وسطاء الدوحة يعكفون على إعداد ورقة «توفيقية» بين الحكومة السودانية و«العدل والمساواة»

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: الخرطوم تطالب باتفاق إطاري عام والحركة تتمسك بـ«التفصيل»

TT

عكف الوسيط الأفريقي الأممي جبريل باسولي لمفاوضات الدوحة، بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة المسلحة في إقليم دارفور، على إعداد «ورقة توفيقية» تمثل رؤية الطرفين حيال مسودة اتفاق إطاري للتهدئة بينهما، طرحها الوسطاء في الدوحة على الطرفين منذ الاثنين الماضي. وتأتي هذه الخطوة من الوسيط الأفريقي بعد أن سلمت العدل والمساواة نهار أمس ردها على مسودة الاتفاق الإطاري المطروح من الوسطاء لاتفاق التهدئة بينهما. وكانت الحكومة قد قدمت رؤيتها حول المسودة للوسطاء أول من أمس. واستمرت أجواء التفاؤل التي لازمت المفاوضات منذ البداية، خاصة من قبل الوسطاء. وقال مسؤول في حركة العدل والمساواة لـ«الشرق الأوسط» إنه من السابق لأوانه الحديث عن اقتراب الطرفين من توقيع الاتفاق الإطاري، غير أنه نوه إلى أن حركته على استعداد لمواصلة المفاوضات غير المباشرة بينهما لإحداث اختراق في الجولة.

وكشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الخلاف بين الطرفين يكمن في أن الجانب الحكومي يرى ضرورة الاكتفاء بعناوين بارزة عامة للقضايا الأساسية الخاصة بالتهدئة، فيما تتمسك العدل والمساواة بأهمية الخوض في مجمل القضايا التفصيلية المتصلة بملف دارفور. ولاحظت المصادر أن الوسطاء من قطر والوساطة الأفريقية والأممية ظلوا طوال نهار أمس في حركة مكوكية بين وفدي الطرفين في محاولة منهم لتقريب وجهات النظر. وفي نفس الوقت رصد اجتماع مطول عقده الشيخ حمد بن جبر بن جاسم رئيس الوزراء القطري مع رئيسي الوفدين «بغرض حضهما على الاتفاق ودفع الأمور إلى الأمام بما يمكن من توقيع الاتفاق»، حسب المصادر. وقالت المصادر إن الجانب الحكومي يرى أن حركة العدل والمساواة تريد تحويل الاتفاق الإطاري إلى مفاوضات، بخوضها في مجمل القضايا التفصيلية الخاصة بمشكلة الإقليم. كما رصدت المصادر المقربة من المفاوضات في فندق «شيراتون الدوحة» حركة مستمرة للوسطاء، خاصة الوسيط الفرنسي، فضلا عن موفد من الدبلوماسية الأميركية بين أطراف التفاوض، خاصة مع الوسطاء في قطر والوسيط الأفريقي الأممي.

وكان رئيس الوفد الحكومي المفاوض الدكتور نافع علي نافع أجرى اتصالين هاتفيين مع الصادق المهدي زعيم حزب الأمة السوداني المعارض، ومحمد عثمان الميرغني زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي المعارض، لوضعهما في أجواء مفاوضات الدوحة.

وأكد وزير الدولة للشؤون الخارجية أحمد بن عبد الله آل محمود، إن المشاورات قائمة مع الحكومة و«العدل والمساواة» في اجتماعات ثنائية، وقال في تصريحات صحافية «نتبادل الأوراق مع الطرفين للوصول إلى اتفاق»، وقال إن الطرفين جادان لتحقيق السلام في دارفور. وأكد الوزير وجود وجهات نظر للطرفين حول الاتفاقية الإطارية المقدمة من الوسيط. وأضاف «نحن نعمل على جمع وجهات النظر»، وكشف عن وصول ملاحظات من بعضهما على الاتفاق الإطاري، وما زال البعض الآخر يقوم بدراستها.

إلى ذلك، وصف رمضان العمامرة مفوض السلم والأمن الأفريقي انطلاق مفاوضات الدوحة بين الحكومة وحركة العدل والمساواة بأنها خطوة إيجابية وتحول نوعي وإيجابي بالنظر إلى الأوضاع التي كانت سائدة في إقليم دارفور في الفترة الماضية، وقال في تصريحات صحافية إن هذه الخطوة المباركة الإيجابية نتمنى لها أن تؤدي إلى نتائج ملموسة ثم تتوسع لتشمل كافة الفصائل الدارفورية لتصبح تلك النتائج مدعومة من الجميع وحتى تكون قادرة على صنع تحول جوهري يؤدي إلى إرساء السلام في دارفور خاصة وفي السودان عامة.

واستبق سفير مصر في السودان عفيفي عبد الوهاب، الزيارة التي من المقرر أن يقوم بها وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ومسؤول المخابرات عمر سليمان للخرطوم اليوم، بتصريحات نفى فيها وجود أي فتور أو توتر في العلاقات المصرية السودانية، وقال إن العلاقة بين الخرطوم والقاهرة تمضي في إطارها المعروف، وأشار إلى أن قوامها التعاون المستمر بين القيادتين في المستويات كافة.

وقال عبد الوهاب إن السودان يمر بمرحلة دقيقة تتطلب تضافر الجهود، وأضاف أن بلاده تبذل جهودا مقدرة مع القيادة السودانية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي للتوصل إلى حلول سلمية لكل ما يواجهه السودان من مشكلات. وقال إن زيارة أبو الغيط وعمر سليمان اليوم تأتي في إطار التنسيق والتشاور مع القيادة السودانية فيما يتعلق بالتطورات الأخيرة. وقال إن مصر مع السودان قلبا وقالبا خاصة إذا كان السودان يمر بظروف صعبة تستدعي الوقوف إلى جانبه فإن مصر ستكون أول من يقف للمحافظة على سيادته واستقراره. وأضاف عفيفي أن ما يمر به السودان من صعوبات راهنة تستدعي من العالمين العربي والأفريقي الوقوف والمساندة للسودان، وأشار إلى أن الوفد المصري سيبحث في زيارته السريعة للخرطوم أيضا بجانب الشأن السوداني والتطورات الراهنة فيه، وضع المنطقة العربية خاصة العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة.

من جهة أخرى، قال مصطفى عثمان إسماعيل مستشار الرئيس السوداني عما ورد في بعض المصادر المصرية عن تورط شخصيات سودانية في حرب دارفور، «معلوماتنا من الأجهزة المصرية أن هذه الجهات التي أخرجت الأمر معزولة ولا تمثل الموقف المصري الرسمي»، وأضاف «نحن نتعامل معها على هذا الأساس».