القاهرة تعلق مفاوضاتها التجارية مع إسرائيل لـ«أسباب فنية».. وسحبت وفدها من القدس

تقارير إسرائيلية ترجع الأمر لتعثر التهدئة

TT

قررت مصر تعليق مفاوضات تجارية بينها وبين إسرائيل، وأصدرت تعليمات لوفد تجاري بالانسحاب من اجتماعات كان يعقدها في القدس أول من أمس مع مسؤولين تجاريين إسرائيليين، وأكدت مصادر مصرية مطلعة أن الوفد التجاري سيعود إلى القدس في أقرب وقت، فيما أرجعت تقارير إسرائيلية انسحاب الوفد المصري إلى تعثر مفاوضات تقودها مصر بغرض إقرار اتفاق للتهدئة بين الفصائل الفلسطينية، وإسرائيل؛ بسبب اشتراط إسرائيل إطلاق شاليط للموافقة على تهدئة جديدة في قطاع غزة.

وأكدت المصادر المصرية في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن سحب الوفد التجاري المصري من المفاوضات تم لـ«أسباب فنية وليست سياسية، على أن يعود إلى تلك المفاوضات في أقرب وقت ممكن»، من دون أن تحدد المصادر موعداً لعودة المصريين إلى تلك المفاوضات.

وحاولت وزارة الخارجية المصرية استدراك الموقف مساء أمس وأصدر المتحدث باسمها بيانا رسميا أعرب فيه عن استغرابه للضجة «التي تحاول بعض الدوائر الإعلامية الأجنبية، وكذلك مصادر إسرائيلية صحافية، إثارتها والتي رددت أن الوفد التجاري المصري قد انسحب من المشاورات الدورية التي تتم بين الجانبين المصري والإسرائيلي تنفيذا لاتفاقية الكويز». وقال المتحدث المصري إن وفد بلاده سوف يقدم تقريرا إلى الجهات المصرية المعنية للنظر في نتائج المشاورات التي أجراها أول من أمس (الخميس) ثم يعود مرة أخرى إلى إسرائيل بعد التنسيق بين الجانبين بشأن موعد المشاورات الإضافية التالية.. وسخر المتحدث «من المزاعم التي تحاول الادعاء بوجود خلافات داخلية بمصر بالنسبة لتنفيذ الاتفاقية». وقالت مصادر حكومية مصرية «كانت هناك اجتماعات للجنة المصرية الإسرائيلية المشتركة المتعلقة بمتابعة تنفيذ بروتوكول المناطق الصناعية المؤهلة (الكويز)، الذي يسمح لعدد من الشركات والمصانع المصرية بتصدير إنتاجها للسوق الأميركية من دون جمارك شريطة أن تتضمن المنتجات مكونات إسرائيلية بنسبة 8%، وأن المجتمعين احتاجوا إلى استيفاء بعض البيانات، وبناء عليه تم تعليق مشاركة الوفد المصري في الاجتماعات لحين استكمال هذه البيانات، على أن يعود الوفد في أقرب وقت ممكن» وأشارت المصادر إلى أن اللجنة المصرية الإسرائيلية المشتركة والمعنية بمتابعة تنفيذ بروتوكول الكويز، تعقد اجتماعاً دورياً كل أربعة أشهر، لمتابعة مدى استيفاء الشركات المصرية المستفيدة من التصدير للسوق الأميركية من دون جمارك، لاشتراطات «الكويز». وقالت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية إن مصر علقت محادثات تجارية مع إسرائيل ويعتقد أنه احتجاج على قرار مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي يوم الأربعاء الماضي بعدم فتح المعابر الحدودية مع قطاع غزة الفلسطيني لحين إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط. وقالت الصحيفة، على موقعها على شبكة الإنترنت مساء أول من أمس «الخميس»، إن الوفد التجاري المصري الذي وصل إلى إسرائيل الخميس استدعي للعودة على الفور إلى القاهرة، مضيفة «كان من المقرر أن يجري الوفد محادثات مع وزارة التجارة والصناعة والعمل الإسرائيلية». وأوضحت الصحيفة أنه عقب فترة وجيزة من بدء المحادثات أول من أمس الخميس، تلقى الوفد المصري اتصالا هاتفيا من السفارة المصرية فى تل أبيب تخبره بتعليمات من القاهرة بوقف المحادثات والعودة إلى مصر على الفور.

واستدعت وزارة الخارجية الإسرائيلية السفير المصري فى تل أبيب ياسر رضا الذي أكد أن تعليق المحادثات جاء لأسباب فنية، وشدد على أن هذا الإجراء ليس له دوافع سياسية، وأن الوفد سيعود إلى القدس لاستئناف المحادثات فى أوائل الأسبوع المقبل. ونقلت «هاآرتس» عن المحلل العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت» أليكس فيشمان، المرتبط بالمؤسسة الأمنية الإسرائيلية قوله «إن فشل مساعي التهدئة بين حماس وإسرائيل بوساطة مصرية، ستكون له تداعيات خطيرة للغاية على العلاقات المميزة بين إسرائيل ومصر».

وزاد قائلاً «بالإضافة إلى التهدئة بين إسرائيل وحماس وإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط، هناك خطوة ثالثة مهمة جداً بالنسبة للأمن القومي الإسرائيلي، وهي الجهد الدولي المصري لمنع تهريب الأسلحة من شبه جزيرة سيناء إلى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة».

واعتبر المحلل العسكري الإسرائيلي «أن رفض الدولة العبرية التهدئة التي عملت مصر على بلورتها مع حماس لا يعتبر فقط صفعة قوية ومجلجلة لكرامة وعزة مصر من قبل إسرائيل، بل يوجد لهذا الأمر تداعيات أخرى، لأن المصريين يرون في تخفيض أعمال العنف في قطاع غزة، قضية أمنية وطنية بالنسبة لهم في مواجهة النفوذ الإيراني الذي يواصل امتداده في منطقة الشرق الأوسط، والجهود المصرية الداخلية لكبح جماح قوة حركة الإخوان المسلمين».

يذكر أن مصر وأميركا وقعتا اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة «الكويز» نهاية عام 2004، وبدأ تنفيذها عام 2005، وتسمح لعدد من شركات الغزل والنسيج بالتصدير مباشرة إلى السوق الأميركية على أن يدخل في تصنيعها مكون إسرائيلي بنسبة 11.5% في البداية، قبل أن تتراجع نسبة المكون الإسرائيلي مع مرور الوقت إلى 8%.

وأثارت تلك الاتفاقية حينئذٍ جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية المصرية، لكن الحكومة قررت المضي في تنفيذها، باعتبارها منفذا جيدا للمنتجات المصرية. وتسعى مصر لإبرام اتفاقية تجارة حرة مع أميركا لكن المفاوضات حولها متعثرة منذ عدة سنوات حيث يطالب الجانب الأميركي بالعديد من الإصلاحات الاقتصادية، مثل إصلاح الضرائب والجمارك وإصلاح القطاع المصرفي وتشير مصادر حكومية إلى أن إقامة هذه المنطقة قد يستغرق ثلاث أو أربع سنوات.