أميركا: على وكالة الطاقة بحث «الأدلة الكثيرة» حول أنشطة سورية النووية

دعت المجتمع الدولي إلى الضغط على سورية لاحترام التزاماتها النووية

TT

أعربت الولايات المتحدة الأميركية عن أملها في أن يبحث مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية «الأدلة الكثيرة» المتوفرة حول وجود برنامج نووي سري في سورية، وذلك خلال اجتماعه المقرر في مارس (آذار) في فيينا. قال المتحدث باسم وزارة الخارجية غوردون دوغويد أول من أمس: «خلال اجتماعه من الثاني إلى السادس من مارس، ننتظر أن يدرس مجلس الأمناء الأدلة الكثيرة والقلق القائم حول مسألة نشاطات نووية سرية تقوم بها سورية وتحدث عنها تقرير المدير العام» للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي. وأضاف: «نحن ندعم بقوة الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تحقيقها وندعو الأسرة الدولية إلى مواصلة الضغط كي تحترم سورية التزاماتها تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأن تتعاون معها بشكل كلي ودون تأخير».

وفي تقرير للوكالة سُرب أول من أمس ويتوقع أن يناقشه مجلس أمناء الوكالة في مارس (آذار) المقبل فنّدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ما أكدته دمشق من أن جزئيات اليورانيوم التي عُثر عليها في موقع الكبر، ترجع إلى الصواريخ التي أطلقتها الطائرات الإسرائيلية لدى قصفها الموقع في سبتمبر (أيلول) 2007. وأشار التقرير إلى أن آثار اليورانيوم الجديدة التي تم العثور عليها في آخر اختبارات لا يمكن أن تكون جاءت من خلال قصف إسرائيل لموقع الكبر. كما أوضح التقرير أنه تم العثور لأول مرة على آثار غرافيت، ويُستخدم الغرافيت في بناء نواة بعض أنواع المفاعلات لتحمُّله درجات الحرارة العالية جدا. وقال مسؤول كبير في الوكالة إن مفتشي الوكالة الذين توجهوا العام الماضي إلى الموقع عثروا على نحو 80 جزيء يورانيوم مصنَّعا أجريت لها تحاليل متقدمة. وأوضح أن «هذه الجزيئات من نوع غير مدرج في كشف المعدات النووية السورية» الذي قُدم للوكالة. وأضاف «الأمر لا يتعلق هنا بتلوث بسيط نقله أحد أمضى يوما في موقع نووي ثم توجه إلى الكبر. الأمر يتعلق بمعدات نووية لم تعلنها سورية التي يتعين عليها تفسير كيفية وصولها إلى هنا». وتؤكد واشنطن وإسرائيل أن موقع الكبر النائي في الصحراء السورية الذي دمره الطيران الإسرائيلي في سبتمبر (أيلول) 2007 كان يؤوي مفاعلا نوويا سريا. من ناحيتها، دعت فرنسا السلطات السورية إلى التزام موقف «التعاون والشفافية» في تعاملها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقالت الخارجية الفرنسية أمس، إن تقرير الوكالة الدولية يشير إلى وجود «مناطق ظل»» في النشاطات السورية، وإنه «يتعين إلقاء كامل الضوء» عليها من خلال تمكين مفتشي الوكالة من القيام بعملهم دون عوائق، ومن خلال الوفاء بالتعهدات المترتبة على دمشق بموجب توقيعها لمعاهدة الحد من انتشار السلاح النووي.

وأشار أريك شوفاليه الناطق باسم الخارجية الفرنسية، إلى أنه يتعين على السلطات السورية كشف «ماضي وحاضر نشاطاتهم النووية بشكل كامل»، كما يتعين عليها أن توفر للوكالة الدولية «التفسيرات اللازمة» للأسئلة التي يطرحها المفتشون الدوليون. وشددت باريس التي قالت إنها تتناول الملف النووي السوري في اتصالاتها مع دمشق، على أهمية أن يتحلى الموقف السوري بـ«الشفافية والتعاون الكامل» مع الوكالة الدولية.

وانتقدت باريس، التي طبّعت علاقاتها مع دمشق بعد التطورات الإيجابية التي طرأت على الملف اللبناني منذ شهر مايو (أيار) الماضي، الحجة السورية التي تعلل رفض الاستجابة لطلبات الوكالة الدولية بزيارة المواقع النووية السورية، بأن هذه المواقع المطلوب زيارتها ذات صفة عسكرية حساسة. وأوضحت باريس أن الوكالة «تتمتع بانتداب دولي ولها الحق في زيارة المواقع التي تريدها، استنادا إلى التزامات دمشق تجاه معاهدة منع انتشار السلاح النووي».

وفي ما يتعلق بإيران، دعت الولايات المتحدة مجددا إيران إلى وقف نشاطاتها لتخصيب اليورانيوم. وقال المتحدث: «نحث مرة جديدة إيران على وضع حد لنشاطاتها المرتبطة بتخصيب اليورانيوم. وإبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية بكل نشاطاتها المرتبطة بالسلاح النووي وتسهيل وصول الوكالة إلى أي برنامج نووي». وأضاف: «ما دامت إيران لن تحترم التزاماتها تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن الأسرة الدولية لا يمكنها أن تقتنع بالطبيعة السلمية البحتة للبرنامج الإيراني».

وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها أن إيران لم تقف عمليات تخصيب اليورانيوم وأنها لم تحقق أي تقدم كبير في التحقيق الجاري حول احتمال وجود شقّ عسكري في البرنامج النووي الإيراني الذي تؤكد طهران أنه لأغراض سلمية بحتة.

وقال تقرير الوكالة إن إيران أبطأت بدرجة ملحوظة التوسع في برنامجها لتخصيب اليورانيوم، لكنها زادت من مخزونها من الوقود النووي. وأضافت أن إيران زادت عدد أجهزة الطرد المركزي التي تنقي اليورانيوم بمقدار 136 جهازا فحسب من 3800 جهاز في نوفمبر (تشرين الثاني)، وقال مسؤول الوكالة: «نلاحظ أن إيقاع تركيب ووضع أجهزة الطرد المركزي في وضع التشغيل قد تباطأ بدرجة ملحوظة منذ أغسطس (آب)». لكن إيران أعلنت أن مخزونها من اليورانيوم المنخفض التخصيب زاد إلى 1010 كيلوغرامات من 630 كيلوغراما في نوفمبر (تشرين الثاني) و480 كيلوغراما في أغسطس (آب). ويشير إيقاع زيادة الإنتاج إلى أن أجهزة الطرد المركزي الموجودة تعمل بقدرة أعلى من ذي قبل. وتقول إيران إنها تنتج الوقود النووي فقط للاستخدام المدني في توليد الطاقة. ويقدر محللون غربيون خبراء في عدم الانتشار النووي أن هناك حاجة إلى ما بين 1000 و1700 كيلوغرام كأساس لتحويلها إلى يورانيوم عالي التخصيب، وهي الدرجة المناسبة لصنع قنبلة نووية واحدة، ويمكن لطهران أن تصل إلى هذا المستوى خلال بضعة أشهر. كان محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية قال هذا الأسبوع إن إيران ستحتاج إلى فترة تتراوح بين عامين وخمسة أعوام قبل أن تصبح قادرة فنيا على إنتاج أسلحة نووية إذا اختارت ذلك. وقال تقرير الوكالة أيضا إن إيران رفضت السماح لمفتشي الوكالة التابعة للأمم المتحدة بإجراء فحص لتصميم مشروع مفاعل أراك الإيراني الذي يعمل بالماء الثقيل في يناير (كانون الثاني)، وشيدت قبة فوقه لتمنع الأقمار الصناعية من التقاط صور للمنشأة. وقال التقرير بصورة عامة إن إيران لا تزال تقاطع محققي الوكالة الدولية الذين يبحثون في مزاعم المخابرات بشأن نشاط سري سابق لطهران بشأن قنبلة ذرية، حيث امتدت الأزمة الصامتة لأكثر من ستة أشهر حتى الآن. وأضاف أنه ما دامت إيران تمتنع عن تقديم الوثائق وعن السماح بمقابلة المسؤولين الإيرانيين ذوي العلاقة وعن زيارة المواقع محل التحقيق، فإن الوكالة لن تصبح قادرة على التحقق مما إذا كانت نشاطات إيران النووية سلمية أم لا.

وقال التقرير إنه إلى جانب 3936 جهازا للطرد المركزي تقوم بتخصيب اليورانيوم، فإن هناك 1476 جهازا آخر يقوم بإجراء اختبارات جافة، أي دون مواد نووية في داخلها، و125 جهازا آخر تم تركيبه لكنه لا يعمل. وقال البرادعي يوم الثلاثاء الماضي إن إيران لم تضف أعدادا من أجهزة الطرد المركزي كما كان يمكنها أن تفعل في الآونة الأخيرة، ويرجح أن السبب في ذلك سياسي لا تقني. وكان يشير بذلك إلى توقعات بأن إيران تريد أن تقدم لأوباما غطاء سياسيا لإجراء محادثات، ولا تثير احتمالات فرض عقوبات أشد من الأمم المتحدة بشأن رفضها لتعليق التخصيب، وهي تقنية يمكن أن تنتج وقودا لمحطات الطاقة النووية، أو ربما لصنع القنابل.

وقال علي أصغر سلطانية سفير إيران لدى الوكالة، إنه لا يرى أي تباطؤ في جهود إيران النووية، لأنه «يجب أن تروا الصفقة بالكامل»، بما في ذلك التجارب في وحدة تجريبية لنموذج متقدم من أجهزة الطرد المركزي قادرة على تخصيب اليورانيوم على نحو أسرع كثيرا. ورفض الاتهامات بعدم التعاون مع الوكالة قائلا إن إيران ليست مُلزَمة قانونا أن تفعل ذلك. وتخشى قوى غربية أن تستخدم إيران مفاعل أراك في استخراج بلوتونيوم من قضبان الوقود المستنفَد كمصدر آخر لوقود قنبلة نووية. وتقول إيران إن المجمع مصمم لإنتاج نظائر مشعة للاستخدام في الطب والزراعة.