فرنسا متمسكة «أكثر من أي وقت مضى» بمحاكمة المسؤولين عن جريمة الحريري

مصادر فرنسية رسمية: المحكمة الدولية كالقطار الذي انطلق ولا يمكن وقفه

TT

استبقت فرنسا الذكرى الرابعة لاغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري، والتظاهرات الشعبية التي ستحصل اليوم في بيروت، بالتأكيد مجددا على دعمها للمحكمة ذات الطابع الدولي وتمسكها بسيادة لبنان واستقلاله.

وقال وزير الخارجية برنار كوشنير، في بيان وزعته وزارته أمس، إن فرنسا التي «قدمت الدعم الكامل للسلطات اللبنانية منذ أربع سنوات، وللجنة التحقيق من أجل جلاء حقيقة الاعتداء، تتمنى أكثر من أي وقت مضى أن يتم تحديد هوية المسؤولين عنه، وسوقهم أمام المحكمة الخاصة في لبنان».

وشدد كوشنير على دعم فرنسا لمباشرة المحكمة الخاصة أعمالها في الأول من الشهر القادم، واعدا بـ«توفير كل مساعدة ممكنة لها».

وفي هذا السياق قالت الخارجية الفرنسية إن باريس «أعربت عن استعدادها لمساعدة لجنة التحقيق الدولية على نقل أرشيف التحقيق من بيروت إلى لاهاي»، حيث مقر المحكمة الواقع في ضاحية ليشندام، وذلك عملا بما نص عليه قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بإنشاء المحكمة، الذي يسمح للمحقق الدولي بطلب المساعدة من أية دولة. غير أن لجنة التحقيق تدبرت أمرها من غير المساعدة الفرنسية.

وللتدليل على دعم فرنسا العملي للمحكمة التي ساهمت بقوة في دفع مجلس الأمن الدولي لإنشائها عقب اغتيال الحريري، نوه شوفاليه بأن باريس رصدت 4,5 مليون يورو كمساهمة مالية لثلاث سنوات، وأن الدفعة الأولى منها والخاصة بعام 2009 قد صُرفت. وفي ما خص استعداد باريس لنقل موقوفين لبنانيين في ملف الاغتيال، قال شوفاليه إن فرنسا «ستنظر في الوقت المناسب» في طلبات من هذا النوع.

وفي السياق اللبناني والإقليمي العام أعربت فرنسا عن «تمسكها بوحدة واستقلال وسيادة لبنان وسلامة أراضيه». وفي الوقت نفسه دعت إلى صيانة «مناخ الحوار والتفاهم» الذي يعيش لبنان في ظله منذ اتفاق الدوحة في شهر مايو (أيار) الماضي، وذلك من أجل أن تجرى الانتخابات التشريعية في جو من «الاستقرار واحترام المعايير الديمقراطية».

وأعربت مصادر فرنسية رسمية عن «ثقتها» بالمحكمة الدولية وبأداء المهمة التي أنشئت من أجلها، معتبرة أن المحكمة مثل «القطار الذي انطلق ولم يعد بالإمكان وقفه». غير أنها في الوقت نفسه دعت اللبنانيين إلى مزيد من الصبر، باعتبار أن «الزمن القضائي غير الزمن السياسي»، وأن المحاكم الدولية «لديها معايير قضائية وعملية لا يمكن القفز فوقها». وتمنت هذه المصادر على «كل الجهات» أن تتجاوب مع المحكمة، وبذلك «تتحاشى أن تجد نفسها في خانة الاتهام أو عرضة لقرارات جديدة من مجلس الأمن الدولي».

وسعت باريس في أكثر من مناسبة إلى «طمأنة» الأطراف اللبنانية التي أعربت عن «تخوفها» من الانفتاح الفرنسي على دمشق الذي أدى سريعا إلى «تطبيع» العلاقات بين البلدين. وقالت المصادر الفرنسية إن باريس «مع ذلك، ما زالت تراقب تطور العلاقات اللبنانية - السورية وفق خارطة الطريق التي وضعها الرئيسان الفرنسي والسوري». غير أن هذه المصادر أبدت «دهشتها» من امتناع دمشق، حتى الآن، عن تسمية سفيرها في بيروت حتى هذه اللحظة.

وتنشط باريس اتصالاتها بكل الأطراف، وهي تشدد بشكل خاص على ضرورة دعم رئيس الجمهورية الذي تغتنم كل مناسبة تتوافر لها من أجل الإشادة بأدائه على رأس الدولة، وخصوصا «قدرته على البقاء فوق الأطراف والأحزاب»، وامتناعه عن سياسة المحاور العربية. وسيقوم الرئيس ميشال سليمان بزيارة إلى باريس يومي 16 و17 مارس (آذار) القادم، وقالت مصادر دبلوماسية في باريس إن برنامج الزيارة «أصبح جاهزا، ويتضمن كل ما هو متعارف عليه من استقبالات وتشريفات ولقاءات مع ساركوزي، ورئيس الوزراء فرنسوا فيون، ورئيس بلدية باريس برتراند دولانويه، والجالية اللبنانية».