شافيز بانتظار حكم الشعب.. يعتمد سياسة التخويف لمحاربة خصومه

فنزويلا تصوت اليوم للمرة الثانية على استفتاء يسمح للرئيس بالترشح لولايات غير محدودة

TT

يتجه الشعب الفنزويلي اليوم إلى صناديق الاقتراع للتصويت على مشروع قانون صدق عليه البرلمان، يسمح، في حال حاز ثقة الشعب، للرئيس هوغو شافيز بالترشح للرئاسة إلى ما لا نهاية. وكان الشعب قد صوت بالرفض على القانون العام الماضي، ويعاد طرحه اليوم بعد تمريره في البرلمان. وحتى الأمس، كانت استطلاعات الرأي تشير إلى تقدم الرئيس الاشتراكي بشكل طفيف بعد عدة أسابيع من الحملة الدعائية المكثفة، التي تقول أحزاب المعارضة والطلاب المعارضون للحكومة، بأن إساءة استغلال السلطة شوهتها. وتقول أحزاب المعارضة إن المجلس الانتخابي الوطني تلكأ في الموافقة على إعلانات الحملة الانتخابية، وتقول إنها حرمت من الحصول على تصاريح لعدة مسيرات.

ويأتي التصويت على الاستفتاء اليوم بعد أسبوع قاسٍ على المعارضة في فنزويلا، بدأ بعد أن هزم أنطونيو ليديزما، الخصم الشهير للحكومة الفنزويلية، المرشح الذي اختاره الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز من أجل منصب عمدة كاراكاس. وكان هذا الفوز ضربة قاسية لشافيز، ليس فقط لأن عمدة المدينة منصب مهم، ولكن لأن ليديزما ملعون من الرئيس ومناصريه.

الا ان ليديزما (53 عاما)، كان مخطئا عندما ظن أن الفوز بالمنصب سيعني السيطرة على جهاز المدينة. فقد استولى مسلحون مناصرون للرئيس، مرتدين قمصان الحكومة المميزة ذات اللون الأحمر، على مبنى مجلس المدينة وثلاثة مبان حكومية حيوية. ووجد المسؤولون المحليون الجدد أن مكاتبهم قد نهبت وأن أجهزة الكومبيوتر سرقت والسيارات غير موجودة.

وقال المسؤولون أيضا انهم اكتشفوا أن العمدة السابق خوان باريتو عين آلاف المؤيدين لشافيز من المتشددين، ليس للعمل في هيئات المدينة، بل من أجل حشد التأييد لما يسميه الرئيس بالثورة البوليفارية، والعمل كحراس شخصيين للمشرعين الموالين للحكومة وكقوات صادمة لتخويف أعداء شافيز. يقول المحرر الصحافي والمحلل الحكومي تيودور بيتكوف: «لقد فاز ليديزما بمجلس المدينة، وتساوي الأصوات التي حصل عليها تلك التي حصل عليها شافيز. ولا يعد الاستيلاء على مبنى المدينة والعديد من مكاتب العمدة، وطرد الموظفين ومنعهم من الدخول انتهاكا فقط، بل هو حالة واضحة من عدم الاعتراف بالنتائج الانتخابية التي جاءت في صالح أنطونيو ليديزما».

وحتى الأسبوع الماضي، كان المبنى المكون من ثلاثة طوابق والمصمم على طراز كلاسيكي حديث في كاراكاس، والذي يعرف باسم القصر المحلي، مغطى بالكتابات، والنوافذ محطمة، وكان الباب الأمامي مغلقا بقفل. وكتب على حوائطه الخارجية «ليديزما الفاشستي»، و«هذه أرض شافيزية». ويلخص شعار واحد تحديدا حالة الصراع على السلطة هنا، وهو: «نحن خاسرون سيئون».

يقول كارلوس ميلو، مدير المنشآت الرياضية في المدينة التي عاد الكثير منها إلى أيام الحكم الفيدرالي قبل الانتخابات: «وفقا للمصطلحات الرياضية، فزنا بالمباراة، ولكن سلطات الرياضة قررت أننا لم نفز، وهكذا خسرنا. لقد احتلوا المنشآت. واستولوا على المباني والمكاتب. وهذا انتهاك للقواعد الأساسية في لعبة الديمقراطية. في أي مكان آخر، من يخسر يستسلم».

وتواجه الحكومة في كاراكاس واحدا من أشد خصومها حدة. وقد أمضى العمدة والحاكم السابق ذو الصوت الخشن أعواما يُشَبه فيها حكومة شافيز بنظام فيدل كاسترو الشيوعي في كوبا، ويحشد تأييدا من أجل مقاطعة الانتخابات.

