دفاع «خلية بلعيرج» يطلب استدعاء مغاربة من ديانة يهودية وزعماء أحزاب سياسية

لاءات المدعي العام حول استدعاء وزراء وترجمة وثائق للعربية تثير نقاشاً قانونياً

أقارب المتحزبين الستة، الذين يُحاكمون ضمن خلية بلعيرج المتهمة بالإرهاب، يتظاهرون خارج المحكمة في سلا المجاورة للرباط، للمطالبة بإطلاق سراحهم في 17 يونيو 2008 (ا.ف.ب)
TT

رفض المدعي العام لغرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بسلا المجاورة للرباط، أمس، كل الطلبات الأولية التي تقدم بها دفاع «خلية بلعيرج» المشتبه في تورطها بالإرهاب، والمتابع فيها 35 متهما، اثنان منهم في حالة إفراج مؤقت، بينهم متحزبون، ومهندسون، ورجال مال وأعمال، ورجال أمن، ومتقاعدون عن العمل، وباعة متجولون.

والتمس المدعي العام من هيئة المحكمة، عدم قبول الطلبات الأولية للدفاع، وتخص استدعاء شهود يأتي على رأسهم وزيرا الداخلية والعدل، كونهما أدليا بتصريحات تفيد ضلوع المعتقلين على ذمة التحقيق في هذا الملف، قبل صدور حكم نهائي في حقهم من المحكمة، وترجمة وثائق الملف إلى اللغة العربية، واستدعاء خبراء لمعرفة نوعية الأسلحة المضبوطة.

واعتبر المدعي العام أن هذه الطلبات لا تستند على أي مرجعية قانونية، لأن الدفاع لم يتقدم بهذه الطلبات لدى قاضي التحقيق، للقول ببطلان محاضر التحقيق، ملتمسا من المحكمة اعتبار الملف جاهزا والشروع في مناقشته.

وبالمقابل، وصف الدفاع ما اسماه «لاءات المدعي العام»، باعتبارها خارج نطاق الممارسة القضائية العصرية، كونها تسير في اتجاه «ترسيخ عرف» لدى القضاء المغربي، يفيد أن المدعي العام عليه معارضة أي طلب تقدم به الدفاع، وكأن مهمته تنحصر في الرفض فقط، وليس تطبيق القانون.

وقال المحامي، خالد السفياني، أحد أعضاء هيئة الدفاع عن المعتقلين المتحزبين الستة: «إذا كان المدعي العام طلب أن يسلك الدفاع الإجراءات القانونية للاستدعاء، فإنه فعل، وفي حالة ما إذا استجابت المحكمة لطلب استدعاء الوزيرين، فإنها ستراسل وزير العدل، الذي عليه رفع مذكرة إلى مجلس الوزراء بشأن ذلك»، مشيرا إلى أن أمر استدعاء الوزراء أمر عادي يحصل في جميع الدول الديمقراطية، بل حصل نفس الأمر في الخرطوم بالسودان، حيث أدلى الرئيس السوداني السابق، عبد الرحمن سوار الذهب، بشهادته أمام هيئة المحكمة.

والتمس السفياني استدعاء مغاربة من ديانة يهودية، وزعماء الأحزاب السياسية المغربية، للإدلاء بشهادتهم فيما يخص التهم التي وجهت للمعتقلين المتحزبين الستة، والمكتوبة في محاضر الشرطة القضائية، كونهم خططوا لعمليات إرهابية ضد اليهود المغاربة، وقادة الأحزاب السياسية، مؤكدا أن «السياسيين الستة» تربطهم «باليهود المغاربة الشرفاء» علاقات طيبة، ونفس الأمر بالنسبة لزعماء الأحزاب السياسية من كافة الأطياف.

وأكد السفياني أن الدفاع لا يمكنه الترافع في ملف دون الاطلاع على وثائق مكتوبة بلغة أجنبية، وتتجاوز 5 آلاف صفحة، مضيفا أن الدفاع إذا سلم بجواب المدعي العام، فإن المحكمة تحتاج إلى جيش من المترجمين، للقيام بالترجمة الفورية لوثيقة واحدة قد تعرضها المحكمة على متهم، لأن الموضوع يهم 35 معتقلا. من جهته، قال المحامي عبد الرحمن بن عمرو، إن المدعي العام أغلق ملف الطلبات الأولية التي تقدم بها الدفاع، وسد أيضا المنافذ في وجهه حينما سيتقدم بالدفوعات الشكلية، بالتأكيد أن الملف أصبح جاهزا.

وأوضح ابن عمرو أن المدعي العام جانب الصواب، حينما قال إن الدفاع لم يستعمل الفصل 324 من قانون المسطرة (الإجراءات) الجنائية للمطالبة ببطلان محاضر الشرطة القضائية، مشيرا إلى أن الدفاع لم يطالب ببطلان المحاضر، لكنه طالب باستدعاء الشهود وترجمة الوثائق، بناءً على فصول أخرى، مضيفا أن الفصل 223 من نفس القانون، هو الذي يحدد مسألة رفض طلبات الدفاع لدى قاضي التحقيق والطعن فيها، وتهم حالات معينة واضحة في مجموعة من الفصول من قبيل تحديد مدة الاعتقال الاحتياطي على ذمة التحقيق، وإجراء الخبرة وغيرها.

وأكد ابن عمرو أن الاتفاقية الدولية التي تربط بين المغرب وبلجيكا، والمصادق عليها من قبل البلدين، ترفض استعمال أي وثيقة في المحكمة بلغة غير لغة البلد الذي يحاكم فيه المتهمون، كما أن عباس الفاسي، رئيس وزراء المغرب طلب من جميع الوزارات احترام الدستور، واستعمال اللغة العربية في المراسلات، وهو نفس الأمر الذي صدر عام 1998 في دورية سابقة للراحل محمد بوزوبع، وزير العدل، وعبد الرحمن اليوسفي، رئيس الوزراء الأسبق.

وفي السياق نفسه، رفض القاضي أن يشار إلى المحكمة بنعوت لا تليق بها من قبل بعض المحامين، وقال:«لا أحد سيفرض علينا قراراته كما تدعون، لا أنتم أي الدفاع، ولا المدعي العام، ولا أي جهة أخرى، فنحن مستقلون، وعليكم احترام المحكمة»، وجاء هذا الرد تعقيبا على محامي ادعى أن هيئة المحكمة سترفض جميع طلبات الدفاع، كونها تساير وجهة نظر المدعي العام. ورفض القاضي الاطلاع على وثيقة قدمها المحامي عبد الفتاح الحايل، بحجة أنها مكتوبة باللغة الفرنسية، وقال: «قم بترجمتها كما تطالبنا نحن بذلك، وبعدها سنطلع عليها»، فضحك جميع مَن يوجد بالقاعة.