البرادعي يعتبر طهران «غير متعاونة» وسط تساؤلات حول معالجة أوباما للملف النووي

تقرير صحافي يتحدث عن حرب إسرائيلية «سرية» ضد إيران

TT

في خطوة جديدة تزيد من الضغوط الدولية على إيران بسبب برنامجها النووي، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي أمس إن إيران لا تتعاون في حل المسائل المعلقة المتعلقة ببرنامجها النووي. واعتبر البرادعي أمس أن طهران «غير متعاونة» في الملف النووي بينما مازالت الدول الدائمة العضوية تسعى إلى توضيح من مسؤولين إيرانيين عن البرنامج الذي تخشى أنه عسكري رغم تأكيد طهران بأنه سلمي. وقال البرادعي: «إيران لا توفر أي إيضاح أو طريقة للوصول إلى تلك الدراسات (النووية) أو إمكانية وجود طبيعة عسكرية» لبرنامجها النووي. وأضاف: «إنني من الواضح غير سعيد بمستوى التعاون، لقد أوقفوا أي شكل من أشكال التعاون مع الوكالة خلال الأشهر الماضية». واعتبر البرادعي أن قرار إيران عدم إضافة أجهزة طرد مركزي «سياسي».

ويعتبر الملف النووي من أبرز القضايا التي تزيد من الضغوط الدولية على إيران وتعرقل حوارا أميركيا - إيرانيا محتملا، بالإضافة إلى إثارة مخاوف إسرائيلية من مهاجمة إيران لها. وذكرت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية أمس أن إسرائيل متورطة في حرب تخريب «سرية» داخل إيران في مسعى لتعطيل محاولات طهران تصنيع قنبلة نووية. وقال مصدر في المخابرات في الشرق الأوسط لـ«رويترز» العام الماضي إن إسرائيل خططت لاستهداف علماء نوويين إيرانيين بخطابات مفخخة وطرود مسمومة وإنها نفذت تفجيرات في إيران. وقدم محللون روايات مماثلة وقالوا إن تكتيكات من هذا القبيل موثوق فيها لكن لم يتسن الحصول على تأكيد بشأنها.

ويحذر بعض المحللين من أن تقارير عن أمور من قبيل «حرب قذرة» ربما تشكل جزءا من حملة حرب نفسية لزعزعة الاستقرار في إيران. وقال المصدر بالمخابرات لـ«رويترز» إن عملاء إسرائيليين يعملون مع حكومات وشركات غربية لديهم تعاملات تجارية مع طهران التي تناصب قيادتها الإسلامية العداء الشديد لإسرائيل لكنها تنفي اتهامات بأن برنامجها النووي غرضه عسكري.

وترفض حكومة إسرائيل التي يفترض على نطاق واسع أنها القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط التعليق تماما على مثل هذه التقارير. وقالت الصحيفة البريطانية أمس: «شنت إسرائيل حربا سرية على إيران كبديل لضربات عسكرية مباشرة ضد برنامج طهران النووي. ويقول خبراء إنها تستخدم قناصة وأعمال تخريب وشركات كواجهة وعملاء مزدوجين لتعطيل مشروع النظام للأسلحة المحظورة». ونقلت الصحيفة عن خبراء استخبارات وضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية الأميركية لم تنشر اسمه أن استراتيجية «القتل» الإسرائيلية استهدفت أعضاء من البرنامج النووي الإيراني على أمل إعاقة طموحات البلاد النووية من دون اللجوء لحرب.

وقال مير جافندافار الخبير الإيراني في مجموعة «ميباس» المتخصصة في تحليل شؤون الشرق الأوسط لـ«رويترز» إن هناك تقارير أيضا تفيد بأن أسواقا دولية تبيع معدات بها عيوب لإيران من أجل برنامجها النووي ومن أن هناك محاولات لتعطيل إمدادات الكهرباء لمنشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم في وسط إيران. وأضاف: «أعتقد أن هناك تخريبا. إنها خطوة منطقية وذات معنى في اللعبة التي تعد جزءا من مجمل الصراع الخاص بإعاقة طموحات إيران النووية». وكدليل على هذه الاستراتيجية الإسرائيلية أشار مراقبون إلى أحداث في إيران مثل وفاة أردشير حسن بور العالم النووي بمحطة أصفهان لليورانيوم الذي توفي في منزله بتسمم غازي محتمل عام 2007 . ونقلت الصحيفة عن ضابط سابق بالمخابرات المركزية الأميركية قوله «التعطيل يهدف إلى إبطاء التقدم في البرنامج بطريقة لا يدركون بها (الإيرانيون) ما يحدث». وأضاف: «الهدف هو التأخير والتأخير والتأخير إلى أن يمكن التوصل لحل أو نهج آخر».

