الصومال: الشيخ شريف يختار نجل ثاني رئيس للبلاد رئيسا للحكومة الانتقالية

يحظى بتأييد الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة

TT

أبدت أوساط صومالية ودولية تفاؤلا ملموسا بعد إعلان الرئيس الصومالي الشيخ شريف شيخ أحمد اختيار عمر نجل ثاني رئيس للصومال عقب حصولها على الاستقلال عام 1960 من بين 20 مرشحا، رئيسا للحكومة الانتقالية الجديدة في الصومال، خلفا لرئيس الوزراء الحالي العقيد نور حسن حسين عدي.

وقال مصدر مقرب من الشيخ شريف لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من جيبوتي، إن الشيخ شريف الذي التقى عصر أمس في مقره في قصر الضيافة الرئاسي في جيبوتي، بعمر عبد الرشيد علي شارمارك، الذي ينتمي إلى قبيلة الدارود كبرى القبائل الرئيسية في الصومال، وكلفه برئاسة أول حكومة في عهده، قد وقع بالفعل على مرسوم رئاسي بتعيين عمر شارمارك في منصب رئيس الوزراء الجديد للبلاد.

وقال المصدر، الذي طلب عدم تعريفه، أن شارمارك كان الوحيد من بين العشرين مرشحا للمنصب الذي لم يطلب ترشيحه ولم يسع إلى مقابلة الرئيس من أجل تزكية نفسه كما فعل المرشحون الآخرون ومن بينهم رؤساء حكومات سابقون.

وقال دبلوماسي عربي معني بملف الصومال لـ«الشرق الأوسط» «نعتقد أنه أفضل اختيار في الوقت الراهن، فهو لديه علاقات مع أميركا ووجه مقبول محليا وبإمكانه الاعتماد على الدعم العربي كونه حليفا للشيخ شريف». واعتبر محمد محمود جوليد، المرشح السابق للرئاسة الصومالية ورئيس الحكومة الأسبق، أن السمعة الطيبة التي يتمتع بها عمر في الشارع الصومالي تدعو إلى الثقة، لافتا إلى أنه على المستوى الشخصي إنسان محترم وجدير بالثقة ويفهم تماما أين تكمن المعضلة الصومالية. وقالت مصادر صومالية إنه في ضوء الشعبية التي يمتلكها الشيخ شريف داخل البرلمان فإنها تتوقع أن يوافق البرلمان لدى اجتماعه المرتقب في جيبوتي، بأغلبية ساحقة على تعيين عمر شارمارك كأول رئيس حكومة في عهد الشيخ شريف، الذي انتخب الشهر الماضي في جيبوتي أيضا رئيسا لترويكا السلطة الانتقالية في الصومال.

ويعتقد، على نطاق واسع، أن تعيين شارمارك الذي يحظى بتأييد الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، هو رسالة سياسية مفتوحة لمغازلة إدارة الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما ومحاولة لدفعها إلى التعاون الواسع النطاق مع الرئيس الصومالي. وتقول تقارير واردة من العاصمة الأميركية واشنطن، إن عددا من الدبلوماسيين والخبراء الأميركيين قد أشار على أوباما، بدعم مساعي المصالحة بين كافة الأطراف المعنية في الصومال بما فيها الجماعات الإسلامية، وذلك على عكس سياسة الرئيس السابق جورج بوش الذي قاتلها وأيد الغزو العسكري الإثيوبي لمكافحتها.

ووصف خبير الشؤون الأفريقية كين مينكاوس من معهد ديفيسوون، إمكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية في الصومال برئاسة شريف، بأنها «أفضل أمل» في القضاء على العنف وتحييد جماعة «الشعب» الإسلامية المتشددة المسلحة، التي يتردد أن بعض قادتها على علاقة بتنظيم القاعدة.

إلى ذلك، كشف طاهر محمود جيلي عضو البرلمان الصومالي وتحالف جيبوتي الذي يترأسه الشيخ شريف لـ«الشرق الأوسط» عن وجود مساعٍ غير معلنة لتقريب وجهات النظر بين الشيخ شريف والشيخ حسن طاهر أويس الزعيم السابق لتنظيم المحاكم الإسلامية ورئيس تحالف المعارضة الصومالية الذي يتخذ من العاصمة الاريترية أسمرة مقرا له.

