زعيم أكبر حركة تمرد في دارفور: مفاوضات الدوحة تكرس الانقسام.. وقطر فقدت الحياد

بحر أبو قردة لـ«الشرق الأوسط»: نحن القوة الضاربة على الأرض ونستطيع الإطاحة بحكومة الخرطوم

بحر إدريس أبو قردة
TT

روجت الخرطوم أنه أحد المطلوبين الثلاثة من متمردي دارفور، إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وأنه تسلم إخطاراً رسمياً بذلك مع اثنين آخرين. لم تعلق لاهاي.. لكن بحر إدريس أبو قردة، رئيس الجبهة المتحدة للمقاومة، التي تعد أقوى الفصائل المسلحة «عسكرياً» في دارفور، نفى «أي ملاحقه دولية» ضده، وقال إن جهاز الأمن السوداني اعتاد على إطلاق مثل هذه «الشائعات» لأغراض استراتيجية باعتبار أن حركته هي الأكثر تهديداً على الأرض. وفي حواره مع «الشرق الأوسط» عبر هاتف يعمل بواسطة الأقمار الاصطناعية، من منطقة ما في شمال دارفور.. يصف أبو قردة، المفاوضات الجارية الآن في الدوحة بأنها مجرد تسوية شخصية بين زعيم حركة العدل والمساواة، الدكتور خليل إبراهيم، والرئيس السوداني عمر البشير، مشيراً إلى مفاوضات بدأت بين الجانبين بعد وقت قليل من مهاجمة حركة العدل، العاصمة السودانية في مايو (أيار) الماضي، بهدف إطلاق سراح أحد أشقاء خليل، تم القبض عليه في العملية العسكرية وقتها، وإنقاذه من الإعدام. وأشار إلى أن مفاوضات الدوحة هي مجرد «مسرحية» لتوقيع ما اتفق عليه في السابق قبل أن يشير إلى أنها تكرس الانقسامات بين الحركات في دارفور ولن تؤدي إلى تسوية جادة لقضية دارفور. وقال أبو قردة إن دولة قطر باتت دولة غير محايدة باستضافتها مثل هذه المفاوضات. وأشار زعيم الجبهة المتحدة للمقاومة، إلى أنه «موجود في ميدان القتال منذ ست سنوات»، وأن حركته التي تشكلت العام الماضي من عدة فصائل منشقة من حركتي تحرير السودان والعدل والمساواة، تعد الآن القوة الضاربة في دارفور. ويقول إن قواته تستطيع، بالتنسيق العسكري مع حركتي تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور، وتحرير السودان جناح الوحدة، أن تطيح بالحكومة السودانية في الخرطوم. وأشار أبو قردة، وهو قيادي سابق في حركة العدل والمساواة، وأحد مؤسسيها، إلى وجود 4 حركات مسلحة فقط على أرض الواقع، و«إن ما يشاع عن وجود 20 إلى 30 حركة.. غير صحيح» مشيراً إلى أن الحركات الأخرى تعمل على الورق وصفحات الجرائد، والإنترنت. واعتبر أن الرئيس عمر البشير بات حالياً «ورقة محروقة» ويجب على عقلاء الخرطوم إزاحته. وهذا نص الحوار:

* نبدأ من قطر.. ومفاوضات الدوحة بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة، هل تعتقد أنها ستؤدي إلى سلام حقيقي في دارفور؟

