وزير الخارجية ومدير المخابرات المصريان يجريان مباحثات مع البشير في الخرطوم حول الأزمة مع الجنائية الدولية

مفاوضات الدوحة: «العدل والمساواة» تطالب بتناوب الرئاسة ونسبة 46 % من المناصب

TT

قام وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، يرافقه مسؤول المخابرات عمر سليمان أمس، بزيارة خاطفة للخرطوم، استغرقت زهاء الساعة ونصف، أجريا خلالها مباحثات، لمدة ساعة مع الرئيس عمر البشير في مقر إقامته «بيت الضيافة»، ركزت على القرار المتوقع صدوره من المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف البشير، بادعاء ارتكابه جرائم حرب في إقليم دارفور. ووصل أبو الغيط وسليمان للخرطوم قادمين من واشنطن.

وقال السفير عثمان نافع مدير الإدارة السياسية برئاسة الجمهورية السودانية في تصريحات صحافية إن الزيارة ناجحة وبحثت تأييد مصر لمواقف السودان الرافضة للتعامل مع محكمة الجنايات الدولية. وبشأن يتعلق بالأبعاد الأمنية للزيارة، قال محجوب فضل بدري السكرتير الصحافي إن السياسة والأمن قضايا متشابكة وهناك تنسيق بين البلدين في هذا المجال. وأعلن بدري عن تدابير معدة من قبل الحكومة لمواجهة قرار محتمل من محكمة الجنايات الدولية. وقال «نحن نوجه سؤالا لكل الدول التي تدعم قرار محكمة الجنايات الدولية، كيف يتعامل سفراؤها مع الرئيس هل على أنه متهم أم رئيس كامل السيادة». وجدد رفض الحكومة لتسليم أي مواطن سوداني «حتى لو كان خليل إبراهيم قائد فصيل العدل والمساواة المتمرد بدارفور»، وقال «ما بني على باطل فهو باطل». وحول المساعي التي تبذلها مجموعة عربية أفريقية في نيويورك للحصول على قرار من مجلس الأمن بتأجيل صدور قرار من الجنائية في حق البشير، قال بدري «لم يحدث تقدم في تحركاتهم ولكن لم يدب اليأس إليهم ومساعيهم للحصول على التأجيل مستمرة».

من جانبه، أعلن أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري عقب لقائه الرئيس البشير دعم مصر لكافة الجهود التي من شأنها تجميد إجراءات محكمة الجنايات الدولية وتحقيق أمن وسلامة السودان والتأكيد على سيادته الوطنية. وقال، «نحن نتحرك وسط أعضاء مجلس الأمن ونسعى لتنفيذ المادة 16 من القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لوقف أي إجراء ضد السودان والرئيس البشير»، وأضاف «لا يمكن لمصر بأن تسمح إلى أن يؤدي هذا الوضع إلي تهديد السودان وسلامة أراضيه وسيادته». وحول مهمة الوفد العربي الأفريقي بمجلس الأمن حول الأزمة بين الخرطوم والجنائية الدولية، قال الوزير أبو الغيط، «واضح أن هذه المهمة لم تحقق المطلوب منها حتى الآن، وأكدنا للرئيس البشير أن مصر ستستخدم كافة القدرات والاتصالات بأعضاء مجلس الأمن لإثارة هذا الأمر وتحقيق نتائج إيجابية». وأشار إلى أن زيارة الرئيس مبارك إلي فرنسا وإيطاليا. وزيارته إلى أميركا، ولقاءه بمسؤولي وزارة الخارجية الأميركية تصب في إيجاد حل لأزمة دارفور.