وأضاف «هناك بعض الساعين للمصالحة مع الشيخ حسن طاهر أويس بما في ذلك جهات صومالية وشقيقة عربية عديدة، لكنها لم تسفر إلى الآن عن أي شيء».

وتحفظ جيلي المقرب من الشيخ شريف عن ذكر الدول العربية التي تقوم ببذل جهود وساطة في هذا الإطار بين الشيخين شريف وأويس، لكنه قال «هناك بالفعل مساعٍ حثيثة من دول شقيقة في هذا المضمار وشخصيات مرموقة تواصلت مع الشيخ حسن والرئيس ونأمل أن يتم اللقاء بينهما قريبا». وأوضح طاهر لـ«الشرق الأوسط» هاتفيا من جيبوتي أن الرئيس الصومالي حريص على لقاء هؤلاء الذين كانوا رفاق درب معه من أجل مصلحة البلاد, لافتا إلى أن الشيخ شريف في اتصالاته للم الشمل لم يستثن أحدا.

وأشار إلى أن هذه الاتصالات شملت جميع قيادات الجماعات الإسلامية المتشددة والمناوئة للسلطة الانتقالية في الصومال, وقال «معظمهم تم تبادل رسائل معهم عبر وسطاء، وثمة لقاءات حدثت، واجتماعات أخرى نأمل أن تتم في القريب العاجل بإذن الله».

وكانت مصادر صومالية قد كشفت مؤخرا النقاب عن اجتماع سرى عقده الشيخ شريف شيخ أحمد سرا في القصر الرئاسي المعروف باسم فيلا الصومال في العاصمة مقديشو، مع الشيخ حسن تركي نائب رئيس الحزب الإسلامي المناوئ له والشيخ مختار روبو(أبو منصور) الناطق الرسمي باسم حركة الشباب المتشددة والمناوئة للسلطة الانتقالية والوجود العسكري الأجنبي في البلاد.

وقالت مصادر صومالية إن الاجتماع استهدف محاولة احتواء تركي وأبو منصور اللذين يعتبران من أبرز قادة الجماعات الإسلامية المتشددة المناوئة للرئيس الصومالي الجديد.

وتتهم السلطات الأميركية والكينية والإثيوبية الرجلين بالضلوع في سلسلة عمليات إرهابية في منطقة القرن الأفريقي وبالارتباط بتنظيم القاعدة الذي تولى حسب مصادر صومالية وأميركية تدريب عدد غير معروف من قيادات حركة الشباب في معسكرات تابعة له في أفغانستان مطلع التسعينات.

وكانت حركة الشباب قد تبنت الهجوم الذي تعرض له القصر الرئاسي السبت الماضي ووصفت الشيخ شريف شيخ أحمد بالرئيس المرتد، علما بأن معظم قيادات هذه الحركة قاتلت إلى جانب الشيخ شريف عندما كان رئيسا لتنظيم اتحاد المحاكم الإسلامية عام 2006.

ويعتقد مسؤولون عرب وغربيون، على صلة بالأزمة الصومالية، أن تفاهم الشيخ شريف ليس أمرا مستحيلا مع الحركة التي صنفتها الولايات المتحدة العام الماضي كحركة إرهابية، لكن هؤلاء يرون في المقابل أن نجاح الشيخ شريف في عقد مصالحة وطنية شاملة سيظل مرهونا بالاجتماع مع حليفه السابق الشيخ أويس.

وفى محاولة لجس النبض أطلق الشيخ شريف عدة إشارات، فهم منها أنه يتحرك لرفع الحظر الأميركي المفروض منذ مطلع التسعينات على الشيخ اويس، بيد أن بعض المقربين من أويس يعتقدون في المقابل أن هذا لن يكفى لبداية حوار بين الرجلين.

وأضاف مسؤول بارز في جماعة أويس، عبر الهاتف من أسمرة، «الهوة أصبحت عميقة بين الطرفين، نحن لا نعترف أساسا بشرعية انتخاب شريف لأنه قدم تحت مظلة الأمم المتحدة التي نعتبر أن مبعوثها الخاص لدى الصومال، الدبلوماسي الموريتاني السابق احمد ولد عبد الله، لديه قناعات مبدئية ضد مصالح الشعب الصومالي».