- هذه ليست مفاوضات.. هذه مجرد تسوية بين خليل إبراهيم زعيم حركة العدل والمساواة، والرئيس البشير.. وهي بدأت بين الجانبين بعد وقت قليل من مهاجمة حركة العدل، العاصمة السودانية في مايو (أيار) الماضي، بهدف إطلاق سراح أحد أشقاء خليل، تم القبض عليه بواسطة القوات الحكومية أثناء العملية العسكرية وقتها، ويريد إبراهيم إنقاذ شقيقه من الإعدام. هذا كل ما في الأمر.. خليل أرسل بعد الهجوم على الخرطوم في 10 مايو (أيار) الماضي وسيطاً من دولة مجاورة إلى الخرطوم، للقاء مدير المخابرات السوداني صلاح عبد الله، وتعهدت الحركة له بالدخول في سلام وتحقيق تسوية سياسية مقابل إطلاق سراح شقيقه «عبد العزيز» الملقب بـ«أبو عشر».. وتواصلت المحادثات وتم الاتفاق على كل شيء في لقاءات سرية، وتوصلوا إلى تسوية. ومن ثم جاءت الدوحة لتدخل في الخط. وهم (أي القطريين) خُدعوا، لأن الأمور كلها تم الترتيب لها سابقاً، وهي مسرحية ركيكة، لتوقيع ما اتُفق عليه في السابق. وبالتالي نحن نرفض ما يدور حالياً. ونقول إن قطر بهذه المفاوضات تفقد المصداقية لأنها حصرت اتصالاتها مع فصيل واحد، وتسهم في الانقسام الحاصل. وبالتالي لن تؤدي إلى تسوية جادة لقضية دارفور، لسبب جوهري آخر هو أن حركة العدل لا تمثل دارفور وليس لها وجود عسكري بعد دحر قواتها في مهاجرية (جنوب دارفور).

* ولكن لماذا تراهن الخرطوم على هذه الحركة وتسعى لاتفاق معها وقد تم دحر قواتها؟

- لسبب وجيه، هو أن الخرطوم تريد كسباً إعلامياً دولياً بأنها حققت السلام في دارفور.. خاصة بعد سبق التمهيد إعلامياً بأن حركة العدل هي كبرى الحركات والوحيدة الموجودة على الأرض وتستطيع جذب القوات الأخرى إليها حتى ولو بالقوة. وهذا ربما يقنع أطرافاً دولية، بأن تقوم بتأجيل محاكمة الرئيس البشير بتهم جرائم حرب في لاهاي.. وهذا هو السبب الذي يجعل الخرطوم توقع مع هذه الحركة الضعيفة عسكرياً.

* على ذكر لاهاي.. قبل أيام أشارت أنباء في الخرطوم إلى أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي وجّه لكم، مع اثنين آخرين، اتهامات بارتكاب جرائم حرب في دارفور.. وأنكم أُخطرتم بذلك.. ما ردكم؟

- هذا خبر عارٍ تماماً من الصحة، وصدر من مركز خدمات حكومي تابع للاستخبارات السودانية، وهو دائماً يبث معلومات خاطئة مثل هذه، لخدمة مصلحتهم واستراتيجيات معينة. لم يبلغني أحد من محكمة لاهاي بأي أمر.. هذا المركز سبق أن بث معلومات كاذبة وشائعات للتأثير على قواعدنا. وقبل 3 أسابيع قال إنه تم القبض عليّ.. وأنا في طريقي إلى الخرطوم. وتم نفي هذا الخبر في وقته، وبالتالي فإن الخبر الحالي يأتي في السياق ذاته. سبب آخر لبث مثل هذه الافتراءات وهو أن جبهتنا الآن باتت هي الأبرز.. وأصبحت قوة متنامية، لذلك فإن الحكومة منزعجة من ذلك. وفي الأخير.. حتى لو حصل ما تقوله الخرطوم بالفعل.. فإننا لسنا خائفين، بل إننا مستعدون للتعاون مع لاهاي. لأننا نحن من دعا المحكمة لأن تقوم بواجبها بمقاضاة المجرمين الذين ارتكبوا مجازر في حق شعب دارفور. لذلك ليس لدينا أي هاجس من المحكمة.

* هل يعني ذلك أنه لو تم توجيه اتهام لكم.. فتسلمون أنفسكم للمحكمة؟

ـ نحن مستعدون للتعاون. وقد سبق أن أعلنا هذا على الملأ.

