إيران: 30 عاما على الثورة الحلقة (5) ـ أبو الحسن بني صدر لـ«الشرق الأوسط»: فوجئت برغبة الخميني في الإمساك بمقاليد السلطة

أول رئيس إيراني بعد الثورة يروي الخلافات مع الخميني.. ورأيه في خامنئي ورفسنجاني

تزايد نفوذ العسكر في إيران خلال العقد الماضي (رويتزر)
TT

يقول أبو الحسن بني صدر، أول رئيس إيراني بعد نجاح الثورة الإيرانية عام 1979، أن آية الله الخميني غير وجهة نظره حول ولاية الفقيه 5 مرات من قم إلى النجف إلى باريس إلى طهران، موضحا في حوار مع «الشرق الأوسط» أنه فوجئ بعد الثورة برغبة الخميني في الإمساك بمقاليد السلطة، غير أنه يشدد على أنه لم يندم على قيام الثورة الإيرانية. ويوضح بني صدر أنه عندما كان رئيسا لإيران، بين 1980 و1981، عاني من الضغوطات التي شكلها رجال الدين الذين كانوا يريدون إحكام سيطرة رجال الدين على مؤسسات الحكم. ويشير إلى أن الخميني عندما كان في باريس كان محاطا بالمثقفين والمفكرين الذين كان الخميني يعتمد عليهم في كتابة أجوبته لأسئلة الصحافة الغربية، مشيرا إلى أن الخميني في هذه المرحلة كان «تحرري» في أفكاره، إلا أنه عندما هبطت طائرة الخميني في مطار طهران يوم 1 فبراير (شباط) 1979 دخل اثنان من كبار رجال الدين المقربين من الخميني إلى الطائرة وغادر معهما، وكانت هذه نهاية تأثير المثقفين والمفكرين وبداية تأثير رجال الدين على دولة الثورة. كما يتحدث بني صدر عن ترشيح الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي للرئاسة الإيرانية في يونيو (حزيران) المقبل، موضحا أن من سيطبع العلاقات مع أميركا سيصبح بطلا قوميا في إيران.. فمن يريد المرشد الأعلى لإيران آية الله خامنئي أن يصبح بطلا قوميا.. محمد خاتمي أم محمود أحمدي نجاد؟ وهنا نص الحوار:

* هل ندمت يوما على قيام الثورة في إيران على أساس أن أوضاع حقوق الإنسان والديمقراطية، كما يقول البعض داخل وخارج إيران، ليست أفضل حالا بكثير مما كانت عليه قبل قيام الثورة؟

ـ لا أبدا. فالثورة الإيرانية لم تطلب موافقة أو عدم موافقة، الثورة حصلت من قلب المجتمع، ولكن أيضا في وقت بدء تغيير على الصعيد الدولي. كان هدف الثورة الإيرانية تحقيق الاستقلال والحرية والتقدم، وإرساء إسلام يفهم كل هذه الأسس ويفتح آفاقا روحية جديدة للإنسان. لهذه الأسباب قمنا بالثورة. والثورة حدثت في إيران لأنها كانت محاصرة بين القوتين العظميين في العالم حينها (أميركا والاتحاد السوفياتي السابق). كانت الثورة تعني أن فترة توسع هاتين الدولتين انتهت، وبدأتا بالتراجع.

* هل تعتقد أن الخميني كان مؤمنا بالديمقراطية في بداية الثورة، ثم عندما نجحت الثورة غير آراءه وطبق مفهوم ولاية الفقيه؟

ـ من الصعب أن نقول إنه كان يعتقد بذلك، فلو كان يعتقد بذلك، لكان من الصعب جدا أن يغير أفكاره بهذه السهولة. جاء الخميني إلى فرنسا، وقال ما قاله أمام العالم حول الحريات والديمقراطيات والتقدم والإسلام الذي يؤمن بالحرية. فهل كان يعتقد بكل ما قاله؟ لو كان يؤمن بذلك حقا، وانطلاقا من كونه رجل دين، لا يمكنه أن يقوم بعكس ما يؤمن به، لما تغيرت أفكاره. لكن السلطة كان تحتل الأولوية بالنسبة إليه.