وفي الدوحة، سحبت الاحتفالات غير الرسمية بيوم الحب «الفلانتاين»، فضلا عن بدء أعمال منتدى عالمي باسم «المنتدى الأميركي والعالم الإسلامي» أمس، الزخم الإعلامي والدبلوماسي، الذي صاحب مفاوضات الدوحة بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة، واتجهت الأنظار صوب فندق «فور سيزون»، حيث ينعقد المنتدى، فيما بدأ فندق «شيراتون»، الذي يستضيف مفاوضات دارفور بحضور ضعيف طوال نهار أمس. وقالت المصادر إن رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جبر بن جاسم حض الطرفين نهار أمس على ضرورة تجاوز خلافاتهما والتوصل إلى صيغة نهائية للاتفاق الإطاري خلال الساعات المقبلة، قبل أن يغادر في زيارة ليوم واحد إلى السعودية. وأبدى جاسم في تصريحات له عن تفاؤله بالمفاوضات وتوقع أن يتم التوصل قريبا إلى اتفاق سلام ينهي الأزمة في الإقليم. وقال رئيس الوزراء للصحافيين إن طرفي النزاع مهتمان بتحقيق «نتائج إيجابية» في المفاوضات، وأكد تحليهما بـ«نوايا طيبة». وشدد على وجود تقدم في المفاوضات يحتاج إلى تثبيت على مسودة وصيغة معينة، وركز على استكمال المفاوضات اليوم.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الخلافات بين الطرفين حول محتوى الاتفاق الإطاري المقترح من الوسطاء مستمرة حتى ليل أمس، بصورة تبدد الأمل في توقيع الاتفاق الإطاري خلال ساعات، ويتوقع أن يطرح الوسطاء على الطرفين مسودة اتفاق معدلة، استنادا إلى ردود الطرفين إلى المسودة الأولى، وحسب المصادر فإن الجانب الحكومي يرفض بشدة طلبا من العدل والمساواة بضرورة الإفراج عن الأسرى والمحكومين عليهم من أعضائها لدى الحكومة، وترى أن هذا الطلب تفاوضي وسابق لأوانه، حسب المصادر، وذكرت المصادر أن الحكومة وافقت على طلب من العدل والمساواة بتسمية الاتفاق الإطاري المقترح بـ«إعلان نوايا»، ولكنها تشترط أن يشتمل على عناوين عريضة تمثل المبادئ الخاصة بعملية السلام في المراحل المقبلة. وكشفت المصادر أن حركة العدل والمساواة طالبت في مسودة من جانبها للاتفاق الإطاري بتناوب منصب الرئاسة مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وطالبت نسبة 46 في المائة من المناصب الدستورية. وأضافت المصادر أن حركة العدل والمساواة طالبت في ورقتها، التي سلمتها للوسطاء، المقترحة من جانبها كاتفاق إطاري، طالبت بتناوب رئاسة الجمهورية مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم، ومنح إقليمي «دارفور وكردفان» في غرب السودان نسبة 46 في المائة من المناصب الدستورية وإدارات الشركات والمؤسسات الكبرى، إلى جانب تخصيص نسبة 15 في المائة من الدخل القومي للبلاد للإقليمين، وطالبت بانفراد الحركة بحكم كامل دارفور وكردفان، إلى جانب العاصمة الخرطوم، وحسب المصادر فإن ورقة العدل والمساواة دعت إلى عودة دارفور إلى إقليم واحد وإلغاء قانون جهاز الأمن وخفض الجيش السوداني وتوصيل خدمات المياه والإنارة والغاز لكل المساكن بالبلاد، وتعويض اللاجئين والنازحين على أساس فيدرالي ومنحهم منازل وقيمة 10 آلاف يورو لكل فرد. وطالبت بالوقف الفوري لإجراءات ما أسمتها بالعودة القسرية للنازحين، و«وقف القصف وتبادل الأسرى والمحكومين عليهم والمعتقلين وتأمين مسارات الإغاثة». وذكرت المصادر أن حركة العدل والمساواة تمسكت في ورقتها بأن تحتفظ بقواتها طيلة الفترة الانتقالية التي اقترحتها بـ«5» أعوام، وأمنت على الحريات والتحول الديمقراطي وطالبت بنص على اقتسام السلطة والثروة. ولم تشر الورقة إلى تقرير المصير لدارفور. وميدانيا، أعلن الجيش السوداني أنه قتل عددا من قوات حركة العدل والمساواة المسلحة في دارفور ودمر 14 سيارة مسلحة للحركة، فيما قتل 4 من الجيش وأصيب 3 آخرون، في معارك بينهما في منطقة «الملم» شرق جبل مرة وسط دارفور، كذب الجيش مزاعم من «حركة العدل والمساواة» بأنها صدت هجوما للجيش مدعوما بالطيران الحربي وحرس الحدود، وكبدته خسائر كبيرة في معركة حامية بمواقع الحركة شرق جبل مرة، وقال الجيش إن الحركة هي التي نفذت الهجوم.

وقال الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد الركن عثمان محمد الأغبش في تصريحات صحافية إن قوات «العدل والمساواة» قامت بهجوم على قوات من الجيش السوداني كانت ترتكز بمنطقة «الملم» شرق جبل مرة وسط البلاد لإعطاء إشارة إيجابية لحسن النوايا من جانب الحكومة دفعا لمفاوضات الدوحة. وفي تصريحات صحافية، قال الفريق أول ركن محمد عبد القادر نصر الدين رئيس الأركان المشتركة للجيش السوداني إن الجيش لم يفقد في المعركة أي دبابة أو طائرة كما زعم خليل إبراهيم في لقاء معه، وأضاف نصر الدين أن الطيران لم يشارك أصلا في هذه المعركة، وقال إن المعركة حدثت نتيجة لتعقب الجيش لقوات العدل التي، فرت من مهاجرية واتجهت لشرق جبل مرة، وأضاف أن الجيش أحكم الحصار على قوات خليل في المنطقة مما حدا بها لمهاجمة القوات المسلحة في منطقة الملم لكسر الطوق. وأكد نصر الدين أن قوات خليل ما زالت تحت الحصار.