السنيورة: المجرمون أخطأوا في حساباتهم

قال إن الاقتناع والمبادرة والنفع العام تكشف شخصية الراحل

TT

في الذكرى الرابعة لاغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وجه رئيس الوزراء الحالي فؤاد السنيورة رسالة، روى فيها بعضا من ذكرياته مع الحريري منذ «زمن الفتوة، حين كنا بالمقاصد بصيدا في الخمسينات من القرن الماضي».

وقال إن من أواخر تلك الذكريات «نقاشا استمعت إليه، وكان يدور بينه وبين عدد من مجالسيه، بشأن عمل كان الرئيس الحريري يصر على السير فيه، رغم المعارضة الشديدة التي يلقاها من خصومه السياسيين. وكان بعض الحاضرين يجادل بأن السياسة هي فن الممكن، ولا يبدو أن هناك إمكانا الآن، فالأفضل الانتظار لبعض الوقت ثم العودة بطريقة أخرى، وهو أمر تعود عليه الرئيس الحريري في الأعمال وفي السياسة، وكان هذا أحد أسباب نجاحه القائم على المثابرة والسعي الدائم إلى الحوار والإقناع والتلاؤم مع المتغيرات مع إصراره على التمسك بالمبادئ. وما بدا الرئيس موافقا على ذلك، ولذا فقد أجاب: أنتم تعتبرون أن انتهاز الفرصة هو أساس النجاح. وأنا أرى أن المبادرة هي التي تصنع الإنجاز. لكن ما نحن بصدده أمر آخر. فلماذا يقوم أحدنا بهذا العمل أو ذاك؟ أنا أقوم به في المجال السياسي لسببين: الاقتناع بصحته، وتقدير أثره في النفع العام».

وأضاف السنيورة: «الواقع أن هذه المفردات الثلاث: الاقتناع، والمبادرة، والنفع العام، تكشف إلى حد بعيد شخصية الحريري الإنسان ورجل الأعمال، والزعيم ورجل الدولة. فقد تكونت لدى جيلنا في الخمسينات والستينات من القرن الماضي قناعات عميقة بشأن التحديات والإمكانات والقدرات، وفي المجالين الخاص والعام. فقد كان هناك الوعي بالتحدي الحضاري، تحدي التقدم وتجاوُز الجمود والضعف والتخلف، وتحدي الاحتلال الاستيطاني الصهيوني لفلسطين. وتركز التمييز بين الأفراد في كيفية تعاملهم مع المسألتين الأُخريين، أي الوعي بالشؤون العامة ووسائل مقاربتها، وشجاعة الإرادة والمبادرة. وهذه الأمور الثلاثة هي التي حرَّكت رفيق الحريري منذ فتوته وشبابه، فاندفع في الاتجاهين: اتجاه المبادرة في عالم الأعمال، واتجاه المبادرة في الشأن العام والنفع العام، والوفاء للمحيط، حيث إن أول ما خطر بباله حين توافرت لديه المبالغ الأولى من عمله، لا أن يشتري بيتا أو يقتني حاجة، بل كان أول ما اتجه فكره نحوه هو ترميم مدرسة فيصل التابعة لجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية، والتي كانت بحاجة للترميم والتوسيع والتجهيز».

وتابع: «الذي أراه بعد كل هذه السنوات مع رفيق الحريري حضورا وعملا وإنجازا ونجاحا وإبداعا وزعامة، أن تلك الشخصية الفردية كوَّنتها قناعاته العميقة، ودفعتها في دروب العمل والإنجاز روحه المبادِرة ونظرته الخلاّقة وتطلعاته الرؤيوية التي أدخلها في قلوب اللبنانيين والعرب الآخرين في مساره الدؤوب للعمل العام، وللنفع العام».

وقال: «ظن المجرمون أنهم باغتياله سيتمكنون من إزاحته من على مسرح الأحداث وشطب دوره. وقد نجحوا في اغتياله عبر جريمة إرهابية، لكنهم أخطأوا في حساباتهم في أن ذكراه سوف تخفت مع الأيام. فما حصل هو عكس ذلك تماما، فحضوره في ضمائر اللبنانيين والعرب والعالم ازداد، ودوره كبر أكثر مما كان يتوقع المجرمون».

وختم: «في الذكرى الرابعة لاغتيال الرئيس الشهيد، نجد أن حضوره يزداد ويزدهر، استنادا إلى الأعمال التي قام بها على أكثر من صعيد، والإنجازات التي حققها في حياته وتبقى شاهدة على ما قام به من أجل لبنان وقضايا العرب، واستنادا إلى القيم الكبرى التي أسس عليها وناضل من أجلها، والتي ستظل مصدر إلهام للبنانيين وللعرب الآخرين».