* ما هو شكل هذا التعاون الذي تقصده؟

ـ (محتداً).. أياً كان التعاون.. لتحقيق العدالة.. فالتعاون كلمة كبيرة.

* هل يمكن أن تصل إلى درجة تسليم نفسك؟

ـ أكرر.. إلى أعلى حد ممكن من أجل تحقيق العدالة.. ويمكنك تفسير هذا الكلام كما تريد.

* ما هو حجم قواتكم.. وأين تتمركزون.. وأين مناطقكم؟

ـ أتحدث معك الآن (عبر الهاتف) من منطقة ما في شمال دارفور.. ولدينا قوات في جنوب وغرب دارفور. وعدد القوات كبير جداً، بالآلاف ولدينا مكاتب في شتى أنحاء العالم. ومن المناطق التي تتبع لنا شرق مدن مهاجرية ونقدو.. وشرق جبل مرة، وفي المناطق المتاخمة للحدود مع تشاد.

* هل نفذتم عمليات أخيراً في دارفور؟

ـ نحن قمنا بأكثر العمليات الكبرى في دارفور بالتنسيق مع حركة تحرير السودان قيادة الوحدة. وهي عمليات تمت في رمضان الفائت وهزمنا فيها الحكومة في 4 معارك كبرى في كارنيه، وكولجيه، وشقرة، ومنطقة رابعة بالقرب من كولجيه.

* هل هناك تنسيق بينكم وبين الحركات الأخرى؟

ـ نحن لدينا علاقات مع معظم الحركات وننسق معها مثل حركة تحرير السودان التي يتزعمها عبد الواحد محمد نور (يقيم في باريس)، وحركة تحرير السودان قيادة الوحدة، وهناك تنسيق عسكري قوي جداً، وكذا على المستوى السياسي.

* كم حركة مسلحة تقريباً موجودة في دارفور حالياً؟

ـ هناك من يتحدث عن 20 إلى 30 حركة.. ولكن هذا غير صحيح.. معظمها حركات على الورق وصفحات الجرائد والإنترنت. الصحيح أن الحركات الجادة التي لديها عمل عسكري وسياسي مكتمل ومنسق وقوات على الأرض.. ليس أكثر من 4 حركات. أنا موجود في الميدان منذ 6 سنوات، وأعرف الموجودين الحقيقيين على الأرض.

* هل يمكنك تسميتها؟

ـ لا أريد أن أسمي أحداً.. حتى لا يغضب الآخرون مني. ولكن يمكنك استخلاصها من خلال إجاباتي السابقة.

* ماذا عن أوضاع دارفور الأمنية حالياً وأنت في داخلها؟

ـ الوضع الأمني سيئ جداً وبائس، فالحكومة تقصف بالطيران عدداً من المناطق.. من وقت لآخر، وميليشياتها تعيث فساداً.. وتقوم بسرقات واغتصابات. ميليشيات الجنجويد تفلتت وأصبح بعضها يعمل لصالحه.. وتفجرت خلافات ومواجهات مسلحة بين القبائل أخيراً راح ضحيتها المئات. لدينا دلائل على أن الحكومة وراء هذه الصراعات بين القبائل. وهناك الآن خلافات داخل القبيلة الواحدة، مثل ما حدث في قبيلة القيمر عندما قامت الحكومة بإقالة الإدارة القبلية فيها وعينت مكانها أخرى. أوضاع معسكرات النازحين هي الأخرى غير آمنة، وقوات يونميد (الدولية للسلام) ضعيفة، ولا تستطيع أن تقدم أي شيء. المواطن معرض لخطر كبير في أمنه. كذلك الأوضاع المعيشية أصبحت قاسية، المنظمات الإنسانية تبذل جهوداً ولكن المشكلة أكبر منها.

