مقتل طيار في «الميدل إيست» في ظروف غامضة وموظفو الشركة يضربون مطالبين بكشف مصير زميل مختطف

مسلسل الحوادث الأمنية المتنقلة يقضّ مضاجع اللبنانيين

إطارات أشعلها أقارب الطيار اللبناني القتيل غسان مقداد، في الأوزاعي، لقطع طريق مطار بيروت؛ استنكارا لجريمة قتل نسيبهم (أ. ب. أ)
TT

بقي الملف الأمني المقلق متقدما على الملفات السياسية والاقتصادية وحتى الانتخابية في لبنان في ظل استمرار الحوادث الأمنية المتنقلة والجرائم المشبوهة التي كان آخرها مقتل الطيار في شركة «طيران الشرق الأوسط - الخطوط الجوية اللبنانية» (ميدل إيست) غسان المقداد في ظروف غامضة.

وقد عُثر على المقداد (55 عاما) مقتولا صباح أمس داخل سيارته من نوع «نيسان» رباعية الدفع بثلاث رصاصات في رأسه في منطقة الأوزاعي قرب مطعم «السمكة». وعلى الفور حضرت القوى الأمنية والأدلة الجنائية وضربت طوقا حول المكان، ورفعت مقذوفات الرصاصات الثلاث والبصمات عن السيارة.

وعلى أثر شيوع نبأ مقتل المقداد تجمهر العشرات من أفراد عائلته وقطعوا الطريق الرئيسية في الاوزاعي بالإطارات المشتعلة والحجارة قبل أن يتدخل الجيش ويعيد فتح الطريق ويفرّق المتجمهرين الغاضبين. كما باشرت القوى الأمنية تحقيقاتها في الحادث بإشراف القضاء المختص.

ورجح مصدر قضائي مشرف على التحقيقات الأولية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن تكون هناك «أسباب شخصية وراء الجريمة وليست مرتبطة لا بوظيفته (المقداد) ولا بأمور سياسية أخرى». كما رجَّح وجود رابط بين مقتله وجريمة مقتل شقيقه في الأول من ديسمبر (كانون الأول). وقد توصلت التحقيقات في حينه إلى كشف خيوط تفيد أن الشقيق قتل على أيدي أشخاص يتعاطون تجارة المخدرات. ووصف المصدر قاتل الطيار المقداد بالمحترف.

وأسف وزير الداخلية زياد بارود خلال زيارته مطار بيروت أمس، للحادث الذي استهدف الطيار المقداد. ورأى أن القضية «تبدو مختلفة عن قضية اختطاف الموظف في شركة طيران الشرق الأوسط المهندس جوزيف صادر». وقال: «لن نستبق التحقيق وما سيقوله القضاء. ولكن يبدو أن الأمر ليس استهدافا لشركة الميدل إيست ولا للمطار. وإن شاء الله نعطي البلد حقه بحدٍ أدنى من الأمن والاستقرار. ومن واجبنا وواجب الأجهزة الأمنية العمل بكل جهد للكشف عن كل الملابسات».

وخاطب موظفي الـ«ميدل إيست» الذين توقفوا أمس عن العمل وتجمعوا أمام مدخل المطار تعبيرا عن احتجاجهم على اختطاف زميلهم صادر واستمرار اختفائه، قائلا: «إننا جميعا معنيون بهذه المصيبة التي تقع على الميدل ايست والمطار وعلى عائلة المهندس جوزيف صادر. وإلى جانب التضامن، أنا حريص على جدية التحقيق الجاري ومتابعته لحظة بلحظة بتوجيهات الرئيس العماد ميشال سليمان بالدرجة الأولى». وشدد على ضرورة مواكبة المرحلة «بهدوء لأنه يجب علينا أن نحمي التحقيق وأيضا أن نحمي المهندس صادر. لذلك فإن أي كلام غير مجد أنا شخصيا أتجنبه ليس لأننا نريد إخفاء أي أمر، بل لأننا نحرص على سلامة جوزيف صادر بالدرجة الأولى وعلى سلامة التحقيق أيضا. وهذا يجعلنا نقول إن متابعة الموضوع يجب أن تكون في المكان المناسب». ورفض إعطاء أي معلومات عن اختفاء صادر «نظرا إلى دقة القضية وللإفساح في المجال أمام القضاء والأجهزة الأمنية لمتابعة عملها». ورأى أنه «حتى الآن لا تشير مجريات التحقيق إلى استهداف المطار أو شركة الميدل ايست».

وخلال الإضراب الذي نفذه موظفو «الميدل ايست» أكد رئيس مجلس إدارتها محمد الحوت تضامن الإدارة والموظفين مع قضية صادر وزوجته وأولاده. وقال: «سنتابع العمل مع جميع الأجهزة الأمنية ومع الدولة اللبنانية لكشف مصيره». وبالنسبة إلى مقتل المقداد، أفاد بأن المعلومات الواردة تشير إلى أن «الحادث هو عملية قتل شخصية ليست لها علاقة من قريب أو بعيد بعمله في شركة طيران الشرق الأوسط» مطالبا الأجهزة الأمنية بـ«الكشف عن القتلة وكشف مصير المهندس صادر». وشدد على أن الحادثين «لا يستهدفان شركة طيران الشرق الأوسط كشركة. إنما استهدفا أشخاصا من أبناء هذه العائلة».

وعبّرت أمس الأمانة العامة لقوى «14 آذار» عقب اجتماع عقدته أمس، عن «قلقها من الأحداث الأمنية الخطيرة المتعاقبة التي من عناوينها المأسوية خطف المهندس صادر على طريق المطار وفي وضح النهار وبقاء مصيره مجهولا، والاعتداءات على مواكب المشاركين في ذكرى 14 شباط التي أدت إلى استشهاد المواطن لطفي زين الدين وسقوط عدد من الجرحى فاق عددهم الستين، وصولا إلى اغتيال الكابتن الطيار في طيران الشرق الأوسط، غسان المقداد. وهذا ما خلق جوا من التوجس والحذر جعل ذكريات الحروب البائدة تطفو من الماضي وتقض مضاجع المواطنين الذين أولوا أمر الدفاع عنهم إلى الأجهزة الأمنية والذين يعدون أنفسهم للانتخابات النيابية المقبلة لتغليب الديمقراطية ومقتضياتها». وحذرت من «مغبة الفلتان»، وناشدت السلطات المختصة «بذل قصارى جهدها للإمساك بحبل الأمن والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه خرق القانون... وإنهاء المربعات الأمنية المنتشرة في شوارع العاصمة، تمهيدا للإمساك بالأمن في كل المناطق اللبنانية».

بدوره أبدى شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، الشيخ نعيم حسن، قلقه من «الأحداث الأمنية المتعاقبة التي حصلت أخيرا وحذر من «مغبة حصول أحداث أمنية متنقلة بين المناطق من شأنها الإضرار بهيبة الدولة والوطن والإساءة إلى سمعة لبنان الدولية والتوجس لما هو أخطر وأكبر». وناشد السلطات المختصة «بذل الجهود الممكنة من أجل الإمساك بالأمن وتأمين سلامة المواطنين».