* ماذا قلت عندما رأيت مبدأ ولاية الفقيه في الدستور الإيراني؟

ـ في البداية عندما كنا نحضر لأول دستور إيراني بعد الثورة، كان أساسه سيادة الشعب وليس سيادة الولي الفقيه. مجلس الخبراء ورجال الدين كانوا يتمتعون بالأغلبية، حاولوا إدخال مبدأ ولاية الفقيه وجعله مصدر الحكم والسلطات. وقد تناقشت كثيرا مع آية الله على منتظري في حينها، الذي كان يرأس مجلس الخبراء. (منتظري كان نائبا للخميني إلى أن تم عزله بعد خلافات بينهما). في البداية أراد الخميني سلطة كاملة للولي الفقيه، ثم في النهاية وافق على أن يكون الولي الفقيه بمثابة نظام مراقبة. لهذا فإن القانون الإيراني لا يعطي القوة التشريعية ولا التنفيذية ولا القضائية لنظام ولاية الفقيه، إلا أنه عمليا يتحكم في مفاصل الحكم.

* هل تعتقد أن الخميني استغل الليبراليين ثم تخلى عنهم وعن أفكارهم عندما أقر نظام ولاية الفقيه الذي أعطى الكلمة العليا في الحكم لرجال الدين؟ ـ كثيرون يقولون ذلك، ولكن هذا ليس صحيحا، لأنه في ما يخص ولاية الفقيه، غيّر الخميني رأيه خمس مرات، بحسب ما يقول آية الله على منتظري في مذكراته. فعندما كان الخميني في قم، في ظل عهد الشاه، كان ضد مبدأ ولاية الفقيه. ثم في حوزة النجف بالعراق، علّم الخميني ولاية الفقيه لطلابه، وحددها بأنها تطبيق للقوانين الإسلامية. (أعطى الخميني 19 درسا في النجف حول ولاية الفقيه، ثم حول المحاضرات إلى كتابه: حاكمية الإسلام: ولاية الفقيه). وقد سألته مرة، عندما التقيته في النجف إذا كان يعلّم هذا المبدأ لكي يبقى الشاه في السلطة إلى الأبد؟ (على أساس أن الشاه سيستغل ذلك ضد حركات المعارضة) فأجاب الخميني: «لا.. ذلك فقط لنفتح نقاشا حتى يتمكن أشخاص من أمثالك أن يصوغوا النظرية». ثم جاء الخميني إلى فرنسا، واكتشف هناك أنه إذا تحدث عن ولاية الفقيه، فإن الشاه سيبقى على العرش، فيما سيعيش الخميني في المنفى باقي عمره. فتحدث الخميني عن «ولاية الجمهور» بدلا من «ولاية الفقيه». وكانت هذه هي المرة الثالثة التي يغير فيها رأيه. ثم عندما تم تشكيل مجلس الخبراء بعد نجاح الثورة، عاد هذه المرة ليتحدث عن «ولاية الفقيه» ولكنه وافق في النهاية على أن تلعب ولاية الفقية دور «مراقب» فقط، أى أن يكون سلطة إشرافية. ثم مع اقتراب نهاية حياته، قبل انتهاء الحرب الإيرانية - العراقية، تحدث الخميني عن «السلطة المطلقة لولاية الفقيه». وكانت هذه هي المرة الخامسة التي يغير فيها رأيه حول «ولاية الفقيه». أي رأي كان رأيه الحقيقي؟ أنا أقول إن الخميني لم يكن رجل أفعال، بل رجل ردود أفعال، كان يتأقلم بشكل جيد جدا مع الأوضاع، أى أن التحولات في أفكاره حول ولاية الفقيه، كانت مرتبطة بتحولات على الأرض.