وفي حديث للتلفزيون الحكومي يوم الثلاثاء الماضي، قال شافيز إن ليديزما والسياسيين المعارضين الآخرين الذين تم انتخابهم في نوفمبر (تشرين الثاني) تولوا مناصبهم الجديدة بصحبة عصابات عنيفة. وقال إنهم فصلوا الموظفين عشوائيا، في جزء مما أسماه خطة قد تؤدي إلى الإطاحة به. وقال شافيز: «يريدوني خارج الخريطة على طريقة مات ملك». وصرح وزير الداخلية والعدل طارق العيسمي في الأسبوع الحالي أن ليديزما ترك منصب العمدة ببساطة. وقال في مؤتمر صحافي: «إنه لم يذهب إلى العمل. فهو مشغول بأشياء أخرى بخلاف تلك التي تم انتخابه من أجلها». وأضاف العيسمي إنه لا يوجد أحد استولى على مباني المدينة، ولكن يدور «صراع بين الموظفين» في السياسات المحلية، لأن ليديزما فصل الآلاف من الموظفين.

ويصف موظفو مجلس المدينة الذين ظلوا في وظائفهم، جو العمل تحت الحكومة الماضية بأنه كان غارقا في السياسة، وقالوا إنهم واجهوا ضغوطا لحضور مسيرات موالية للحكومة. وقالوا أيضا إنه على الرغم من أن العديد من الموظفين حاولوا القيام بوظائفهم، إلا أن الهيئات الحكومية في المدينة أصبحت مكتظة بموظفي العقود الذين يحتلون ما يسمى بوظائف بلا عمل فعلي.

وفي لقاء معه، صرح ليديزما إنه انتخب لإدارة مدينة تواجه ارتفاعا في معدلات الجرائم، منها القتل المنزلي الذي وصل إلى أعلى نسبة له على مستوى العالم، ومشاكل تبدأ من الشوارع المليئة بالقمامة إلى مدارس دون المستوى. وأضاف العمدة الجديد الذي يدير المدينة من برج مكتبي قريب، إن واحدة من أولى خطواته كانت تشكيل لجنة لتحديد مدى المخالفات التي ارتكبت في فترة سلفه. وحتى الآن، كما يقول ريتشارد بلانكو المسؤول الثاني في المدينة، وجد المسؤولون أن من بين 40 ألف موظف مدرجة أسماؤهم في سجل رواتب المدينة، يوجد حوالي 8,600 موظف يحصلون على ما يصل إلى 1,500 دولار شهريا، لتنفيذ أوامر الحكومة المركزية. وقال إن عددا مجهولا منهم كان منتشرا في فرق على دراجات نارية لتخويف خصوم الحكومة، من بينهم طلاب جامعات ومديرو محطات تليفزيونية خاصة تنتقد الرئيس. وأضاف بلانكو: «لقد تعاقدوا مع أصدقاء الحكومة، الذين بدلا من حل المشاكل الخطيرة تسببوا في مشاكل كبرى».

وأعلن ليديزما أن هؤلاء المدرجين في كشف الرواتب السياسية، ليس لهم مكان في مجلس المدينة، قائلا إنهم كانوا مختبئين تحت ستار العقد الذي انتهى مفعوله في ديسمبر (كانون الأول)، وأن هؤلاء فقط الذين يمكنهم إظهار أنهم يؤدون واجباتهم تجاه المدينة ستجدد عقودهم.

وأعلن ليديزما في مكبر صوت في اجتماع عقد أخيرا مع موظفي المدينة الذين لم تتأثر وظائفهم: «أنتم تؤدون عملكم، بينما تحصل مجموعة من المشردين على رواتب بدون عمل، وهذا لا يمكن السماح به».

وليديزما ليس السياسي الوحيد الذي يواجه عراقيل تضعها أمامه الحكومة المركزية. ففي انتخابات شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، لأول مرة منذ تولي شافيز السلطة، حقق مرشحو المعارضة انتصارات في ولايات ومدن مزدحمة ذات أهمية اقتصادية. وفي الأيام التالية لفوزهم، بدأوا في دفع ثمن ذلك. في ولاية تاتشيرا الحدودية الغربية، رفض المجلس الذي تسيطر عليه الحكومة أن يؤدي الحاكم المنتخب سيزار بيريس فيفاس اليمين الدستورية لمدة شهرين. وقد تولى المنصب منذ ذلك الحين، ولكنه لا يملك سيطرة على الشرطة.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الاوسط»