نتنياهو وليفني يناوران: حكومة وحدة من دون ليبرمان لإجهاض ابتزاز الأحزاب الصغيرة

الفكرة: ليفني في الخارجية وموفاز في الدفاع وباراك في التنسيق الاستراتيجي الأعلى

توني بلير مبعوث الرباعية (يمين) خلال لقائه بزعيم اليمين نتنياهو في القدس أمس (أ.ف.ب)
TT

في الوقت الذي يجري فيه كل من رئيسة حزب «كاديما»، تسيبي ليفني، ورئيس حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، سباقا محموما لكسب ود الأحزاب الصغيرة الفائزة في الانتخابات، بهدف زيادة فرص كل منهما لتشكيل الحكومة، كشف النقاب، أمس، عن اتفاق بينهما لصد وإجهاض عمليات الابتزاز لهما من طرف هذه الأحزاب. وفي إطار هذا الاتفاق، نشر نبأ عن فكرة يجري التفاوض السري عليها بينهما بمشاركة زعيم حزب العمل المهزوم، وزير الدفاع ايهود باراك. وتحكي هذه الفكرة عن إمكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية بين الأحزاب العلمانية الثلاثة باشتراك الأحزاب الدينية، بحيث يتم استثناء حزب «إسرائيل بيتنا»، برئاسة أفيغدور ليبرمان، الذي يصرح بأنه يملك مفتاح تشكيل الحكومة ويتصرف بغطرسة مع كلا المرشحين لرئاسة الحكومة.

وكان ليبرمان قد كتب رسالة مشابهة إلى كل من نتنياهو وليفني يفرد فيها شروطه للانضمام إلى كل منهما في الائتلاف القادم. وقال انه خلال لقائه مع رئيس الدولة، شمعون بيريس، في يوم الخميس المقبل، سيوصي على المرشح الذي يتجاوب مع هذه الشروط. فإذا لم يتجاوب كلاهما، فإنه سيوصي بأن يتولى هو، أي ليبرمان، التكليف بتشكيل الحكومة. وأورد ليبرمان في الرسالة شروطا كثيرة صعبة، بدا بعضها تعجيزيا، مثل: وقف مفاوضات السلام مع السوريين والفلسطينيين إلى حين الانتهاء من معالجة الملف الإيراني بطريقة ترضي إسرائيل وفي صلبها وقف التسلح النووي الإيراني بالمفاوضات أو بقوة السلاح، وضع خطة لتصفية تنظيمات الإرهاب الفلسطينية وفي مقدمتها حماس، سن قانون يلزم كل مواطن إسرائيلي بأداء قسم الولاء والإخلاص لإسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية والاشتراط بهذا الالتزام وغيره كي يحصل المواطن على جنسية. وقد سافر ليبرمان بعد إرسال الرسالة إلى رحلة استجمام إلى بيلوروسيا، معلنا انه سيعود إلى البلاد في يوم الأربعاء المقبل، مما يعني انه ليس معنيا بالمفاوضات التشاورية، وينتظر أن يتجاوبوا أو لا يتجاوبوا معه. وإزاء هذا التصرف المتغطرس، اتفق نتنياهو وليفني، بواسطة أصدقائهما المشتركين على صد هذا النهج وطرح بدائل تعلم ليبرمان وغيره أن الابتزاز السياسي والمالي لا ينفعان. وان هناك إمكانية لأن يتفقا على التحالف بينهما من دونه. وقد لاقت هذه الفكرة الاستحسان في الأوساط السياسية، خصوصا ان مخاوف جدية من حكومة يمين متطرف بدأت تظهر في إسرائيل وكذلك في الخارج. وحتى في أوساط معتدلة في الليكود، مثل النائب دان مريدور، وجدت ترحيبا. فقال إن إقامة حكومة من نواب اليمين البالغ عددهم 65 نائبا لن تصمد أكثر من سنة وستواجه بعداء غربي شامل، مع أوروبا بشكل خاص ومع الرئيس الأميركي الجديد، باراك أوباما. وهذا ليس في خدمة مصالح إسرائيل.