* ما الشيء الذي كان يقوده إذا لتتغير أفكاره حول ولاية الفقيه؟ ـ السلطة هي التي كانت تقوده. عندما كان الشاه لا يزال في الحكم، والخميني في قم، كان يعرف أن الحديث عن ولاية الفقيه سيؤدي به إلى المنفى. أما في النجف فقد تحدث عن تطبيق الولاية الإسلامية لأنه كان ضد حكم الشاه على أساس أنه حكم ضد الإسلام. وفي فرنسا، كانت الثورة الإيرانية تتأجج، وبدأ حكم الشاه يضعف، فبدأ الخميني يتحدث عن «ولاية الجمهور». وفي إيران، عندما وصل للسلطة بعد الثورة تحدث الخميني عن ولاية الفقيه. هذا يفسر بشكل جيد التغييرات الدورية في آرائه في هذا الخصوص، ويبرهن على أنه كان يتأقلم مع احتياجات الوصول إلى السلطة.

* هل فوجئت برغبة الخميني في الإمساك بمقاليد السلطة بنفسه؟

ـ كليا، بالطبع. لأنه بحسب ما كنا نؤمن به منذ طفولتنا، فإن رجل الدين هو شخص لا تحركه السلطة، بل هو شخص زاهد. فأن نرى رجل دين يغير رأيه بهذه السهولة فقط لدواعي السلطة، كان أمرا صعب تصوره.

* قلت من قبل إن الخميني وصل للثورة متأخرا، ولم يكن واثقا من نجاحها. ما الذي تعنيه بذلك؟

ـ عندما كان الخميني في النجف، وكانت الحركة الوطنية قد بدأت تتأجج في إيران، لم يكن الخميني مستعدا للتدخل، لأنه خشي من أن تكون حركة المعارضة هذه من دون مستقبل وأن تنطفئ سريعا. فأخر الخميني رد فعله طوال أربعين يوما. الحركة الاحتجاجية الواسعة بدأت في شهر يناير (كانون الثاني) 1978، ثم في أبريل (نيسان) 1978. وبدأ الخميني التجاوب معها عندما رأى أن للحركة مستقبلا. عندما جاء إلى فرنسا كان خائفا، لأنه في هذا الوقت كان الصحافيون في إيران يرسلون تقارير يقولون فيها إن هذه ثورة لا تعرف ماذا تريد وتتحدث عن سلطة الإسلام لكن لا أحد يمكنه أن يحدد ماذا يعني ذلك. كانت حملة دعائية ضد الثورة. ووجد الخميني نفسه في فرنسا حيث للإعلام رأى سلبي في الثورة الإيرانية، لذلك لم يكن واثقا من أن الشاه سيرحل وأن الثورة ستنجح، حتى أنه تم شراء منزل له في فرنسا في حال لم تنجح الثورة، لكي يبقى فيه.

* كيف يمكنك وصف المرشد الأعلى لإيران آية الله على خامنئي وهاشمي رفسنجاني، رئيس مجلس الخبراء وغيرهم من رجال الدين الذين كانوا محيطين بالخميني في ذلك القوت؟

ـ رافسنجاني وغيره لم يكن لديهم تأثير حينها، فقد كانوا رجال دين غير معروفين. الخميني كان الشخص المهم. قبل الثورة كان الخميني بحاجة إلى المفكرين، وقدرته على التأقلم كان جيدة لدرجة أنه تأقلم مع خطاب هؤلاء المفكرين. كانت هناك لجنة مؤلفة من هؤلاء المفكرين المحيطين بالخميني في باريس تأخذ أسئلة الصحافيين وتحضر أجوبة يرددها الخميني على الصحافيين. عندها كان الخميني «تحرري». ولكن عندما عاد إلى إيران، لحظة هبوط الطائرة في طهران، دخل اثنان من رجال الدين إلى الطائرة وغادر الخميني معهما (آية الله مطهري وآية الله بهشتي). وهكذا كانت نهاية عهد المفكرين وبداية عهد الملالي. شكل الخميني مجلس الثورة، وأنا أصبحت عضوا فيه بعد شهر، ورفسنجاني أيضا كان عضوا فيه. لقد اختار الخميني رجال دين غير معروفين لأنهم كانوا يأتمرون بأوامره، بينما رجال الدين الكبار يتمتعون بالاستقلالية.

