قيادي جنوبي يدعو الحزب الحاكم في السودان إلى اختيار بديل للبشير قبل مذكرة لاهاي

الخرطوم تسعى إلى تأجيل توجيه الاتهام للرئيس لمدة عام

TT

دعا رئيس الاستخبارات السابق في الجيش الشعبي والقيادي في الحركة الشعبية الحاكمة في جنوب السودان إدوارد ابيي لينو، حزب المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس السوداني عمر البشير إلى اختيار بديل للبشير، الذي يتوقع أن تصدر المحكمة الجنائية الدولية قرارا بتوقيفه لاتهامه بارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور، مشددا على ضرورة تعاون الخرطوم مع لاهاي باعتبارها عضوا في الأمم المتحدة، في وقت وافقت الحكومة السودانية على زيارة المقررة الدولية الخاصة لحقوق الإنسان، «سيما سمر» إلى الخرطوم بعد أن تحفظت على الزيارة واتهمتها بتقديم معلومات إلى مدعي المحكمة الجنائية لتوقيف البشير.

وقال لينو لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي من القاهرة، إن مذكرة توقيف البشير لن تؤثر على اتفاقية السلام الشامل بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، وأضاف أن إعلان البشير فعليا قد تم، لكن رسميا لم يتم فيه شيء، مشيرا إلى أن الاتفاقية لم تتأثر برحيل مؤسس الحركة جون قرنق، وأضاف «لو كان رئيس البلاد لصا وتم اتهامه، هل يمكن أن يؤثر ذلك على اتفاقية تهم كل السودانيين وتنهي الحرب»، وقال إن السلام في دارفور كان موجودا قبل وصول البشير إلى الحكم عبر انقلاب عسكري في يونيو (حزيران) من عام 1989، وأضاف «في حال توقيف البشير فسيكون في حكم الميت، وعلى حزبه، المؤتمر الوطني، أن يختار شخصا آخر بديلا للبشير وفقا لنصوص اتفاقية السلام»، نافيا أنه رشح أن يصبح النائب الأول سلفا كير ميارديت محل البشير، وقال «لا يمكن أن نقول ذلك، لأننا نعرف الاتفاقية وملتزمون بها، ولحرصنا، نطالب المؤتمر الوطني أن يأتي ببديله في مكان البشير». وذكر لينو الذي يشغل منصب المسؤول السياسي للحركة الشعبية في منطقة ابيي المتنازع عليها بين طرفي اتفاقية السلام المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، أن البشير أصبح قريبا من الوقوع في قفص المحكمة الجنائية ، وأضاف «إذا لم يقوم بتسليم  نفسه فسوف نراه في الفضائيات مكبل الأيدي وتتم محاكمته»، وقلل من التحركات التي تقوم بها بعض الدول العربية والأفريقية في أروقة مجلس الأمن الدولي بغرض طلب تأجيل مذكرة قضاة لاهاي ضد البشير، واصفا تلك التحركات بعديمة الفائدة وغير جادة، وقال «البشير فقد تعاطف مصر والعديد من الدول العربية، لأن حزبه في الخرطوم فقد البوصلة وأصبح يتخبط بالعودة إلى شعارات الإسلاميين مع حماس وغيرها»، وأضاف «بالنسبة للسودانيين، البشير انتهى كرئيس، لأنه الآن متهم، ونعرف أن مجرد الشبهة يفقد الإنسان هيبته»، معتبرا أن التهديد الذي يردده بعض المسؤولين في حزب البشير محاولة لتقوية الأجهزة الأمنية لقمع السودانيين، مدللا برفض المؤتمر الوطني تعديل القوانين المقيدة للحريات وعرقلة ترسيم الحدود، وقال «هناك خوف في وسط المؤتمر الوطني لتضارب المصالح بين قياداته.. لكن الحزب حتما إلى زوال إذا استمر في حاله الراهن».