واتخذ الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما نهجا أكثر دبلوماسية مع إيران مخففا من حديث إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش بشن هجوم عسكري محتمل على إيران لضرب منشآتها النووية. ما زالت باريس «تترقب» ما ستسفر عنه عملية المراجعة السياسية والدبلوماسية التي تقوم بها إدارة الرئيس أوباما للسياسة إزاء إيران التي اقتصر المعروف منها حتى الآن على «العناوين العريضة».

ولم تتوقع مصادر فرنسية رسمية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أن تظهر نتائج هذه المراجعة سريعا «إذ أن الأولوية الأميركية تنصب في الوقت الراهن على الملف الأفغاني» بسبب الاستحقاق الرئيسي المتمثل بالقمة الأطلسية بداية شهر أبريل (نيسان) القادم وتعتبر المصادر الفرنسية أنه يتعين الانتظار «عدة أشهر» قبل أن تنجلي ملامح التوجهات الأميركية الجديدة.

وقالت مصادر سياسية إن باريس لا تجد نفسها في «وضع مريح» إزاء «الغموض الأميركي» والخط الذي ستنتهجه إدارة أوباما إزاء الملف النووي الإيراني. وبرز ذلك مرة أخرى بعد تصريحات مسؤول المخابرات الأميركية الأميرال دوني بلير الذي أكد أنه «لا يعرف» ما إذا كانت إيران تسعى لامتلاك السلاح النووي بينما الموقف الفرنسي الذي كرره الرئيس ساركوزي خلال جولته الخليجية الأميركية يقوم على اعتبار أن طهران تعمل على برنامج نووي عسكري وتسعى لامتلاك القنبلة النووية. ولعل ما «يقلق» الفرنسيين ومعهم أطراف أوروبية مثل بريطانيا وألمانيا وإيطاليا بالإضافة إلى إسرائيل ثلاثة مسائل أساسية لا يمتلكون اليوم إجابات أميركية عليها. وأول الأسئلة معرفة ما إذا كان وقف إيران عمليات تخصيب اليورانيوم والنشاطات النووية الحساسة والإجابة على الأسئلة التي طرحتها عليها الوكالة الدولية للطاقة النووية وبقيت حتى الآن من غير إجابات ستكون شرطا «مسبقا» للحوار الأميركي - الإيراني المنتظر أم أنها ستكون «نتيجة» للحوار الموعود. ويتناول السؤال الثاني «المدة الزمنية» للحوار المنتظر باعتبار أن الأطراف الخمسة تتخوف من حوار مفتوح «زمنيا» يستخدمه الإيرانيون الماهرون في فنون التفاوض لكسب الوقت و«لإضاعة» الديبلوماسية الأميركية في متاهات معقدة. وأخيرا، لا يعرف الأوروبيون ما إذا كانت واشنطن تريد التفاوض وحدها مع إيران أم تريد المحافظة على صيغة 5 زائد 1 التي انتهجت حتى الآن وأدت إلى وحدة الموقف داخل مجلس الأمن الدولي.

وفي طهران نفت السلطة القضائية في إيران أمس أن تكون تحتجز عميلا سابقا في مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (إف. بي. آي) فقد أثره قبل نحو عامين في جزيرة في منطقة الخليج.

وقال ناطق باسم القضاء علي رضا جمشيدي للصحافيين ردا على سؤال حول ما إذا كان روبرت ليفنسون معتقلا في سجن سري في إيران «ليس لدينا سجين بهذا الاسم ولم تفتح أي قضية بهذا الاسم في السجون أو لدى القضاء». وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون دعت إيران الشهر الماضي إلى إطلاق سراح ليفنسون الذي تقاعد من مكتب «إف. بي. آي» قبل عشرة أعوام. وتقول أسرته إن ليفنسون توجه إلى جزيرة كيش الإيرانية في مارس (آذار) 2007 ليحقق في تهريب سجائر في المنطقة.