* هل كنت ضمن الحلقة الضيقة للخميني التي كان يستمع إليها؟

ـ كلا، الخميني في الخارج، فرنسا مثلا، كان يستمع إلى المفكرين، ولكن في إيران كان هناك الكثيرون حوله، خاصة من رجال الدين ذوى الميول الراديكالية. ولكن أهم من كان يستمع إليه الخميني كانت السلطة وما تتطلبه.

* قلت مرة إنك كنت ستتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لإنهاء الحرب الإيرانية – العراقية عندما كنت رئيسا لإيران بين 1980 و1981، لكن ذلك لم يحدث لأن رجال الدين أرادوا استمرار الحرب. لماذا؟ وهل تعتقد أن الحرب العراقية - الإيرانية كان أداة لتصفية الليبراليين ورجال الحركة الوطنية؟

ـ يوم تنفيذ الانقلاب ضدي في يونيو (حزيران) عام 1981 قلت في أحد بياناتي إن أحد أسباب هذا الانقلاب ضدي هو أن رجال الدين في السلطة يريدون مواصلة الحرب. وزير دفاع بريطانيا في ذلك الوقت عندما كانت مارغريت تاتشر رئيسة للوزراء، قال إن البريطانيين فعلوا كل ما باستطاعتهم لكي تبدأ الحرب الإيرانية - العراقية ولكي تستمر. هل عقد الخميني والمقربون منه صفقة مع البريطانيين لكي تستمر الحرب؟ هذا الأمر بحاجة إلى وثائق لتأكيده. ولكن الخميني لم يكن بحاجة إلى هذه الصفقة لكي يطالب بمتابعة الحرب. فحتى اليوم، يقولون ذلك في إيران. قبل عدة أيام قال محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري الإيراني إنه لو لم تستمر الحرب حينها، لم يكن باستطاعة السلطة الحالية في إيران أن تتبلور وتتشكل. فالخميني كان بحاجة إلى استمرار الحرب. رجال الدين أرادوا أن يفتتوا الجيل الذين غير نظام الشاه بتلك الثورة الشعبية، أرادوا تحييد ذلك الجيل. وخلال الحرب الإيرانية - العراقية، جرى تدمير وتحييد جيل بكامله عن الساحة السياسية، فهم إما قتلوا خلال الحرب التي استمرت ثماني سنوات، أو لم يتمكنوا من مواصلة أى عمل سياسي بسبب الحرب، فتمكن رجال الدين من فرض سطوتهم على إيران. أما في ما يخص أزمة الرهائن الأميركيين بعد احتلال الطلبة الإيرانيين للسفارة الأميركية، فبالطبع عقدت السلطات في إيران صفقة سرية مع إدارة رونالد ريغان لإطلاق الرهائن الأميركيين، في إيران ولبنان. (جزء منها كان معروفا تم الاتفاق عليه في الجزائر ويقضي بالإفراج عن نحو 7 مليارات دولار من الأموال الإيرانية التي جمدتها أميركا بعد الثورة مقابل إطلاق الأميركيين المحتجزين في السفارة الأميركية بطهران، وجزء آخر متعلق بشراء أسلحة أميركية وإسرائيلية لدعم المجهود الحربي الإيراني خلال الحرب مع العراق مقابل إطلاق أميركيين محتجزين في لبنان، وهى الصفقة التي عرفت بإيران غيت).