وقلل لينو من اتفاق (النوايا الحسنة وبناء الثقة) الذي تم توقيعه أخيرا في الدوحة بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة، وقال إن الاتفاق لن يفيد البشير في تأجيل مذكرة المحكمة الجنائية الدولية، إلى جانب أن حركة العدل والمساواة ليست الممثل الوحيد في دارفور في ظل وجود مجموعات أخرى مؤثرة، وأضاف أن الخرطوم قامت مؤخرا بشراء الأسلحة والطائرات والمروحيات استعدادا لحرب ضد كل السودانيين، وقال «مسؤولو الحكومة يتحدثون عن عدو وهمي موجود في خيالهم، ولا يوجد الآن غير المدعي العام للمحكمة اوكامبو كعدو للحكومة.. لكن لا يمكن محاربته بكل تلك الأسلحة»، وأضاف «اوكامبو، إذا أرادوا محاربته أن يذهبوا إلى لاهاي، ويمكن هناك بالمنطق والحجة والقانون أن يحاربوه». وشدد لينو على أن  فكرة انفصال جنوب السودان عن الشمال صادرة من الحركة الإسلامية وحزبها المؤتمر الوطني، وقال إن حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الخرطوم هو من يرغب في انفصال الجنوب أكثر من الجنوبيين أنفسهم، وأضاف أن وزارة المالية المركزية لم تقم بتحويل إيرادات حكومة الجنوب في الفترة الأخيرة لتتمكن الحكومة من صرف مرتبات الموظفين، وأضاف «المقصود محاولة خلق عدم استقرار في الجنوب.. لكن التهديد بالحرب من جانب المؤتمر الوطني لن ينجو منه أحد»، وقال إن البرنامج الإسلامي يتم فرضه في الخرطوم ومدن الشمال، وإنه ما زال مستمرا في التلفزيون الحكومي، وأضاف أن قيادات المؤتمر الوطني كانت تتطلع إلى إقامة دولة انفصالية إسلامية، لأنهم لا يستطيعون فرضها على الجنوب، مشيرا إلى أن التفكير في فرض برنامج إسلامي على الجنوب الذي يحكم بدستور علماني يعني عودة الحرب مجددا، وقال «لابد من أن يحكم السودان وفق دستور علماني حتى لا يتم تفتيته».

من جهة أخرى وافقت الخرطوم على منح تأشيرة دخول لمقررة حقوق الإنسان في السودان «سيما سمر» بعد أن ترددت في موافقتها على طلب الزيارة بسبب اتهامات وجهتها دوائر حكومية ضد المسؤولة الدولية بتقديمها معلومات إلى المحكمة الجنائية الدولية بشأن اتهامات قدمها المدعي العام للمحكمة في مواجهة الرئيس السوداني عمر البشير، ويتوقع أن تستغرق زيارة سمر أسبوعين تبدأ من 25 من فبراير (شباط) الحالي وحتى 8 من مارس (آذار) المقبل، وتلتقي مسؤولين في وزارات العدل، الخارجية، الداخلية، وجهاز الأمن والمخابرات الوطني، وتزور جنوب السودان، وجنوب كردفان، و ابيي، ودارفور، للوقوف على الأوضاع الإنسانية هناك.

ومن جهة أخرى قال وزير الخارجية السوداني، إن السودان يريد تأجيل إجراءات توجيه الاتهام إلى الرئيس البشير.

ويتوقع أن يقرر قضاة المحكمة الجنائية الدولية ما إذا كانوا سيصدرون أمر قبض ضد البشير بشأن مزاعم بأنه مخطط الإبادة الجماعية في دارفور.

وقال وزير الخارجية السوداني دينق ألور كول، الذي يزور جنوب أفريقيا لإجراء محادثات، للصحافيين في كيب تاون، إن التأجيل سيعطي للحكومة السودانية وقتا للاتصال مع حركات متمردين أخرى. وقال «إننا نقول إننا نطلب التأجيل لمدة عام واحد لأن هذا سيعطينا الوقت للعمل من أجل السلام في دارفور الذي بدأناه مع حركة واحدة. وفي دارفور لدينا العديد من الحركات.. أكثر من عشرة.. نحو 15 حركة».