المعروف أن القانون الإسرائيلي ينص على انه بعد نشر نتائج الانتخابات النهائية في الجريدة الرسمية، بعد ثمانية أيام من الانتخابات (الأربعاء المقبل)، يبدأ رئيس الدولة مشاوراته مع الكتل البرلمانية. وفي ضوء هذه المشاورات يلقي مهمة تشكيل الحكومة على «النائب الذي يقبل ويقدر على المهمة». ويبدو حتى الآن أن 50 نائبا حسموا أمرهم بالتوصية على نتنياهو، هم نواب الليكود نفسه (27) وحزبا «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين (11 نائبا) و«يهدوت هتوراة» لليهود المتدينين الغربيين (5 نواب) والاتحاد القومي (4 نواب) والبيت اليهودي (3 نواب). بينما الحزب الوحيد المضمون لصالح ليفني هو حزبها وحده. ولهذا فإن المتوقع هو أن يكلف بيريس بتشكيل الحكومة، فقط بنيامين نتنياهو. وحسب مصادر مقربة منه، فإن بيريس باشر العمل على اقناع ليفني وباراك ونتنياهو بقبول الفكرة بالتحالف معا من دون ليبرمان. إلا ان أوساط المتطرفين في الليكود ترفضها، وتقول إن خطوة كهذه ستعتبر طعنة خيانية في ظهر ليبرمان ستكلف الليكود ثمنا باهظا في المستقبل وستبعده إلى الأبد عن المصوتين الروس. كما ترفضها أوساط في حزب «كاديما»، وهي تلك التي تنصح ليفني بالذهاب إلى المعارضة، باعتبار أن الليكود من دونها سيقيم حكومة متطرفة ستسقط بعد حين، وهذه فرصتها لإثبات وجودها كقائدة للمعارضة. ومع هذا الفارق الضئيل يتنافس الزعيمان (نتنياهو وليفني) على من منهما سيكلفه الرئيس شمعون بيريس بتشكيل الوزارة ولن يقرر الرئيس ذلك قبل التشاور مع زعماء الأحزاب السياسية الأسبوع المقبل. وأمامه أسبوعان من 18 فبراير (شباط) الجاري، لاختيار رئيس الوزراء. وعشية الانتخابات دعت ليفني نتنياهو لمشاركتها في حكومة وحدة وطنية تقودها هي، وهو ما عرضته العام الماضي قبل أن تختار بدلا من ذلك الدعوة لانتخابات مبكرة. وقال نتنياهو انه يريد أن يتولى رئاسة الوزراء. ورفض معسكر ليفني التعليق على الفور على موضوع حكومة الأغلبية. ونفي يسرائيل كاتس من حزب الليكود التقرير لكنه أبلغ راديو اسرائيل أن الليكود مهتم بالانضمام إلى ائتلاف مع كاديما يقوده نتنياهو. وقال كاتس «الحل العملي واضح جدا. نتنياهو وحده هو الذي يمكنه تشكيل ائتلاف الاغلبية». ورد حاييم رامون نائب رئيس الوزراء من حزب كاديما والمقرب من ليفني لإذاعة الجيش الإسرائيلي «لن ننضم إلى أي حكومة يمينية متطرفة». وقال إن أي ائتلاف يجب أن ترأسه ليفني بعد أن فاز حزبها بالعدد الأكبر من المقاعد. وأيضا في حزب العمل، هناك من يتحمس للفكرة وهناك من يعتبرها «ضربة قاضية» لحزب العمل، حيث سيثبت انه حزب لا يبحث سوى عن السلطة والمراكز. وكان نتنياهو قد أبدى استعداده لمنح حزب «كاديما» مناصب مغرية في حكومته، حسب بعض المقربين، مثل القائمة بأعمال رئيس الحكومة ووزيرة الخارجية وربما أيضا وزارة الدفاع، التي يرغب بها الرجل الثاني في قيادة «كاديما»، وزير الدفاع الأسبق، شاؤول موفاز. وفي حالة قبول فكرة حكومة الوحدة من دون ليبرمان، فإن كاديما سيحظى بتلك المناصب، وسيفرد لرئيس حزب العمل، ايهود باراك، منصب «نائب رئيس حكومة ووزير مالية أو وزير أعلى للتنسيق الاستراتيجي». بيد أن هذه المسألة لا تزال في إطار فكرة ولم تبحث بعد بشكل جدي.