* قلت مرة إن جماعة الخميني كانت لا تمانع في فتح حوار مع الولايات المتحدة، فيما أنت كنت تمانع. فلماذا؟

ـ لم أمانع، ولكن بالنسبة لي، فإن العلاقات الطبيعية كانت مقبولة، ولكن ما لم يكن مقبولا هو العداء في الظاهر، ثم اعتماد سياسة عقد صفقات في السر، كما حدث عندما جرى فضح قضية «إيران غيت». واليوم يحصل الأمر نفسه، فهناك حديث عن مفاوضات سرية مع المقربين من الرئيس الأميركي باراك أوباما وبين مسؤولين إيرانيين. فكيف يمكن لنظام يقول إنه إسلامي أن يسمح بهذه التصرفات؟ كل هذا بالنسبة لي فساد يسمح بأن تستمر الديكتاتورية. أنا أؤيد العلاقات الطبيعية المفتوحة والشفافة كي لا يعود الشعب خائفا. فالنظام الإيراني يقول إن الأميركيين يريدون قلب نظام، مما يسهل تبرير القمع الداخلي والمواقف العدائية.

* من هي إذا الطبقة التي تحكم إيران اليوم؟ هل ما زال رجال الدين نافذون كما كانوا في بداية عهد الثورة؟ ـ نفوذ رجال الدين في إيران شارف على الانتهاء.. في الوقت الحاضر المافيا العسكرية - المالية هي التي تحكم. من يملكون قوة السلاح والمال يحكمون. جزء كبير من الاقتصاد الإيراني بيد الحرس الثوري، وعدد كبير منهم في السلطة التنفيذية وفي البرلمان وفي السلطة القضائية، وحتى النشاطات الثقافية جزء كبير منها في أيدي الحرس الثوري.

* كيف تصف المرشد الأعلى خامنئي؟

ـ خامنئي ضعيف. ولذلك سمح للمافيا بالسيطرة على الدولة. رجال الدين حذروه من أن سياسته يمكن أن تكون كارثية على طبقة رجال الدين، وأن الطبقة التي تملك المال والسلاح ستحكم (الحرس الثوري) وهذا سيجعل الشعب مستاء، وسيعبر عن استيائه لنا لأننا سبب هذا الوضع. ولأنه رجل ضعيف، ترك الأمر يصل إلى هذا الحد. فليس هناك تفسير آخر لكيف تمكن جزء من الحرس الثوري من السيطرة على الدولة الإيرانية بهذا الشكل.

* عندما تم اختيار خامنئي ليحل مكان الخميني، هل استغربت؟

ـ في الواقع لقد اعترضت على هذا التعيين، لأن خامنئي لم يكن من بين الزعماء الدينيين الكبار، بل كان رجل دين متوسط المكانة، وبحسب الدستور لا يمكنه أن يحل محل الخميني.

لقد تردد أن هناك رسالة من الخميني لرئيس مجلس الخبراء، قال فيها الخميني إنه من غير الضروري أن يكون خلفه من بين الزعماء الدينيين الكبار أو من آيات الله، وإنه يمكن تعيين أى رجل دين إذا كان يتمتع بالصفات القيادية. لكن أنا سألت خبراء عن الرسالة هنا في فرنسا، فأكد الخبراء الدوليون أن هذا ليس خط يد الخميني، وأن هذه الرسالة مزورة. عارضت السفارة الإيرانية ذلك، وكان الرد أنه إذا كان هناك اعتراض، يمكن الذهاب إلى المحكمة. بالطبع لم تذهب السفارة الإيرانية إلى المحكمة لأن الرسالة كانت مزورة. لكن حتى لو لم تكن مزورة، فإن الخميني لم يكن لديه الحق لأن يقول لمجلس الخبراء أن يختار شخصا لا يتمتع بالصفات اللازمة لكي يخلفه.