* هل لديكم شروط للتفاوض السياسي مع الخرطوم؟

ـ الحوار السياسي هو قضية محورية بالنسبة لنا.. طيلة السنوات الست الماضية كنا نبحث عن حل لا يريق الدماء. تفاوضنا مع الحكومة مراراً. وأنا كنت مشرفاً على وفد حركة العدل والمساواة، خلال مفاوضات أبوجا (في نيجيريا عام 2006)، وقبل المفاصلة، حرصنا على الوصول إلى سلام جاد، لكن الحكومة أنتجت اتفاقية ضعيفة جداً، وحتى لم تطبقها على أرض الواقع.. هذا يوضح أن الحكومة ليس لديها إرادة سياسية لحل مشكلة دارفور. ولكننا جاهزون دائماً لحل هذه القضية سياسياً.

* ما هو أهم مطالبكم؟

ـ العدالة.. التقسيم العادل للسلطة والثروة. فهي القضية الأساسية التي فجرت كل هذه المشاكل. نريد أن نرى عدلا لا يستثني أحداً.. خاصة بالنسبة لتوزيع السلطات في الولايات.. وبخاصة في ولاية دارفور.

* ولكن بات الآن لدارفور حظ لا بأس به في السلطة.. هناك مساعد للرئيس.. وحكام ولايات أيضاً؟

ـ هذه منح.. تمنح.. نحن نريد أن تثبت كمبادئ عامة.

* هل هناك أي اختلافات في المطالب بين حركة وأخرى؟

ـ أقول لك الصدق.. ليس هناك أي اختلاف في الرؤية السياسية بين حركات دارفور جميعها. أنا أتحدى أن يأتي أي مسؤول تحاوره.. ويقول لك إن هناك اختلافاً بين رؤى هذه الحركة أو تلك. وأدلل على ذلك، فقد اتفقنا على كل شيء في مفاوضات أبوجا (2006). كنا حركتين فقط هما تحرير السودان والعدل والمساواة (تفرعت منهما معظم الفصائل الأخرى)، وضعنا برنامجاً تفاوضياً مشتركاً يحوي كل القضايا المطروحة حالياً، مثل تلك المتعلقة بالحريات أو المتعلقة بتقسيم السلطة والثروة أو الترتيبات الأمنية وقضايا التعويضات، والأرض ووحدة السودان. حتى الآن لا يستطيع أحد أن يقول إن هناك اختلافاً في الطرح بين الحركات. ولكن كلما يمر الزمن، وهو ليس في صالح الحكومة، تظهر مطالب جديدة، وربما تظهر مطالب برحيل الحكومة نفسها.

* طالما أن الخلافات ليست سياسية، هل هي إذن خلافات قبلية مثلا؟

ـ لا توجد خلافات قبلية داخل الحركات أصلا.. فانقسامها جاء نتيجة خلافات داخلية متعلقة بطريقة إدارة الحركات، واحتكار القرارات، مثلما حدث عندما انفصلنا عن مجموعة خليل إبراهيم (زعيم حركة العدل والمساواة).. قبل أشهر.. فنحن نتهم زعيم العدل الدكتور خليل إبراهيم بتكريس السلطات. وهذا لا يمنع من القول إن الخلافات القبلية موجودة في كل كيان أو حزب في السودان. نحن اكتشفنا هذا بعد أكثر من نصف قرن من الاستقلال. وباتت مقولة أن السودان غير قبلي ودولة حضارية أكثر من جيراننا الأفارقة، لا وجود لها في الواقع. فالقبلية معمقة في السودان.. هناك قبائل تستولي على السلطة ولا تريد قبائل أخرى مشاركتها فيها.

* ولكن حركتكم تتكون من قبائل محددة أفريقية؟

ـ ليس صحيحاً، رئيس الحركة من قبيلة، والأمين العام من قبيلة أخرى، ولدينا رئيس الدائرة القانونية، وآخرون من قبائل عربية.

