الحلف الأطلسي يعد لعملية ثانية لمكافحة القرصنة في خليج عدن في الربيع

المبعوث الأممي يدعو لمساندة الرئيس الجديد من خلال تعزيز مهمة حفظ السلام

عنصران من مقاتلي المحاكم الإسلامية أثناء دورية في العاصمة الصومالية مقديشو أمس (رويترز)
TT

يستعد الحلف الأطلسي لإطلاق عملية ثانية لمكافحة القرصنة في خليج عدن في الربيع المقبل، على غرار عملية العام الماضي، على ما أعلن الناطق باسم الحلف. وقال جيمس أباثوراي عقب سلسلة أولى من المحادثات بين وزراء الدفاع المجتمعين في كراكوفيا (جنوب بولندا): «يمكننا التطلع إلى عملية بحرية ثانية للحلف الأطلسي في الربيع مقابل سواحل الصومال». وأضاف: «ما زال ينبغي العمل على التفاصيل».

وأفاد دبلوماسيون أن فرقة بحرية تابعة للحلف الأطلسي ستقوم قريبا برحلة إلى سنغافورة وأستراليا، وستوكل في الذهاب أو الإياب بمهمة ردع القراصنة الذين يجوبون مياه القرن الإفريقي.

وردا على سؤال حول هذه المسألة قال الأمين العام للحلف الأطلسي جاب دي هوب شيفر إن الأمر يتعلق بـ6 بواخر تحمل خصوصا وحدات ألمانية وهولندية وإسبانية. وأضاف: «هذا الأمر سيعزز بشكل كبير العمليات ضد القراصنة»، معتبرا أنه «مع انتهاء الموسم القادم للرياح الموسمية فإن القرصنة ستتكثف مجددا».

وأرسل الحلف الأطلسي في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 4 زوارق (بريطانيا، اليونان، إيطاليا، وتركيا) لتقوم بدوريات مقابل سواحل الصومال، أُوكل اثنان منها بحماية قوافل المساعدات الغذائية التي سيرتها الأمم المتحدة لمكافحة المجاعة في البلاد التي تسودها الفوضى.

وهذه المهمة كانت الأولى التي ينظمها الحلف لمكافحة القرصنة وتمت إدارتها من نابولي (جنوب إيطاليا)، وتلتها في منتصف ديسمبر (كانون الأول) حملة كبيرة للاتحاد الأوروبي.

وتعرضت عام 2008 نحو 140 سفينة أجنبية لهجوم القراصنة مقابل سواحل الصومال الذي يشهد حربا منذ 1991، كما تزايدت أعمال القرصنة في المنطقة بنسبة 200% مقارنة بعام 2007، بحسب المكتب الدولي للملاحة البحرية.

وأوقفت السفن الحربية الأجنبية في خليج عدن نحو 150 شخصا عام 2008، في إطار حملة مكافحة القرصنة، بحسب وثيقة نشرت في مؤتمر للمنظمة الدولية للملاحة البحرية في يناير (كانون الثاني).

كما أرسلت القوات البحرية الروسية والصينية والهندية فرقاطات تقوم بأعمال الدورية في تلك المنطقة التي تعتبر محورية بالنسبة إلى التجارة الدولية، ولا سيما تجارة المحروقات.

ومن جهة أخرى طالب مبعوث الأمم المتحدة في الصومال العالم بدعم الرئيس الصومالي الجديد، من خلال تعزيز مهمة حفظ السلام التي يقوم بها الاتحاد الإفريقي في الدولة الواقعة في القرن الإفريقي، وإعادة بناء الوجود الدبلوماسي الذي تلاشى منذ زمن.

وقال أحمدو ولد عبد الله في مقابلة مع «رويترز» إنه إن لم يحدث ذلك ستتفاقم مشكلات الصومال، وسيكشف عن ازدواجية في المعايير لدى الدول الأجنبية المستعدة لمساعدة دول مثل العراق والسودان. وأضاف: «علينا أن يكون لنا وجود في الصومال من أجل مصداقية المجتمع الدولي، خصوصا في إفريقيا»، داعيا الحكومات الأجنبية والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية لإعادة فتح بعثات دائمة في الصومال.

وأدى الزعيم الإسلامي المعتدل شيخ شريف أحمد اليمين الدستورية كرئيس للصومال الشهر الماضي، بموجب خطة توسطت فيها الأمم المتحدة لتشكيل حكومة وحدة وطنية في الصومال الذي تعصف به أعمال عنف منذ سقوط الدكتاتور محمد سياد بري عام 1991.

وقال ولد عبد الله: «انتخب الرئيس بطريقة تتسم بالشفافية والشرعية. وأدعو المجتمع الدولي لمنحه أقوى دعم لمساعدته على إعادة الاستقرار إلى البلاد».

وكان ولد عبد الله يتحدث على هامش مؤتمر في بلجيكا يستضيفه معهد الأمن العالمي للشرق والغرب، وهو معهد بحثي. وقال إنه إذا لم يتجسد هذا الدعم ستصل معاناة الصومال إلى مستوى «كارثي». وقال: «آمل أن تساعده الدول العربية والدول الإفريقية والأعضاء الدائمون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة»، وأضاف: «تفادي ازدواجية المعايير، لا يصح أن يكون لنا هذا الوجود في العراق وأفغانستان ونتجاهل الصومال.. الصومال هو الدولة الوحيدة على الأرض التي لا يوجد فيها وجود دولي فعال.. لا دبلوماسيون ولا منظمات غير حكومية كبيرة، ولا وجود كبير للأمم المتحدة. الناس يستغيثون طالبين ذلك».

والخطر الرئيسي الذي يتهدد الصومال يتمثل في جماعة الشباب التي تضعها الولايات المتحدة في قائمتها للمنظمات الإرهابية. ويسيطر الإسلاميون المتشددون والجماعات المتحالفة معهم على معظم جنوب ووسط الصومال، ويريدون فرض تفسيرهم الصارم للشريعة. ويأمل دبلوماسيون في المنطقة أن ينجح أحمد، وهو أول رئيس إسلامي للصومال، في كسب تأييد الإسلاميين المعتدلين وتهميش جماعة الشباب المتشددة.

وقال مبعوث الأمم المتحدة إنه يشتبه في وجود مسلحين متشددين أجانب في الصومال، لكن هذا لن يتأتى إثباته إلا مع وجود دائم للأمم المتحدة على الأرض. ويرى أن مكاتب الأمم المتحدة المختصة بالصومال، لكن تتخذ من كينيا مقرا لها، يجب أن تنقل إلى الصومال مع توفير إجراءات الأمن المناسبة.

وقال ولد عبد الله إن الأولوية القصوى هي تعزيز بعثة حفظ السلام الصغيرة التابعة للاتحاد الإفريقي في الصومال. وصرح ولد عبد الله بأن العقبة الرئيسية الآن هي التمويل والدعم من جانب الدول الرئيسية في مجلس الأمن، وقال إن تقديم هذا الدعم والتمويل «سيسمح للمجتمع الدولي بأن يتحدث عن أزمة دارفور وزيمبابوي دون ازدواجية المعايير التي تقوض مصداقية الدول الكبرى في مجلس الأمن».