* ما رأيك بالرئيس الإصلاحي محمد خاتمي وترشحه للانتخابات الرئاسية في يونيو (حزيران) المقبل؟ هل تعتقد أنه أخذ الضوء الأخضر من المرشد الأعلى؟

ـ التزامات خاتمي تظهر أنه بالفعل أخذ الضوء الأخضر من خامنئي، وإلا كيف يمكن تفسير أنه منذ إعلان ترشحه، أكد لخامنئي أنه ليس فقط وفيا للنظام، بل سيحترم القوة المطلقة لخامنئي.

* هل تعتقد أن هناك قرارا من خامنئي أن فترة رئاسية واحدة للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد تكفي، وأن فترة باراك أوباما في إيران تحتاج إلى وجه مثل خاتمي في إيران؟

ـ إذا كان خامنئي والمافيا المالية - العسكرية في إيران قرروا تطبيع العلاقات مع الأميركيين، فان أحمدي نجاد سيكون في وضع أفضل من محمد خاتمي لكي يفعل ذلك. فكما قال أحد المحللين الإيرانيين، إذا تمكن أحد من تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة، فإنه سيصبح بطلا قوميا في إيران. فهل يمكن أن نتخيل أن يسمح خامنئي لخاتمي بأن يصبح بطلا قوميا؟ بحسب القوانين الراهنة، فإن السياسة الخارجية تعود لخامنئي، فإذا قرر هو تطبيع العلاقات، فلن يعود هناك فرق بين أحمدي نجاد وخاتمي.. لكن السؤال من يريد خامنئي أن يصبح بطلا قوميا؛ أحمدي نجاد أم خاتمي؟

* بعيدا عن العلاقات مع أميركا.. هل تعتقد أنه لو أراد خاتمي إحداث تغيير وبدء إصلاحات داخلية ديمقراطية وفي مجال حقوق الإنسان.. هل سيتمكن من تحقيق ذلك؟

ـ في ظل هذا النظام.. مستحيل. ورجال الدين يقولون له هذا الأمر بوضوح.

* هل أنت إذا متفائل أم متشائم من مستقبل إيران؟

ـ أنا متفائل جدا، لأن التغيير على صعيد الشعب مستمر. اليوم الشعب الإيراني يفهم أن الديمقراطية ضرورية لكي تخرج إيران من العزلة والفقر والعنف. الحركة لن تتوقف وهذا شيء سيستمر رغم الكبت، وهذا أمر حتى في عهد الشاه لم نر مثله.

* هل تتوقع ثورة ثانية في إيران؟

ـ حركة شعبية واحدة تكفي، والأمر يتوقف على عامل الخوف. إذا تقلص الخوف من الخارج، آمل أن تقترب هذه الحركة. أملي مبني على أن الشعب الإيراني يعرف الآن ماذا يريد. يريد الديمقراطية. كان هناك أشخاص وقت الثورة لم يكونوا مع الديمقراطية، هم اليوم معها. فالنظام فقد شرعيته. وكل العوامل الخارجية والداخلية حاضرة لكي تستعيد إيران بعد ثلاث ثورات، ديمقراطيتها. الشعب الإيراني لديه رغبة في التغيير، لكن السلطة في الوقت الحالي لديها أموال البترول، واقتصاد إيران يعتمد على هذه الأموال. لذلك في الوقت الحالي، إذا أردنا التحدث اقتصاديا، فإنها ليست الدولة التي تعتمد على الشعب، بل العكس. الشعب أو المجتمع يعتمد على الدولة التي تملك الأموال والقوة المسلحة وعنصر الخوف، وهو العنصر الأهم. تخيلوا 70 مليون إيراني بحاجة لكي يستوردوا حتى موادهم الغذائية. إيران اليوم هي أول مستورد للقمح في العالم، أضيفوا إلى ذلك التهديد الذي عاشته إيران خلال فترة حكم الرئيس الأميركي جورج بوش، من ضربة عسكرية، إلى حصار اقتصادي. إذا لم يشعر الإيرانيون أن هناك تهديدات جدية ضدهم.. فإنهم سيتحركون نحو الحرية.

* غدا: خامنئي - رفسنجاني: نوع العلاقة