* ما حقيقة وجود صراع عربي أفريقي في دارفور؟

ـ هذا صراع أوجدته الحكومة.. فقد مارست سياسة استعمارية قديمة وهي «فرّق تَسُد».. واستخدمت قبيلة ضد قبيلة عرقياً. ولكن تاريخياً لم يكن الصراع في الإقليم بسبب العرق. بل كان بين مزارعين.. ورعاة على المراعي. مشاكل كثيرة تقع بين قبيلة وأخرى.. دون تحديد أعراقها. كان هناك وحتى الآن صراع بين قبائل عربية وأخرى عربية.. وعربية ضد أفريقية، وأفريقية ضد أفريقية، وسمعنا أخيراً ما حدث بين قبائل عربية تتقاتل: «السلامات ضد الهبانية»، و«التعايشة ضد بني هلبة»، و«الترجم ضد بني هلبة»، و«الرزيقات ضد المسيرية». الخلافات إذن تحدث بين القبائل وبعضها البعض بغض النظر عن العرق. ومن السهل جداً تجاوز مثل هذه المشكلة لأنها ليست معمقة.

* هل تعتقد إذن أن قضية دارفور، بتشعباتها الحالية، من السهل حلها؟ ـ المشكلة الآن في سلوك الحكومة.. قضية دارفور عادية، فهي ليست قضية دينية، لأننا كلنا مسلمون، وليست صراعاً عرقياً، كما ذكرت لك سابقاً، وليس لدينا في دارفور مجرد فكرة للانفصال. هذه هي القضايا الكبيرة التي تعقّد المشاكل.. ومن حسن الحظ أنه ليس لها وجود بيننا. انظر لقضايا الثورات في العالم، ستجد مشكلاتها الأساسية إما دينية أو عرقية، أو تنادي بالانفصال. نحن ندعو إلى سودان واحد موحد.. تسوده العدالة. حتى قضية الجنوب كانت في البداية قضية مطلبية بسيطة جداً.. ولم تكن هناك دعوات للانفصال.. ولكنها تطورت نتيجة لتلكؤ الحكومات في الخرطوم.

* على ضوء كلامك عن أن القضية ليست عرقية.. من أين إذن جاءت الاتهامات الموجهة الآن للرئيس البشير بارتكاب جرائم إبادة، طالما أن القضية ليست قضية عرق؟

ـ أنا لا أبرئ البشير من التهمة.. لأنني لم أقل إن الحكومة لم تمارس سياسة تطهير عرقي.. أو جرائم حرب.. ولكني قلت نحن في دارفور لا توجد بيننا مشاكل عرقية.

* حركة العدل والمساواة قالت في السابق إنها ستهاجم المدن في دارفور.. وحذرت الرعايا الأجانب.. هل تستطيع أن تفعل ذلك.. وأنت كنت أحد قادتها؟

ـ هذا السؤال يجب أن يوجه إلى مسؤولي الحركة أنفسهم.. لكني أقول إن مسؤولين في حركة العدل قالوا في تصريحات نقلتها الصحف إنها الحركة الوحيدة في دارفور، وقالوا في الدوحة إنهم يريدون التفاوض بمفردهم. وأنا أقول هنا، وقد خبرت العمل الميداني منذ 6 سنوات، وباعتباري موجوداً على أرض المعارك، وأعرف قدرات كل حركة، لا أعتقد أنهم يستطيعون أن يفعلوا شيئاً بمفردهم.

* ولكن في الواقع هم قاموا بهجوم على أم درمان في العام الماضي بمفردهم؟

ـ أنا أعرف كيف حصل ذلك.. ولديّ تقديراتي وتحليلي بصرف النظر عن التفاصيل. أقول هذا الكلام بكل ثقة وبمعرفتي بكل الناس والجهات والحركات.. لا يستطيعون عمل شيء بمفردهم. هم أحرار أن يقولوا ما يقولون ويهددوا بمهاجمة أي مكان.. فكل الحركات الثورية، حرة في أن تهاجم أي مدينة أو أي موقع، ولكن أعود وأقول إنني أعرف قدرات كل الحركات.

