البعض «سئم السياسة وأهلها».. والبعض الآخر منعته ظروف العمل من المشاركة

يوم شبه عادي في مدينة جونيه

TT

مشهد مختلف عن ذاك الذي ظلل ساحات بيروت، خيّم أمس على منطقة جونيه شمال العاصمة. المحال التجارية بغالبيتها الساحقة فتحت أبوابها في السوق الرئيسية للمدينة، أما في شارع الكسليك فالمشهد خضع لبعض التعديلات. محال سارعت إلى فتح أبوابها كالمعتاد وأخرى تريثت بضع ساعات، فلم تكد تصل الساعة إلى الثانية عشرة ظهرا حتى عاودت فتح أبوابها لاستقبال الزبائن المنهمكين في شراء الورود والهدايا في يوم الحب. فمن يزُر جونيه يظن، لولا بعض المواكب السيارة على الطريق السريع والمكلّلة بالأعلام الحزبية وصور السياسيين والشهداء، أنه في يوم عادي.

صاحب أحد محال الألبسة جورج كيروز بدا فخورا بـ«عدم التزام الأقفال»، وقال: «تعمدت فتح متجري في هذا اليوم لأنني ضد فريق 14 آذار الذي أشبعنا كلاما وعناوين، وأؤيد (رئيس تكتّل التغيير والإصلاح) ميشال عون. إنه يوم عادي بالنسبة إلي، لا، بل أريد أن أعمل، ولن أفوّت هذا العيد (عيد الحب) من أجل أحد».

في المقابل، وعلى مسافة أمتار كانت إحدى البائعات، منى، تجلس في محل للألبسة، تعرب عن أمنيتها مشاركة «أهلنا في وسط بيروت في إحياء هذه الذكرى، لأنني اعتدت على النزول ككل عام. ولو رضي أصحاب المحل بالإقفال لنزلت بكل تأكيد، رغبة مني في التعبير عن وفائي للشهداء وتعلّقي بالحرية».

يقول فادي، وهو صاحب صالون للتزيين النسائي، لـ«الشرق الأوسط»: «لم تأتنا أي دعوة للإقفال. وكنا أحرارا في اتخاذ قرارنا، لذلك فضّلت العمل كالمعتاد لأنني سئمت السياسة وأهلها، فلا أؤيد هذا الفريق ولا ذاك، إنهم سواسية بالنسبة إلي. كل ما في الأمر أنني لا رغبة لي في الإقفال في يوم الحب لأن السيدات بغالبيتهن يأتين للتزيّن في هذا اليوم. وفي النهاية، ما يهمّني هو توفير لقمة العيش».

في أحد متاجر الألعاب كان ثلاثة موظفين يتحلّقون حول جهاز الراديو للاستماع إلى الأناشيد وخطابات قادة «14 آذار» التي كانت تذاع من وسط بيروت. تقول واحدة منهم بعفوية لـ«الشرق الأوسط»: «الواقع أن عطلا طرأ على جهاز التلفزيون، لذلك نحاول متابعة نشاطات هذا اليوم عبر الراديو». ويردّ زميلها: «كنا نرغب في النزول، لكن أصحاب المحل فضلوا العمل كالمعتاد لأن الكثير من المحلات فتحت أبوابها، والبعض الآخر قرّر الإقفال لبضع ساعات لا أكثر». وتضيف زميلتهما الثالثة: «لو نزلنا إلى بيروت لكان خصم من راتبنا أو من عطلتنا السنوية، ولا قدرة لنا على تحمّل هذا الأمر، لذلك فضّلنا العمل».