من الرشاشات والأسلحة في أفغانستان للسرقة، حيث لا يعلم المسؤولون الأميركيون أين هي في الوقت الحالي، وذلك وفقًا لعملية مراجعة جاءت بناء على طلب من الكونغرس. وتحذر عملية المراجعة من أن بعض هذه الأسلحة قد تكون وقعت بالفعل في أيدي طالبان. واكتشفت عملية المراجعة التي أجراها مكتب المحاسبة الحكومي غياب أكثر من ثلث الأسلحة الخفيفة البالغ عددها 242,000 قطعة والتي تبرعت بها الولايات المتحدة إلى القوات الأفغانية. وتتضمن الأسلحة المفقودة آلاف من الرشاشات من طراز AK-47، بالإضافة إلى قذائف هاون، وقاذفات الصواريخ المعروفة اختصارًا بـ«آر بي جي». وأشار التقرير إلى أنه لا توجد أي سجلات يمكن الاعتماد عليها توضح ما حدث مع 135,000 قطعة سلاح إضافية تبرعت بها الدول الأخرى الأعضاء بحلف الناتو. وأضاف التقرير أن الكثير من تلك الأسلحة - التي تم تقديمها في الفترة ما بين 2004، 2008 - تم تخزينها في مستودعات الذخيرة التي يديرها الجيش الأفغاني، ومن المعروف عن هذه المستودعات أنها كانت مهجورة لفترة طويلة، وكانت تحدث بها حالات سرقة. كما أن أنظمة الأمن بها لا ترقى إلى المعايير المقبولة، حيث لا يوجد في بعض منها سوى أبواب خشبية. واكتشف التقرير أيضًا أن الإهمال امتد إلى المعدات بالغة الحساسية مثل نظارات الرؤية الليلية، والتي طالما منحت القوات الأميركية مزية مهمة في حربها مع متمردي طالبان في دولة أفغانستان التي تتميز بتضاريس وعرة. وذكر التقرير، والمتوقع تقديمه اليوم للجنة التابعة لمجلس النواب، أنه تم إغفال القيام بالإجراءات الأساسية التقليدية، مثل تسجيل أرقام المسلسل الخاصة بالأسلحة، مما جعل الأسلحة التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات عرضة «لخطر السرقة أو الضياع». هذا، وقد حصلت صحيفة واشنطن بوست على نسخة من التقرير. ومن جانبهم، بدأ المشرعون في الضغط على البنتاغون لتقديم تفسيرات لما حدث قبل صدور التقرير رسميا. وقال جون تيرني (العضو الديمقراطي عن ولاية ماساتشوسيتس): «إن تلك الأخطاء قد تؤدي إلى مقتل الجنود الأميركيين على يد متمردين باستخدام الأسلحة التي تم شراؤها بأموال دافعي الضرائب الأميركيين». وأضاف تيرني في بيانه المكتوب: «هذا ما نخاطر به إذا ما كنا سنترك عشرات الآلاف من الأسلحة التي تذهب أفغانستان دون تدوينها في السجلات». وحتى يوم الأربعاء، لم يكن لدى الناطق باسم وزارة الدفاع أي رد فوري على التقرير. وتعكس المشكلات التي تم اكتشافها في أفغانستان مشاكل شبيهه ظهرت في عملية مراجعة أٌُجريت في العراق قبل عامين، ففي يوليو (تموز) 2007، أورد مكتب المحاسبة الحكومي أن على الأقل 190,000 رشاش من طراز AK-47، ومسدسات قدمتها الولايات المتحدة إلى البلاد لم يكن في الإمكان تقديم أي بيان عنها. ويمثل هذا الرقم 30% تقريبًا من كل الأسلحة الصغيرة التي تم تقديمها إلى العراق حتى تستخدمها القوات المحلية خلال عامي 2004 و2005.

وأفاد التقرير أيضًا أن الجيش الأميركي أخفق في هذه البلاد أيضًا في تحديد وإتباع معايير المحاسبة الملائمة، إذ وقعت بعض الأسلحة مثل مسدسات غلوك الأوتوماتيكية في أيدي حزب العمال الكردستاني، الذي يقع بعض أفراده في شمال البلاد، وهو الحزب الذي صنفته تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أنه جماعة إرهابية. جدير بالذكر أن تركيا اشتكت إلى البنتاغون في 2006 و2007، من أن الأسلحة تستخدم في جرائم واغتيالات داخل حدودها. وفيما يتعلق بتقرير أفغانستان، فقد تنقل فريق مكتب المحاسبة الحكومي في أفغانستان خلال شهر أغسطس (آب)، وحاول تعقب أسلحة متنوعة، والتي تم تسليمها على مدار 4 سنوات إلى أفغانستان. وأوضح التقرير، أن المراجعون اكتشفوا أن عمليات المراقبة على الأسلحة المخزنة - والتي يتم استخدامها بصورة روتينية لتعقب الأسلحة الأميركية - لم يتم تطبيقها في أفغانستان، ويرجع هذا جزئيًا إلى النقص الشديد في القوة البشرية، وغياب التوجيه من البنتاغون. ونتيجة لذلك، أوضح التقرير أن المسؤولين الأميركيين «لا يمكنهم التأكد ما إذا كانت هذه الأسلحة والمقصود توجهها إلى (الجيش الأفغانستاني) قد وصلت إلى تلك القوات». وأشار التقرير أيضًا إلى أن الفرق العسكرية الأميركية شرعت في تصحيح هذه المشكلات يونيو (حزيران) الماضي، أي قبل وصول المراقبين والمراجعين بفترة قصيرة. وتناول تقرير منفصل عن البنتاغون في شهر أكتوبر (تشرين الأول) بالشرح تعرض مخزون الأسلحة المقدم لأفغانستان لهذه المخاطر، وأردف التقرير أن القوات الأميركية وقوات التحالف في أفغانستان تجاهلت إلى حد كبير تفويضها لضمان «المحاسبة، والرقابة، والأمن المادي» للأسلحة الممنوحة إلى القوات الأفغانية بموجب برنامج المساعدة البالغ قوامه 11.7 مليار دولار، كما أنها تجاهلت على وجه الخصوص تدوين الأرقام التسلسلية للأسلحة، والتي يمكن من خلالها مراقبة هذه الأسلحة.وألقى تقرير المفتش العام والمفوض من قبل وزير الدفاع روبرت غيتس، ورئيس هيئة الأركان المشتركة مايكل مولن، باللوم على القيادة المركزية الأميركية لإخفاقها في تحديد المعايير والإجراءات الملائمة لعملية إمداد الأسلحة إلى أفغانستان. * خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»