* أي الحركات يمكن أن تقوم بمثل هذا الهجوم؟

- الجبهة المتحدة للمقاومة.. باعتبارها مجموعة حركات انضوت في حركة واحدة.. فهي قوية جداً عسكرياً. ورغم ذلك لا أدعي أن الجبهة وحدها تستطيع أن تعالج مشكلة دارفور ولكن تستطيع أن تفعل عسكرياً ما يعجز الآخرون عن فعله.

* إلى أين يتجه السودان.. وما هي السيناريوهات المنتظرة من وجهة نظرك؟

ـ السيناريو الأفضل هو أن يستجيب المؤتمر الوطني لصوت العقل.. بأن لا يتمسك برئيس أصبح منتهياً سياسياً.. وورقة محروقة.. البشير ليست لديه فرصة أخرى كي يظل رئيساً للسودان. من المفترض أن يحرص العقلاء على قيام حكومة وحدة وطنية لمعالجة قضية دارفور وقضايا الهامش بشكل كامل، تحافظ على المكاسب التي تحققت للجنوبيين لتغليب الوحدة على الانفصال. هذا سيناريو العاقلين. ونحن ندعو له.

* هل تقصد أن يقوموا بإقالة البشير؟

ـ نعم.. لكن لا يقيلوا البشير ويستولوا هم على السلطة. لا بد أن تقوم حكومة وحدة وطنية بمشاركة الحركات الثورية، وأن لا تبقى السلطة في يد المؤتمر الوطني وحده. وهناك سيناريو ثانٍ غير عقلاني وهو أن يقوم المؤتمر الوطني بانقلاب لإقالة البشير وتنصيب شخص آخر.. وفي هذه الحالة فإن القضية ستطول. ونحن لن نقبل بذلك. أما السيناريو الثالث فهو أن يتمسك البشير بالسلطة، مما قد يؤدي إلى إشعال الحرب من جديد، وتدخل البلاد في نفق مظلم آخر. ويمكن في الحالة الأخيرة أن تتوحد الحركات الكبرى في دارفور وتطيح بهذا النظام.

* هل لديكم المقدرة على ذلك؟

ـ نحن وحدنا نستطيع القيام بذلك.. فما بالك إذا تم تنسيق مع الحركات الأخرى.

* هل يمكن أن تحدث صوملة في السودان؟

ـ كسيناريو رابع.. لا أستبعده.. ولا أتمناه.. أرجو أن نكون عاقلين بما فيه الكفاية.. ونحل مشاكل بلدنا بالحوار.. ولكن إذا أصر البشير على دعم المليشيات والتمسك بالسلطة، فإن هذا الخيار متوقع.

* دارفور تغرق في بحر من السلاح.. ألا يدعو ذلك إلى تعقيدات قادمة في مرحلة السلام؟

ـ بالنسبة لسلاح الحركات الجادة ليست هناك مشكلة.. يمكن نزعه والسيطرة عليه. ولكن المشكلة تكمن في السلاح الذي بيد الميليشيات التي خلقتها الحكومة.. وإذا تحقق سلام جاد فيمكن نزعه أيضاً.

* ما هي رسالتك إلى الخرطوم حالياً؟ هل هي رسالة سلام أم رسالة حرب؟

ـ رسالتي إلى الشعب السوداني تقول: لا بد من العمل معاً من أجل إنهاء النظام الذي أدخل البلاد في ويلات. فالجنوب الآن بين الانفصال والوحدة.. والانفصال أقرب.. ودارفور تتعقد يوماً بعد يوم بسبب تمادي الحكومة.. فالنظام الذي أوصل البلاد إلى مثل هذه الحالة يجب أن يذهب. الرسالة الثانية إلى القوى السياسية الفاعلة: نقول لهم إن الجبهة المتحدة على استعداد لإجراء حوار والتفاكر حول مستقبل البلاد وإنقاذه. والرسالة الثالثة إلى الخرطوم، ونقول لهم إذا كان منكم عقلاء وحريصون على مصلحة البلد فعليهم أن يقوموا بتغيير في رئاسة البلاد.. لا بد من التغيير.