تصريحات مشرعة أميركية عن طائرات «بريداتور» تحرج باكستان

كشفت أنها تباشر عملها انطلاقا من قواعد عسكرية بالقرب من إسلام آباد

TT

صرحت مشرعة أميركية بارزة اول من امس بأن طائرات البريداتور التابعة للاستخبارات المركزية الأميركية والتي تستخدم في شن عمليات داخل الأراضي الباكستانية تنطلق من قاعدة جوية مرابطة داخل البلاد، ومن المحتمل أن يؤدي هذا الكشف إلى إحراج الحكومة الباكستانية، وعرقلة تعاونها في مجال مكافحة الإرهاب مع الولايات المتحدة. ويعد كشف عضو مجلس الشيوخ السيناتور ديان فينستين ـ (عن الحزب الديمقراطي بولاية كاليفورنيا)، ورئيسة لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ ـ عن هذا الخبر، المرة الأولى التي يعلق فيها مسؤول أميركي علنا عن مكان إقلاع وهبوط طائرات البريداتور. وخلال جلسة استماع عُقدت داخل مجلس الشيوخ، عبرت فينستين عن دهشتها من المعارضة الباكستانية للضربات الجوية التي تقوم بها طائرات البريداتور التابعة للاستخبارات الأميركية على أهداف المتطرفين الإسلاميين على طول الحدود الشمالية الغربية لباكستان. قائلة: «على حد علمي، فهذه الطائرات تنطلق من قاعدة باكستانية». ويشير ذلك إلى علاقة أكثر عمقا بين باكستان والولايات المتحدة الأميركية فيما يتعلق بقضايا مكافحة الإرهاب أكثر مما يتم الإقرار به علانية. وقد تكون تلك الترتيبات مغايرة تماما عن للاحتجاجات التي يتشدق بها المسؤولون في العاصمة الباكستانية إسلام أباد، كما من شأنها أن تثير المشاعر المعادية للأميركيين داخل البلاد. ومن جانبها، أحجمت الاستخبارات المركزية الأميركية عن التعليق، إلا أن مسؤولين سابقين بالاستخبارات الأميركية ـ لم يرغبوا في الكشف عن أسمائهم نظرًا لحساسية تلك المعلومات ـ أكدوا أن تصريحات فينستين صحيحة. وأوضح فيليب لافيل ـ الناطق باسم فينستين ـ أن تصريحها يركن فقط إلى تقارير إخبارية سابقة أفادت بأن طائرات البريداتور تباشر عملها انطلاقا من قواعد بالقرب من إسلام أباد.

وتابع لافيل: «إننا نعارض بشدة أن يتم انتقاد تصريحات فينستين على أنها أي شيء آخر غير أن تكون إشارة» لمقال ظهر في شهر مارس (آذار) الماضي بصحيفة واشنطن بوست، إلا أن فينستين لم تشر إلى أي تقارير صحافية خلال جلسة الاستماع. وطالما افترض الكثير من خبراء مكافحة الإرهاب أن طائرات البريداتور الأميركية تقلع من المنشآت العسكرية الأميركية في أفغانستان، وأنه يتم التحكم فيها عن بعد من مواقع في الولايات المتحدة. وأشار الخبراء إلى أن الكشف عن هذا الخبر من شأنه أن يحدث مشكلات سياسية للحكومة في إسلام أباد، وهي الحكومة التي تعتبر ضعيفة نسبيا. وجدير بالذكر أن تلك الهجمات باستخدام الطائرات بدون طيار تلقى معارضة شعبية كبيرة داخل باكستان، ويرجع ذلك جزئيا إلى الأعداد الكبيرة للضحايا بين صفوف المدنيين جراء العشرات من تلك الهجمات الصاروخية.

وبدا استخدام طائرات البريداتور المحملة بصواريخ هيلفاير المضادة للدبابات كما لو كان أكثر أداة أهمية بالنسبة لجهود الولايات المتحدة الرامية لمهاجمة تنظيم القاعدة في ملاذاته الآمنة على طول الحدود الباكستانية الأفغانية. وتجدر الإشارة إلى أنه تم شن غارة جوية بتلك الطائرات أول يوم من أيام العام الجديد، وأسفرت بدورها عن مقتل اثنين من نشطاء القاعدة البارزين، المشتبه بضلوعهم في تفجير فندق ماريوت في إسلام أباد. كما قيل أيضًا أنهما كانا من بين 8 أعضاء بارزين بتنظيم القاعدة على الأقل، لقوا مصرعهم عبر هجمات طائرات البريداتور خلال الشهور السبعة الأخيرة، خلال الحملة المتزايدة لإطلاق الصواريخ. وقال بروس هوفمان ـ خبير الإرهاب بجامعة جورج تاون ـ إن تصريحات فينستين وضعت الحكومة الباكستانية تحت دائرة الضوء. وأضاف: «إذا كانت صحيحة، فإنها تقول إن الضلوع الباكستاني أو قبولها على الأقل كان أوسع مما كان يعتقد في السابق. ويضع هذا الأمر الحكومة الباكستانية في موقف شديد الصعوبة (من حيث) مصداقيتها مع شعبها. ولسوء الحظ أيضا فإنها تحمل احتمالية تهديد العلاقات الأميركية الباكستانية». ومن المعروف أن فينستين ـ رئيسة لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ ـ مطلعة على خبايا الأمور، والتفاصيل المصنفة سريا المتعلقة بجهود مكافحة الإرهاب الأميركية. من ناحية أخرى، لم تقر الاستخبارات المركزية الأميركية علانية بشن حملة ضد المتطرفين المستقرين في باكستان باستخدام الطائرات الموجهة من بعد، مما يجعل تصريحات فينستين فريدة من نوعها.

وجاءت تصريحات فينستين خلال شهادة أدلى بها دينيس بلير ـ مدير الاستخبارات الوطنية ـ أمام لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ إزاء التهديدات الأمنية التي تتعرض لها البلاد. وعلى صعيد آخر، طالما أنكر المسؤولون الباكستانيون حتى منحهم تصريحا للولايات المتحدة للتحليق بطائرات البريداتور فوق الأراضي الباكستانية، ناهيك عن مباشرة الطائرات لمهماتها من داخل البلاد. واتجهت القيادة المدنية التي تولت زمام الحكم العام الماضي، خلفا للجنرال برويز مشرف ـ غير المقبول على المستوى الشعبي ـ للنأي بنفسها عن هجمات طائرات البريداتور. وقدمت الحكومة الباكستانية الكثير من الاحتجاجات الدبلوماسية ضد تلك الهجمات الصاروخية، مؤكدة أنها تنتهك سيادتها على أراضيها، كما أشار المسؤولون أيضا إلى أنه قد تم إثارة هذه القضية مع ريتشارد هالبروك ـ المبعوث الأميركي المعين حديثًا للمنطقة ـ والذي أتم يوم الخميس الزيارة الأولى له إلى المنطقة.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» خاص بـ «الشرق الأوسط»